شرطة الاحتلال هدمت منازل الفلسطينيين بحجة عدم وجود رخص لبنائها (ا ف ب)
تصاعدت الاحتجاجات الفلسطينية داخل أراضي عام 48، الخميس، لتصل ذروتها إلى الإضراب الشامل، والحداد العام، وذلك في أعقاب جريمتي القتل والهدم اللتين نفذتهما سلطات الاحتلال الإسرائيلية، الأربعاء، في قرية أم الحيران في النقب.
وعززت القرارات الأخيرة التي صدرت عن لجنة المتابعة لـ"الجماهير العربية" في أراضي 48، وما رافقها من تظاهرات احتجاجية جرت في مناطق متعددة وستجري لاحقاً، مروراً بتفعيل قضيتهم على الساحة الدولية، ضمن خطوات متصاعدة تحددها المستجدات القادمة، الرؤية المطالبة بضرورة إعادة النظر في كافة الأشكال النضالية، في وجه تنامي "الفاشية" الإسرائيلية واستهداف الوجود العربي غير المسبوق في المنطقة. وشددت لجنة المتابعة على ضرورة التحشيد لتظاهرة مركزية، السبت المقبل، في وادي عارة في منطقة المثلث، داخل الخط الاخضر، ضد جريمة أم الحيران وما يجري ضد فلسطينيي ال48. كما أكدت على تنظيم "مسيرة السيارات" من قلنسوة إلى مقر الحكومة الإسرائيلية في القدس المحتلة، منتصف الأسبوع المقبل، حيث ستُغلق الطريق المذكورة، بالإضافة إلى تلويح بإجراءات أخرى.
وتعالت الأصوات الداعية إلى اعتبار ما جرى في أم الحيران بمثابة الشرارة لصياغة نهج جديد للتصدي للسياسة الإسرائيلية بحق المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر، انطلاقاً من عدم نجاعة كل الوسائل السابقة التي لم تكن رادعة للاحتلال.
وبالتركيز على "معادلة النقب المَنسية"، فإن اسرائيل كثفت من عمليات هدم المساكن في قرية أم الحيران على دفعات؛ تهدم بين الفينة والأخرى مجموعة من المساكن، بما يُمكنها من هدم جميع البيوت فيها خلال فترة قصيرة، تمهيداً لاقتلاع القرية وإقامة مستوطنة يهودية تحت اسم حيران.
رئيس المجلس الإقليمي للقرى النقبية غير المُعترف بها عطية الاعسم، قال لـ"المدن"، إن ما جرى في القرية "يندرج في إطار الاستهداف المستمر من قبل السلطات الإسرائيلية لأهلنا في ام الحيران وكل المجتمع الفلسطيني في الداخل منذ سنوات"، موضحاً أن هذه القرية تعد واحدة من أصل 46 قرية غير معترف بها في النقب، ويريد الاحتلال هدمها.
وتأوي قرية أم الحيران المقامة على مساحة تُقدر بـ700 دونم، نحو 300 فرد بعد أن اضطرت عائلاتهم إلى السكن فيها قبل ستين عاماً في اعقاب تهجيرهم قسراً على يد الحُكم العسكري الإحتلالي من أراضيهم الأصلية الواقعة في منطقة النقب، والتي أُقيم عليها "كيبوتسات" لصالح الإسرائيليين. وقال الاحتلال للسكان المُهجرين آنذاك "هذه الاراضي هي البديلة لسكنهم"، بيد أنّ اسرائيل تريد الآن ترحيلهم مجدداً، لإقامة مستوطنة إسرائيلية على انقاضها، بعد هدم أم الحيران وتهجير ساكنيها.
ويبلغ تعداد سكان القرى الستة والأربعين غير المُعترف بها اسرائيلياً في النقب، قرابة 136 ألف مواطن عربي، بحسب التعداد السكاني لعام 2015. وتكشف عمليات البحث عمّا يجول في خاطر اسرائيل أن الهدف غير المُعلن من عمليات الهدم المستمرة لهذه القرى، بحجة البناء من دون ترخيص وتنظيم البناء، يتجلّى في مواجهة "القنبلة الديموغرافية الفلسطينية"، فتحرص اسرائيل جاهدة على منع تزايد أعداد السكان العرب في هذه المنطقة، الواقعة جنوب فلسطين، إذ تخشى من أكثرية عربية تطغى على "الغلبة السكانية اليهودية"، الأمر الذي يدفعها إلى منع سكان النقب من بناء البيوت وتوسيع المساحات للقرى العربية بشكل يضمن تركز الوجود العربي في حيز سكاني ضيق من الأرض.
واطلعت "المدن" على احصاءات تُظهر أن عدد السكان الفلسطينيين البالغ قرابة ربع مليون في صحراء النقب المحتلة عام 1948، يُشكل ثلث المجموع الكلي للسكان في هذه المنطقة، حيث يُمثل اليهود أغلبية السكان عُنوةً. مع الإشارة إلى أن "الحركة الصهيونية" قبل قيام اسرائيل، كانت تروج أمام الرأي العام الغربي، بأن "فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وكانت تستند في زعمها آنذاك على صور وخرائط لصحراء النقب البدوية، على أساس أنها تعكس الواقع لمجمل فلسطين كما لو انها عبارة عن مساحة فارغة لا يوجد فيها الا عدد قليل من السكان البدو.
وبالنظر إلى مُجمل مناطق ال 48 التي تشمل النقب أيضاً، فإن التهديد الإسرائيلي يطال 53 ألف منزل تصفها اسرائيل بغير القانونية، وفي حال اقدمت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هدم هذا العدد، يعني أن ربع مليون فلسطيني سيشردون.
ورصدت "المدن" أرقاماً من جهات بحثية متخصصة داخل الخط الأخضر، تشير إلى أن نحو 93 ألف بيت إسرائيلي تم انشاؤه من دون ترخيص، غير أنّ السلطات الإسرائيلية لا تفعل شيئاً ضد هذه البيوت، وإن فعلت فإنها تتعامل بطريقة "ناعمة" مع اليهود المخالفين وتوفر لهم بدائل، فيما هي تُمعن في المقابل بملاحقة المساكن والقرى الفلسطينية بحجة تنظيم البناء، رغم أنها تُقام على أراضٍ خاصة.
ووصل عدد التجمعات والقرى السكنية اليهودية، التي أُنشئت منذ تأسيس قيام إسرائيل، وإلى اليوم، الى أكثر من 750 تجمعاً سكنياً، موزعة بين مستوطنات، وبلدات، ومدن، يُقابلها العدد صفر للفلسطينيين داخل الخط الأخضر. ومن ذلك، فإن اسرائيل تقوم بعملية سطو كبيرة بحق فلسطينيي ال48، ومناطق عيشهم، لكن تحت غطاء تطبيق "القانون"، بينما هي لا تطبق القانون ذاته على نفسها.
* المصدر: - المدن، - سكاي نيوز
تعليقات: