مرجعيون -
شمس تشرين الحارقة التي حبست أمطاراً تروي ظمأ أشجار الزيتون المعمّرة في منطقة مرجعيون، جعلتها ترتوي من أطرافها، من ثمارها التي ذبلت وفقدت حيوتها. انحبست أمطار تشرين فجفّت حبّات الزيتون وازداد تعلّقها بالأغصان التي تربطها بأمها الشجرة.
هذه هي حال أشجار الزيتون في منطقة مرجعيون التي حُرمت الأمطار كما باقي المناطق اللبنانية، فانعكست سلباً على الإنتاج الذي تفاوت بين منطقة وأخرى بحسب الطبيعة الجغرافية، وزاد المشكلة أن هذا الموسم بالمفهوم الزراعي ليس موسم "حملان"، الا ان المفارقة التي تلفت النظر فهي أن كمية الزيت المستخرجة فاقت التوقّعات قياساً بالكمّية نفسها من حب الزيتون في العام الماضي.
لا شكّ أنه، وبحسب الخبراء، فإن الامطار لا تؤثّر على كمية الزيت في حبّة الزيتون التي نضجت باكراً هذا العام، الا أنّها تساعد في منح الحبّة بعضاً من الحياة وفي تسهيل عملية القطاف، إضافة الى غسل اشجار الزيتون من غبار الصيف. لذا عمد معظم المزارعين في المنطقة خصوصاً القليعة وديرميماس وكفركلا وغيرها الى قطف الزيتون في هذا الوقت وعدم انتظار الأمطار، وخصوصاً أن بعض المطّلعين يعلمون أن التأخير في القطاف يفسح المجال امام "ذبابة المتوسّط" بإفساد حبّة الزيتون فتصبح معرّضة للأكسدة ما يؤثّر في نوعية الزيت وبالتالي فإن قطافها باكراً يضمن جودة الزيت، علما ان هذه المنطقة معروفة بنوعية زيتها وأنها من الاجود في لبنان بحسب الفحوص المخبرية.
وبعكس بعض المناطق التي تفضّل انتظار هطول الأمطار مثل حاصبيا ومحيطها وابل السقي، فإن اهالي منطقة مرجعيون بدأوا منذ نحو اسبوع قطاف الزيتون فيما تشهد المعاصر الحديثة ومعاصر الحجر زحمة وعملاً متواصلاً لأن المزارعين يعصرون الزيتون في اليوم نفسه وبذلك تبقى نوعية الزيت جيّدة.
يلفت هذا العام تناقص عدد العمال السوريين الذين كانوا في السنوات السابقة يتولّون ورش قطف الزيتون رغم انزعاج الكثيرين بسبب التسعيرة التي يفرضها العامل السوري والتي كانت تراوح بين 30 و35 الف ليرة للشاب وبين 20 و 25 الف للفتاة وساعات العمل المحدودة اي من 8 صباحاً وحى الثانية بعد الظهر فقط بسبب الاجراءات القانونية التي فرضتها وزارة العمل لجهة الحصول على إذن خاص بالعمل، ورغم ذلك فإن التسعيرة ارتفعت هذا العام لتصل الى 40 الف ليرة للشاب و30 الف للفتاة، وبذلك يضطر البعض الى الاستعانة بأفراد العائلة او بعض العمّال اللبنانيين.
الأسعار
تتراوح صفيحة الزيت لهذا العام بوزن 15 كلغ بين 175 ألف و200 الف ليرة بحسب البلدات والقرى ومعدّل سعر كيلو الزيتون خمسة آلاف ليرة، علماً ان كلفة صفيحة الزيت تكلّف نحو ثمانين الف ليرة اذا ما احتسب كيلو الزيت في المعصرة بألف ليرة وسعر الصفيحة فارغة بخمسة آلاف، فضلاً عن كلفة العمل وغيرها... وبفضل شيوع زراعة الزيتون في المنطقة فإن أكثرية المواطنين تكفي حاجتها مع فائض وتجد صعوبة في التصريف.
أحد المزارعين في المنطقة علّق على الموسم الحالي قائلاً: "رغم ان صفيحة الزيت تستحق المئتي الف الا انّه قد لا يكون بمقدور المواطنين شراءها، لذا فيمكن القيام ببعض التسهيلات وتخفيض السعر قليلاً، وذلك بسبب التفاون بنسبة الحملان هذا العام، مشيراً الى ان الاهل والاقارب وحتى طلاب الجامعات يشاركون هذا العام بقطاف الزيتون بسبب عدم توافر اليد العاملة السورية بشكل كاف.
تبقى الاشارة الى ان اهالي المنطقة يعتبرون الزيت بركة في المنازل مهما بلغت نسبة الانتاج، فهي من انتاج ارض الجنوب الخيّرة والطيّبة والمقدّسة.
تعليقات: