قاسم حجيج: الطريق والكهرباء والمياه والمساعدة الشهرية لا تنتج تنمية مستدامة
قاسم حجيج: لسنا الدولة
«بيت حجيج». الأشقاء الستة الأثرياء. البسطاء الجنوبيون الذين غادروا صغاراً الى مجاهل افريقيا لينحتوا في الصخر حتى صاروا من علية القوم. اليوم، ينقسم الناس في توصيفهم: من اصحاب أيادي خير وعطاء، الى اقطاعيين جدد ومالكي الاف الدونمات، الى متهمين بالتعدي على المشاعات. الثابت الوحيد انهم خلف حركة اقتصادية وتغيير طبقي، ليس في مسقط رأسهم دير انطار فحسب، وإنما بالنسبة لكثيرين في لبنان وخارجه... قبل ان يطرأ التطور غير المحسوب، عندما قررت الولايات المتحدة، قبل عام ونصف عام، وضع أحد الأشقاء، قاسم حجيج، على لائحة العقوبات المالية لاتهامه بدعم حزب الله. كما أدرجته السعودية، قبل عام، على لائحة «إرهابية» مع 12 قيادياً ومسؤولاً في حزب الله
يقال عنها «دولة دير انطار»، وفي أقل الأحوال «حكومة دير انطار». توصف بأنها معرض مفتوح للقصور الفخمة والسيارات الفارهة، وانها في حالة اكتفاء في خدمات الطرق والصرف الصحي والكهرباء، ما يجعل النواب والوزارات يحجبون عنها المشاريع والمساعدات لصالح بلدات أخرى.
ما سر تلك البلدة الصغيرة في قضاء بنت جبيل الحدودي المهمش؟
يزيغ البصر يميناً وشمالاً في الطريق إلى دير انطار، من أي ناحية توجهنا إليها. القصور والمحال التجارية تتوالى لتزدحم في المجادل وجويا وحاريص وتبنين وخربة سلم، جاراتها. بعد تقاطع بئر السلاسل على «أوتوستراد» البرج الشمالي ــــ بيت ياحون الذي نفذته الهيئة الإيرانية لإعمار جنوب لبنان بعد عدوان تموز، يرتفع قوس ضخم يرحب بالداخلين إلى نطاق اتحاد بلديات القلعة الذي يضم 12 بلدية من بينها دير انطار. إلى اليمين، لافتة ترحب بالداخلين إلى الدير. «الأوتوستراد» الطويل المؤدي إلى وسط البلدة، يقطعه حاجز وسطي يفصله إلى اتجاهين وإشارات تحدد السرعة القصوى. مرافقنا يشير إلى أن المدخل واحد من المشاريع التي نفذها آل حجيج. هنا «قصر» رئيس البلدية منذ 1998، قاسم حجيج، لم يبق منه سوى السور الخارجي بعدما قصفه العدو الإسرائيلي. وهناك شبكة كهرباء خاصة بمحطة المولدات التي أنشأتها العائلة على نفقتها لمد بعض الأحياء بالكهرباء مجاناً طوال اليوم، قبل أن تصبح محطتين مدتا الكهرباء إلى جميع بيوت البلدة. إدارتها سلمت أخيراً للبلدية التي حددت أسعار الإشتراكات وتجبيها لصالح الصندوق البلدي. بعد الكهرباء، شرعت البلدية منذ سنتين بحفر آبار ارتوازية لجر المياه إلى البيوت. وفي الفترة المقبلة، ينطلق مشروع حفر شبكة للصرف الصحي.
في الطريق، يلفت مبنى غير منجز مؤلف من أربع طبقات رفعت عليه رايات حركة أمل وامتدت الأسلاك الشائكة حول مداخله. يوضح مرافقنا أن «مؤسسة محمد علي حجيج الخيرية» شرعت قبل خمس سنوات بتشييد المبنى لتحويله إلى مستشفى مجاني. لكن المشروع لم يستكمل، لتضع حركة امل يدها عليه بحجة انه قائم على عقار عام.
قبالة مقر الحركة، تمتد الساحة العامة التي تبدو أشبه بملعب ضخم، تنتشر على أطرافه مبنى البلدية والحسينية والمسجد، وكلها شيدها آل حجيج على نفقتهم. كالكثيرين من الأثرياء الجنوبيين، خصصوا الملايين لتشييد ثلاثة دور للعبادة تمتاز بالضخامة والفخامة. يلفت مرافقنا إلى أنهم شيدوا حسينية الحرش في روضة الشهيدين في الغبيري. مسجد الساحة يشتهر بقبته الضخمة التي رفع عليها شعار: «يا مهدي أدركنا». لكن في دير انطار يوحي البعض كأن آل حجيج أدركوا الناس أيضاً. الشبان المتجمعون تحت الشجر المزروع على جنبات الساحة، يستعرضون «فضائل» العائلة. «بدن يشقوا طريق، تعا يا حجيج موّلنا». شيدوا مساكن لذوي الدخل المحدود في البلدة وخصصوا رواتب شهرية للعائلات المعدمة وأصحاب الأمراض. لكن أبرز «فضيلة» يجمع عليها كثيرون، تأمينهم آلاف فرص العمل لمئات الشبان من مسقط رأسهم والجوار، للعمل في مشاريعهم في أفريقيا.
التحرك ميسّر في دير انطار. «آرمات» عند كل مفرق تشير إلى الأحياء الداخلية وتقود إلى البلدات المجاورة. «أوتوسترادات» شبيهة بالمدخل، توصل إلى جويا ومحرونة والمجادل والسلطانية. في مقابلها، «أوتوسترادات» شقّت في انتظار إنجازها توصل إلى حاريص وقانا ومزرعة مشرف. ما سر شبكة الطرق التي يعتبرها البعض مبالغاً فيها؟. قاسم حجيج منذ استلامه البلدية، أحبّ أن يطبق ما رآه في دول العالم الحديثة على بلدته الصغيرة. لم يكتف بالطرق، بل استحدث جسوراً، أحدها يمتد فوقه أوتوستراد بالإتجاهين يحمل اسم والده محمد علي حجيج. وآخر ارتفعت عنده يافطة تشير إلى «إعادة إعمار جسر دير انطار ــــ قانا» الذي قصفه العدو الإسرائيلي في عدوان تموز بتمويل من «مؤسسة محمد علي حجيج الخيرية» وبالتعاون مع بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مياب) المملوك من العائلة ايضا.
«ابو علي»
في الصالون المخملي وسط الجدران المزخرفة وتحت السقف المذهّب، نحاول أن نحزر من هو قاسم حجيج بين الجالسين. الرجل الذي بدأت شهرته بثرائه وانتهت بإدراجه على لائحتي الإرهاب الأميركية والسعودية بسبب دعم حزب الله، غير معروف في الإعلام. جمع الجالسين لا يوحي بأصحاب المليارات. يتحادثون بلهجة مفرطة في جنوبيتها، يتمازحون ويأكلون المجدرة وكبة البندورة. أحدهم يمتاز بعدة هواتف خلوية صفّها بجانبه على الكنبة لا يهدأ رنينها، وبخفّ ينتعله في قدميه. ينادونه «أبو علي». منذ سنوات، انتقل للإقامة الدائمة بين بيروت ودير انطار، لولا رحلات عمل قصيرة تبعده لأيام، يتفقد خلالها مشاريعه في الخارج. قصره وقصر شقيقه محسن والحديقة الضخمة التي تتوسطهما، خاليان من الأهل. أولادهما لا يقصدان البلدة إلا في أيام العطل والمناسبات. كالكثيرين من أبناء الأثرياء، انتزعتهم إما بيروت أو دول العالم.
بعد الترحيب الجنوبي، يسألنا: «شو بدكم تعرفوا؟». لم يعتد القنصل الفخري للغابون في لبنان ورئيس المجلس القاري في الغابون التحدث عن نفسه. منذ طفولته، نظّم دماغه على الحسابات والأرقام والشغل. هو الخامس في ترتيبه بين أشقائه الذكور. على غرار من سبقوه، أدخلهم والدهم، ملاك الأراضي وتاجر الحبوب، إلى كتّاب الشيخ ومدرسة الضيعة الإبتدائية. انتهى تعليم أشقائه مع انتهاء الصفوف في دير انطار، فتوجهوا إلى العمل في بيروت. لكنهم قرروا الإستثمار العلمي بقاسم الذي امتاز باجتهاده. أرسلوه إلى متوسطة جويا لإكمال تعليمه حتى يصبح مهندساً أو طبيباً. في أيام الصحو كان مع سبعة من رفاقه، يروحون ويجيئون سيراً على الأقدام في الوديان بين البلدتين، لأنه لم يكن من طريق لدير انطار. وفي الشتاء، يستأجرون غرفة واحدة للمبيت فيها. فيما كان قاسم يجتهد في المدرسة، كان أشقاؤه يجتهدون في أفريقيا. من الناس في جويا والمجادل، وصلته أخبار شقيقه محسن الذي امتلك دور سينما في نيجيريا وحقق ثراء. قبل محسن، سافر حسين عام 1958 إلى ليبيا ثم السنغال ونيجيريا. لحق به حسن ثم محسن. تواصلهم مع ذويهم كان يقتصر على الرسائل المكتوبة وبعض الهدايا التي يرسلونها مع العائدين بشكل دوري. يتوقف «أبو علي» عند رسالة من محسن أرسلها مع سيدة من جويا، تقيم في نيجيريا.
يختنق بغصته كلما استعادها. سرد فيها قصة نجاحه، طالباً من والديه أن يتوقفا عن العمل ويرتاحا (الوالدة كانت تداوي بالأعشاب) بعد أن تحسنت أحواله. اختتمها بوصية حازمة: «لا تسول نفس قاسم له بأن يترك المدرسة».
لم يتأثر الشقيق الصغير بوصية شقيقه الثري. نجاح الأخير ومظاهر الثراء في جويا، أغرت الفتى بالهوى الأفريقي. «جويا كلها سيارات أميركاني ومرسيدس. نسأل أنفسنا شو قاعدين نعمل هون في المدرسة وهؤلاء الأثرياء لم يتعلموا اصلا، وبعض الرفقة من أبناء جويا كانوا يرسبون من دون مبالاة. لماذا؟. لأنهم ناطرين الفيزا على افريقيا» يقول حجيج.
لم تعد البلدة المعزولة والفقيرة تسع الفتى الطائر. مع ابن خالته مصطفى وصديقه محسن، بدأ بالتخطيط للسفر إلى الكونغو عبر أفريقيا الوسطى. لماذا هذان البلدان تحديداً؟. رئيس أفريقيا الوسطى حينذاك، حضر إلى لبنان بداية السبعينيات وأعلن أن دولته مفتوحة للبنانيين للعمل والإقامة. أراد الثلاثة أن يستفيدوا من تسهيلات أفريقيا الوسطى لينتقلوا منها إلى الكونغو. «الأخيرة أرض خصبة للعمل بحسب الدراسة الإقتصادية والجغرافية والبشرية التي سهروا الليالي لوضعها». اتفق الثلاثة على السفر سراً بسبب معارضة الأهل. تراجع مصطفى ومحسن في اللحظة الأخيرة. سافر قاسم وحده إلى مصر للحصول على تأشيرة، لأن لا سفارة لأفريقيا الوسطى في بيروت حينذاك. في القاهرة، تمكن من الحصول على تأشيرة دخول إلى نيجيريا. لم يجد طائرة للسفر في اليوم ذاته، فعاد إلى لبنان. لم يرضخ ابن السبعة عشر عاماً لمناشدة والديه بعدم السفر. قاده طموحه إلى نيجيريا. بداية، رفض أشقاؤه ضمه إلى أشغالهم عقاباً له.
عاونهم في دور السينما وشؤون مصرفية قبل أن ينتقل معهم إلى الغابون حيث عملوا في التجارة والمقاولات ثم تمددوا إلى غينيا الإستوائية والكونغو (شقيقه الأكبر حسن عميد الجالية في الغابون وشقيقه محسن رئيس المجلس القاري في الكونغو برازافيل والقنصل الفخري للبنان في الكونغو وشغل منصب نائب رئيس الجامعة الثقافية في العالم).
منذ السبعينيات، ظلت الكتلة الإقتصادية للأشقاء الستة موحدة من الغابون والكونغو وغينيا إلى لبنان. هنا، أسسوا بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مياب) الذي آلت ملكيته إلى قاسم عام 2010. أعادوا افتتاح فندق «الكورال بيتش» وأنشأوا مؤسسات خدماتية وعقارية عدة. «أبو علي» وسع مقاولاته وفروع مصرفه إلى العراق. إلا أن إدراجه على لائحة العقوبات الأميركية دفعه إلى إعادة هيكلة منظومته الإقتصادية لكي لا يضر بمصالح أشقائه. نقل إلى نجله رئاسة مجلس إدارة المصرف واقتسم العقارات بينه وبين أشقائه.
ما الذي يمنع من إنشاء معامل ومشاريع تشغيلية تبقي الناس في أرضهم وفق معادلة «علمه الصيد ولا تعطه سمكة كل يوم»؟. وما الذي يعيق زراعة جزء من الأراضي التي يملكونها وتشغيل المزارعين فيها، كما كان يفعل الوالد محمد علي حجيج منذ الأربعينيات؟.
يهب «أبو علي» للدفاع عما قدمته العائلة لصالح الجنوبيين عموماً. إعادة تشييد ستة جسور بعد عدوان تموز ووضع ثلاث عقارات في مدينة صور بتصرف البلدية لتحويلها مواقف عمومية للسيارات ودعم مراكز الجيش في الجنوب. فضلاً عن مشاريع المسؤولية الإجتماعية المعلنة والسرية. وافق على طلب فاعليات دير انطار ترؤس المجلس البلدي عام 1998، «للإحاطة أكثر بحاجيات البلدة على كافة الصعد». يؤكد أن معظم المشاريع والخدمات تمولها العائلة. الوزارات والنواب «إما يجدوننا لا نحتاج لمساعداتهم أو يحجبونها لأسباب سياسية».
«نحن لسنا الدولة» يقول. مع ذلك، بادروا إلى تنفيذ شبكة طرقات غير مألوفة في بلدة صغيرة تعويضاً عن العزلة التي كانت تعانيها دير انطار لعقود قبل أن تشق الطريق إلى مدخلها في الستينيات. في وقت كان الجنوب يعاني من انقطاع للكهرباء والمياه، كانت دير انطار مكتفية. يقر بأن الطريق والكهرباء والمياه والمساعدة الشهرية لا تنتج تنمية مستدامة. لذا، شرع مع أشقائه قبل خمس سنوات بتشييد مستشفى مجاني يغني الأهالي عن التوجه إلى مستشفيي تبنين وبنت جبيل الحكوميين اللذين لا تتوافر فيها خدمات حديثة. بحسب حجيج، «استعانوا بمستشفيي الجامعة الأميركية والروم في بيروت، لوضع مخطط لمستشفى حديث يضم 28 سريراً ومختبرات وغرف عمليات وأجهزة حديثة وصيدلية وسيارتي إسعاف، عملاً بوصية والدهم.
حسن حجيج المسؤول عن المؤسسة الخيرية توافق مع فاعليات البلدة على تشييده مكان المستوصف القديم الذي بني قبل عقود كمدرسة ابتدائية على أرض تابعة للوقف الخيري. وتركت بعد دفع بدل اخلاء بقيمة عشرة آلاف دولار». لماذا لم يبصر النور؟.»قبيل إنجازه، قام عناصر أمل باحتلاله ومنعوا استكمال المشروع وحولوه إلى مقر للشعبة». لماذا؟. يلمح حجيج. إلى أن «قوى سياسية عطلت المشروع التنموي لكي لا نصنع زعامة وقاعدة شعبية تواجههم».
التغيير الطبقي
يوجد في دير انطار غير «بيت حجيج». كثير من البيوت والسيارات الفارهة والملكيات، فضلها لسواهم أيضاً. ينقل عن كبار السن أن البلدة الزراعية الفقيرة عرفت الهجرة منذ نهاية القرن التاسع عشر. تسللت الرغبة بتحسين المعيشة من الجارة جويا. بعض أبنائها الذين عرفوا بتبييض النحاس، قادتهم حرفتهم إلى المشرق العربي حتى تركيا ومنها إلى العالم. من دير انطار، هاجروا إلى أميركا الجنوبية. منهم من يشغل الآن منصب رئيس بلدية في البرازيل. وآخر مفقود أثره يبحث عنه أقرباؤه لتسوية ملكية أرض ورثوها عن أجدادهم. لفنزويلا والأرجنتين وحتى إيطاليا حصة في دير انطار التي لم يعد إليها معظمهم. الهوى الأفريقي وصل إليها في الثلاثينيات والأربعينيات. تنقلوا بين دول عدة من السنغال حتى الكونغو. أكثر من برز منهم في التجارة آل نصر الدين وعبد الرضا حجيج الذي «سفّر» أبناءه وأشقاءه وبعض أقربائه إلى أفريقيا. بعد سنوات، برز من آل حجيج، أبناء محمد علي حجيج الستة. هؤلاء «سفّروا» المئات من بلدتهم والجوار بعد توسع امبراطوريتهم الإقتصادية في التجارة والمقاولات.
فرض المتمولون تغييراً طبقياً في بلدتهم. الفلاحون ارتقوا إلى ملاكين والبيوت المتواضعة صارت قصوراً. دير انطار دخلت إلى نادي القصور الجنوبية المتميزة بسبب الأشقاء الستة. ومن حولهم انتشرت فيلات صغيرة وبيوت حديثة شيدها موظفون ذاقوا «نعيم حجيج» بحسب الأهالي.
يشير قاسم حجيج إلى أنهم بدأوا منذ عام 1974 يستقدمون الشبان للعمل معهم في أفريقيا. «آلاف من دير انطار والجنوب والمناطق انضموا إلى مشاريعنا في أفريقيا. أما في لبنان، فتوفر فروع المصرف العشرون (فرعان قيد الإفتتاح قريباً) فرص عمل لحوالي 300 شخص. وفي الفندق، هناك أكثر من 300 آخرين. فيما يبلغ إجمالي الموظفين في باقي المشاريع حوالي 400». يأسف حجيج لأنهم اضطروا إلى الإستغناء عن عشرات الشبان في أفريقيا في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الإقتصادية في القارة السمراء. يؤكد أنه وأشقاءه ساعدوا المصروفين في تأمين فرص عمل بديلة في دول اغترابهم.
لعنة الأرض
ارتبط صيت «بيت حجيج» في لبنان بشراء الأراضي في الجنوب والضاحية الجنوبية وبيروت. يقدمهم البعض كحيتان ابتلعت الأخضر واليابس. ما السر في امتلاك آلاف الدونمات؟. « اثنان لا يشبعان طالب علم وطالب مال». يستطرد قائلاً :»شو منعمل بالمصاري؟» يتساءل حجيح. يوضح أن هواية الوالد منذ ما قبل 1948 شراء الأراضي ليزرعها بالمحاصيل التي كان يتاجر فيها. الهواية انتقلت للأبناء الذين اختاروا عقارات متميزة في بيروت والرملة البيضاء والروشة وصور، شيدوا على بعضها مباني ومشاريع واحتفظوا ببعضها الآخر. يؤكد ان الهواية استفاد منها الكثيرون. أنتجت حركة اقتصادية. كثرت العروض من أصحاب الأراضي في دير انطار وسواها، سواء من أصحاب الحاجة إلى سيولة مالية أو استفادة من الأسعار العالية التي يشتري بها حجيج. يقر بأن البعض استغل قدرتهم المالية، فضاعف سعر أرضه. منهم من كانت عقاراتهم تقع ضمن مخطط طريق أو شبكة كهرباء يستدعي من البلدية استملاكها.
في السنوات الأخيرة، انحسرت «الشراهة» على امتلاك الأراضي بسبب الأزمة المالية في أفريقيا. تملك العائلة مئات الدونمات في المناطق. حجيج يحفظ مواقعها ومساحاتها بالتفصيل. نعمة الأرض تحولت إلى لعنة بينهم وبين البلدات المجاورة. نشبت نزاعات قضائية بين العائلة وبلدية السلطانية من جهة وبينهم وبين أفراد من محرونة وكفر دونين من جهة أخرى. حالياً، ينظر القضاء في ملف السلطانية بعد تسوية النزاعات الأخرى. البلدية السابقة رفعت ضدهم شكوى بالتعدي على مشاعات البلدة وهم يملكون 400 دونم فيها. الدعوى صارت دعاوى متبادلة بين الطرفين اللذين يتبادلان الاتهامات بالتعدي
تعليقات: