إسرائيل “تتمنّى” استمرار الحرب بسوريّة لأنّ نهايتها ستُؤدّي لتقريب حرب لبنان الثالثة وبروفيسور زيسر يؤكّد: لا يوجد شخص لديه القوّة المطلوبة للتخلّص من الأسد
الناصرة:
ذكرت مصادر إسرائيليّة سياسيّة وأمنيّة رفيعة المُستوى، أنّ الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد، الرجل الذي لم يتوقّع أحد أنّه سيشهد عام 2016، صرحّ في الثالث عشر من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي أنّ قوات الجيش السوريّ عازمة على أنْ تستعيد من جديد كلّ المناطق التي سيطر عليها الإرهابيون.
ولفتت صحيفة (معاريف) العبريّة فإنّ الرئيس الأسد اكتفى بهذه الجملة لكي يُوضح أنّ الحرب بعيدة عن الانتهاء، لكن، أضافت الصحيفة: يُمكن السؤال بحذر: كيف ستنتهي؟ وماذا سيحدث في سوريّة فيما بعد؟
وفي هذا السياق، لا يتوقّع البروفيسور إيال زيسر، إحدى الشخصيات في قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، والذي يُعتبر في إسرائيل الخبير في الشأن السوريّ، لا يتوقع مستقبلًا ورديًا لسكان المنطقة الشمالية في الدولة العبريّة.
وبحسب تقديره، كما قال لصحيفة (معاريف) العبريّة، فإنّه نتيجة انتهاء الحرب الأهلية الحاليّة الدائرة اليوم في سوريّة، ستكون حتمًا اندلاع حربًا أخرى، ولا داعي للتحدث عمّا يمكن فهمه من ذلك. وشدّدّ على أنّ عملية عودة للحياة مكلفة ومطولة، بحسب تعبيره.
صحيحٌ، يزعم المُستشرق الإسرائيليّ في سياق حديثه، أنّه حتى اليوم سوريّة مقسمة لثلاثة أقسام: منطقة يُسيطر عليها النظام السوريّ بقيادة الرئيس د. بشّار الأسد، وأخرى كرديّة، وأخرى ثالثة يُسيطر عليها أْو يتنافس للسيطرة عليها العشرات أو حتى المئات من التنظيمات، بحسب استنتاجاته.
علاوة على ذلك، البروفيسور زيسر يُقدّر أنّه في نهاية المطاف سيبقى الأسد في الحكم. ويقول في هذا السياق: لا يبدو أنّ هناك شخص لديه القوة المطلوبة للتخلّص منه. ويُضيف: من المرجح أنّه سيحكم الجزء الذي يسيطر عليه اليوم، ورويدًا رويدًا سيُسيطر على المناطق التي فقدها، لذلك فإنّ الحرب ستستمر حتى بعد انتهاء الحرب، لكن بشكل مختلف، على حدّ تعبيره.
وكما هو معروف، فإنّ أحد اللاعبين المهمين في الساحة السورية هو تنظيم “الدولة الإسلاميّة”، لكنّ البروفيسور زيسر يعقد أنّ أهميته آخذة في التراجع، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ داعش هزيل الآن في مناطقه، يحتاج أمر قهره لوقتٍ، لكن في حال تعافت العراق وسوريّة كدول فإنهما ستقضيان على داعش.
الآن، تابع المُستشرق، على أيّ حال، داعش لا يعني الأسد، من يهمه هم الآخرين: جبهة النصرة والتنظيمات التي تعمل غرب سوريّة، بحسب تقديراته.
وفيما يتعلق بإعادة إعمار الدولة السوريّة ليس هناك مجال للمضاربة، البروفيسور زيسر يُقدّر أنه بين 70-80 بالمائة من مناطق سوريّة قد تمّ تدميرها. حتى في حال افترضنا بتفاؤل أنّه لن تندلع حربًا، فإنّ الإعمار الكليّ سيحتاج عشرات السنين ويُكلّف مليارات الدولارات، على حدّ قوله.
بالإضافة إلى ذلك، ثمة أمر متوقع أنْ نراه في سوريّة بعد الحرب، وهو تواجد روسي مكثف.
من المتوقع أنّ القوات الروسية ستبقى في القواعد التي بنتها في سوريّة، وستستغل ولادة الدولة الجديدة حسب حاجاتها. وبرأيه فإنّ مصلحتهم هي الشهرة والاستعمار، قال زيسر وأوضح: دولة تكون تحت سيطرتهم، شيء ما لإظهاره أمام الأمريكيين.
وثمة جهة أخرى تُقلق صنّاع القرار في تل أبيب يتعلّق باليوم الذي سيأتي بعد الحرب، وهي الجيش الإسرائيليّ.
وبحسب المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة الرفيعة يُقدّر الجيش أنّه ستبقى بعض التنظيمات المعادية لإسرائيل في منطقة حدود هضبة الجولان، وأولئك الذين يُحاولون تنفيذ أعمال “إرهابية” مثل عمليات وضع عبوات ناسفة أوْ إطلاق صواريخ مضادة للدبابات.
الجنرال افيف كوخافي، قائد لواء الشمال في الجيش الإسرائيليّ، لفتت المصادر، أمر قبل عدّة أشهر الكتائب التي تعمل في المنطقة بالتدرب على هذا السيناريو والاستعداد للقتال على الحدود السوريّة واللبنانيّة.
وفي إطار التدريبات، تابعت المصادر مُتحدّثةً للصحيفة العبريّة، تمّ تزويد المقاتلين الإسرائيليين بمكبرات صوت وبآليات أخرى تسمح بالتواصل مع مواطنين في مناطق القتال. ومن بين عدّة أمور، تابعا، بحثت القيادة أمر كيفية ردّ الجيش الإسرائيليّ على الهجمات الإرهابية في اليوم ما بعد الحرب.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، أشارت المصادر عينها إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ يُقدّر يقدر بأنّ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريّة سيسمح لحزب الله بالتركيز من جديد على إسرائيل، حيث سيعود مقاتلون كثر تابعون لحزب الله إلى جنوب لبنان، وهذه المرة لديهم خبرة عسكرية هائلة وكذلك كثير من العتاد. وخلُصت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة إلى القول إنّ انتهاء الحرب في سوريّة، حسبما يُقدّر مسؤولون كبار في جيش الاحتلال، يُقرّب حرب لبنان الثالثة، على حدّ تعبير المصادر نفسها.
* (عن رأي اليوم - الناصرة)
تعليقات: