حلف دم.. أم حلف هم وغم؟


لقد دأبت حكومات اسرائيل منذ قيام الدولة وبالخصوص من سنة 1956 الى هندسة الطائفة الدرزية ضمن الية حكومية تمكنها ان تستفرد بها وذلك من اجل سياساتها الداخلية والخارجية, فوضعت برنامج خاص يستند الى مشروع ثقافي تربوي تحت مسمى التعليم الدرزي ومن ثم المحاكم الدينية الدرزية, التجنيد الاجباري, الاعياد الدرزية الى ما هنالك من سياسات ارتكزت كلها على مصطلح "حلف الدم" وذلك بنية ايهامنا باننا مجتمع مميز يحظى بسياسة خاصة تفضلنا عن باقي المجتمع العربي في اسرائيل.

لقد بدى من مصطلح "حلف الدم" عقد اتفاق بين الطائفة الدرزية والشعب اليهودي, مبني على مصالح يلتزم بها الجانبان ولكل جانب مطالب خاصة يحافظ عليها كل طرف وكأننا مؤسسه مستقله ذات كيان اجتماعي سياسي وعسكري مستقل.

والحقيقة اننا مجتمع طائفي صغير يعيش في دوله مستقله مثلنا كمثل باقي المواطنين, ومصطلح "حلف الدم" ما هو الا مجرد وهم ليس الا, لان المعاملة مع الطائفة المعروفيه في اسرائيل كانت وما زالت ضمن الحقوق الاساسية التي نص عليها قانون هيئة الامم المتحدة - القانون الدولي والقوانين الأساسية للحكومة والتي تعطي لكل مواطن حق العمل, التعليم التطبيب, الديانة, السكن, والتنقل, اما حقوق الحكم واتخاذ القرارات والقوانين وتقرير السياسات الداخلية والخارجية قرارات الحرب والسلم التخطيط والبناء, التطوير الصناعي, والبحث العلمي وغيرهما, هما من اختصاص الأكثرية الحاكمة, أي الشعب اليهودي, يعني نحن اقليه تعيش في كنف اكثريه والأكثرية هي السائدة وهي التي تقرر للأقليات حقوقها والمطلوب منها في الدولة.

الطائفة الدرزية هي قسم من الاقليات ليست طائفه مميزه وانما التميز اذا وجد هو جعلها مجتمع خنوع يتبع لقيادات هزيلة مشبوهة وهذه القيادات تستمد قواها ودعمها من المؤسسة الحاكمة وليس من ابناء الطائفة انفسهم. للأقليات كما سبق حقوق اساسيه فقط ممنوع ان يكون لهم التأثير على سياسات الدولة في تقرير المصير, من هذا المنطلق اصبح واضحا اننا مجرد سكان املاكنا عرضه لسياسات التخطيط والمصادرة وبيوتنا مهدده بالهدم والشباب يعاني المحاكم والغرامات والسجن. بالمختصر المفيد ليس لنا تأثير على سياسات الدولة واكبر اثبات قتل رئيس الحكومة السابق المرحوم اسحاق رابين لأنه استند على دعم الاعضاء العرب لاتفاق اوسلو, الامر الذي يرفضه اليمين الاسرائيلي ويحاول تجريده من التنفيذ رغم اعتراف العالم بهذه الاتفاقية.

الواقع حلف "الدم" ومن بعده حلف "الحياة" ما هو الا خدعه وسراب جعلنا نعتقد بان الحكومات تحترمنا وتهتم لأمرنا وتحافظ على حقوقنا واملاكنا, اما الحقيقة اننا اكثر الاقليات العربية ضعف ووهن وباتت اراضينا مصادرة وبيوتنا مهدده بالهدم وقرانا متخلفة عن المستوطنات اليهودية بسنوات طويلة في جميع مجالات الحياة, وليست بأفضل من القرى العربية لا بل الكثير من القرى العربية تفوقها تقدما. ولا حراك سوى تبرير لسياسات الاسياد من اجل الكرسي والنفخة والغرور. محاولاتهم اثبات ان لديهم صلاحيات ومقدره لحلول المشاكل والتأثير على قرارات الحكومة, فشل في اول امتحان لهدم بيت السيد رايق سرحان من قرية حرفيش, تبريراتهم للهدم ان البيت يبعد 1500م عن الخط الازرق هو كذب وافتراء لو كان صحيحا لكان البيت على حدود لبنان من لا يعرف فليذهب ويتحقق البيت يبعد 150م من الخط الازرق و1500م من مركز القرية وهناك عشرات البيوت في قرانا خارج الخط الازرق هل هذا مبرر لهدم البيوت؟ التعريف الصحيح الذي يلائم هذه النوعية من القيادات انهم ادوات وهذه الادوات تستعملهم الحكومة لتنفيذ اجنداتها في الطائفة وهم مسؤولون امامها برمجة الطائفة دون تدخل خارجي ارضاء للأسياد.

نحن لا نريد احلاف بل نريد مواطنة حقيقية نحن مواطنين في دوله ديمقراطية تعدديه فيها فصل للسلطات وقوانين محترمه وانسانيه في غالبيتها, نحن نقدم الواجبات ونتشارك المسؤولية المطلوبة كمواطنين دون تردد ولسنا بحاجه الى حلف "دم" لان هذا المصطلح ما هو الا مؤشر للهم والغم ويصورنا كمرتزقة تستغلنا الدولة لمصالحها وسياسة فرق تسد ولا يفيد ولا يميز ابناء الطائفة المعروفية سوى بتضحياتها في الدولة والتي حكوماتها تتجاهلها لا تساعدنا حلول ابسط المشاكل الأساسية.

نحن نعتقد بان الوقت قد حان لتغير الحكومة والكنيست وجميع المؤسسات المؤثرة في الدولة سياستها المجحفة وان تعاملنا كمواطنين صالحين في الدولة وضمن الحقوق التي ينص عليها القانون في اسرائيل. لا نريد منهم ان يتدخلوا في قراراتنا وانتخاب قيادات لنا, نريد ان يتعاملوا معنا كما هو الحال عندهم انفسهم وان نكون شركاء في المسؤولية وان يمكنونا اتخاذ قراراتنا باستقلالية بمعزل عن تأثيرات الامن وغيرهم. لا يعقل ان نستمر بعد 68 سنه من قيام الدولة في هذا الوضع.

لقد حان الوقت لمأسسة الطائفة المعروفيه في اسرائيل ضمن اقامة مراكز قيادية منتخبة ومستقلة وبناء مؤسسات مهنية من مهندسين ومحامين ومراكز ابحاث تتحدى اللجان الحكومية من خلال بحث شامل عن حقيقة الاوضاع التي نعيشها والتي الت اليها هذه الطائفة من تميز واجحاف, لا يعقل ان نبقي رهينه لبعض الشخصيات وان يعاملونا وكأننا قطيع يساق الى المقصلة متى شأوا وكان عهد الوالي والمخثرة لا ينتهي..

* خليل حلبي (المتحدث باسم الجمعية الشعبية في الكرمل)

تعليقات: