النائب عاصم قانصو
يتخبط حزب البعث العربي الاشتراكي في ازماته الداخلية، وهو منذ اكثر من عامين يمر بانقسامات، وتديره ثلاث قيادات قطرية، اي ثلاثة امناء قطريين لثلاثة احزاب، ترفع شعار «امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، وهو كما غيره من الاحزاب، التي تدور صراعات داخلها، وكلها على السلطة، وعلى المكاسب والمغانم، التي تجنيها قيادات الاحزاب، من تولي رئاستها، او تكون في موقع قيادي نافذ فيها.
والازمة داخل حزب البعث، بدأت عندما اقالت القيادة القومية للحزب في سوريا، الامين القطري في لبنان فايز شكر، وعينت معين غازي مكانه، فرفض شكر القرار واستمر في ممارسة مهامه، وبات الحزب منقسماً بين قيادتين قطريتين اولى برئاسة غازي المعترف به من النظام في سوريا، وثانية برئاسة شكر الذي لم يمتثل طلب اللجنة التي كلفتا القيادة القومية، تنفيذ القرار وتمرد عليه، ولم يسلم مبنى القيادة القطرية في رأس النبع، وحاول عقد مؤتمر للحزب في فندق «ماريوت» سابقاً في منطقة الجناح، الا ان القضاء اللبناني منعه، في وقت لم يتحرك الامين القطري غازي، لعقد مؤتمر، فأوقع الحزب في جمود، وتدخل السفير السوري علي عبد الكريم العلي لفض هذا الخلاف، فجمع الطرفين في السفارة، واتفقا على عقد لقاء في مقر الحزب في رأس النبع، لانتخاب قيادة جديدة، مع تخلي كل من شكر وغازي عن منصبيهما، وهذا ما حصل، وانتخب سهيل القصار اميناً قطرياً، في وقت كان النائب عاصم قانصو يعقد مؤتمراً في فندق «كراون ـ بلازا» في الحمراء، وينتخب هو امينا قطرياً، ولم ينجح السفير السوري في توحيد الحزبين.
هذه التطورات لم تنته هنا تقول مصادر حزبية، لا بل ان القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا، برئاسة هلال هلال، استدعت القصار واعضاء من القيادة في لبنان الى دمشق، قبل اشهر، وحضر الاجتماع السفير السوري في لبنان، والذي انتهى الى تعيين نعمان شلق اميناً قطرياً للحزب، الا ان القصار وبعد عودته الى بيروت، اعتبر ان ما حصل كان خارجا عن ارادته، وهو كان مرغماً على القبول بذلك، وهذا ما دفع بالقيادتين القطريتين برئاسة قانصو والقصار، الى ان يلتقيا على رفض تعيين شلق ووضع خلافاتهما جانباً، والعمل على توحيد الحزبين وتشكلت لجنة ضمت كلاً من سهيل القصار وعلي المقداد ومحمد تامر وأسد سويد وأكرم يونس وتويق الضيقة، وخرج منها واصف شرارة ورائف صوفان، حيث تسعى الى عقد مؤتمر للحزب، تكرس وحدته، وتكون له انطلاقة جديدة على الساحة اللبنانية، وفق مصادر في اللجنة، التي اشارت الى انه كان حُدد موعد للمؤتمر في خلال هذا الشهر، لكن تم التريث بالاعلان عنه، حتى استكمال المشاورات والاتصالات، لا سيما مع السفير السوري، كي ينضم ممثلون عن الحزب الذي يرأسه شلق، وقامت لجنة وبمسعى من النائب قانصو، وضمت كلاً من شرارة وصوفان ويونس، والتقت السفير العلي، لكنها لم تحصل منه على جواب ايجابي، بل كان رده ان القيادة الشرعية هي مع شلق، ومن يريد وحدة الحزب يلتحق به، ولم يسر هذا الجواب، اللجنة العاملة لوحدة البعثيين، وقررت ان تتريث في الدعوة للمؤتمر، بانتظار المساعي لجمع كل الاطراف في مؤتمر واحد.
ويبدو ان السفير السوري يشكل عقبة في هذا المجال، وفق المصادر، التي تشير الى انه من سعى لتأمين زيارة لوفد من حزب البعث ضم شلق ونبيل قانصو، الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لاظهار ان الشرعية تتمثل به، كما انه يضغط على الاحزاب لمقاطعة اي نشاط للحزب الاخر سواء برئاسة قانصو او القصار، وهو تمنى على «حزب الله» وحركة «امل» عدم حضور مهرجان «يوم الشهيد البعثي» في بنت جبيل، وهذا ما حصل.
ومع رفض السفير السوري، انعقاد اي مؤتمر خارج شرعية قيادة شلق، فان المصادر تؤكد ان جسم الحزب موجود بنسبة 80 و90% عند قيادتي البعثين برئاسة قانصو والقصار، وان الدعوة الى مؤتمر يوحد الحزب، كان سيكون هدية لسوريا وجيشها ونظامها للانتصار الذي تحقق في حلب، وهو ما لم يحصل، ولكن لا يعني ذلك، ان تتوقف المساعي، ولا بدّ ان تذلل، ولن ينقطع الاتصال بالسفير السوري، ولا بالقيادة في سوريا للم شمل البعثيين.
وفي المقابل، فان رئيس مكتب التنظيم محمد القواص في الحزب الذي يرأسه شلق، يعتبر ان ما تقوم به اللجنة، يمكن وصفه بالتسلية، وان عضوين فيها هما واصف شرارة ورائف صوفان استقالا منها، وان لا شرعية للتنظيمين برئاسة قانصو والقصار، ولا اعتراف بهما من القيادة السورية، التي رفضت حضور اي ممثل عنهما الى سوريا، بمن فيهم النائب قانصو وايضاً الوزير السابق فايز شكر.
ويكشف القواص أن مكتب التنظيم الذي يترأسه بدأ اعداد دراسة لما يسمى «تثبيت الذاتية»، لمعرفة الاعضاء العاملين في الحزب والذين كانوا يقدرون بحوالى 12 الفا، ومن خلال الدراسة قد يتبين وجود او بقاء 2000 عامل في الحزب، وسيتم تنظيم هؤلاء، تمهيداً لعقد مؤتمر للحزب في نهاية العام الحالي 2017، وهو ما حصل في سوريا، اذ ان ما بين 3 ملايين بعثي مسجلين، ظهر ان 700 الف منهم عاملون.
فالمؤتمر الذي سيعقد، هو من تنظمه القيادة القطرية برئاسة شلق، وان من لا يلتزم بقرار القيادة، سيعتبر عمله تخريبياً، وان قرارات بالطرد ستصدر وستعمم على وسائل الاعلام، وستطال قياديين سابقين، وسيثتثنى عاصم قانصو من بينهم.
وكشف القواص عن ان الصراع هو على من يمتلك مبنى القيادة القطرية في رأس النبع، وهو ابتزاز مادي من قبل الطرف الآخر، حيث استقدم شكر مجموعة مسلحة من مخيم برج البراجنة ووضعها فيه للحراسة، اضافة الى مرافقين معه، من اجل وضع اليد على المبنى، حيث اجرينا فصلا بين المبنى وازمة الحزب، والذي سيستعاد في الوقت المناسب.
وهكذا يمضي حزب البعث متخبطاً في ازماته، كما احزاب اخرى، وهو ما يضعفها، في ظل ازمة وجود تعيشها سوريا كما لبنان والعالم العربي، في مواجهة الارهاب التكفيري، الذي يوازي الارهاب الصهيوني.
السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم العلي
تعليقات: