تجار يستوردون أجهزة منزلية كانت متوجهة إلى مراكز التلف فيقومون بإجراء بعض التصليحات عليها ويبيعونها إلى المستهلكين اللبنانيين

بسام الفرن
بسام الفرن


• جهات تهدّدنا لتخفيف رقابتنا على الواردات

• مقولة أننا نؤخر البضائع في المرفأ كاذبة

اكتشف رئيس معهد البحوث الصناعية بسام الفرن خلال فترة ولايته، أن بعض التجار يستوردون أجهزة منزلية كانت متوجهة إلى مراكز التلف في دول أخرى فيقومون بإجراء بعض التصليحات عليها، لتظهر كأنها جديدة، ويبيعونها إلى المستهلكين اللبنانيين، مشدداً على أن المعهد لن يسمح بدخول هذه الأجهزة إلى لبنان... فهل هذا الموقف، الذي يبدو غريباً في بلد الفساد، هو سبب الحملة التي تطال المعهد لخفض الرقابة على الواردات؟

يؤكد رئيس معهد البحوث الصناعية بسام الفرن، أن جميع الجهات التي تهاجم عمل المعهد، وخصوصاً في مرفأ بيروت، هم من أصحاب المنفعة، مشدداً على أن كل من يقول إن آليات المعهد الرقابية تؤخر خروج البضائع من المرفأ، وتؤثر سلباً على عمل الأخير، هي مقولة كاذبة، ومطلقوها يتجنّون على المعهد، لافتاً في مقابلة مع «الأخبار» إلى «أننا أقوياء لمواجهة الجميع ولن نتأثر بأية ضغوط سياسية أو غير سياسية». مشيراً إلى أنه تعرض للتهديدات المباشرة وغير المباشرة أكثر من مرة، لكنه لن يمتثل، معتبراً أن تبنّي مجلس الوزراء توصية بنشر موظفي المعهد على كل المعابر الحدودية، غريبة، لكون موظفي المعهد موجودين على المعابر منذ أربع سنوات، كما أنها تتناقض مع «رفضهم توسيع مكتبنا في مرفأ بيروت ولو بغرفة اضافية»!

وهذا نص المقابلة:

مساهمة الدولة على الورق

• هل هناك ميزانية حكومية ملحوظة لتنمية المعهد؟

ـــــ من المهم أن نعرف أن حجم العمل في المعهد يرتبط بما يجب أن تقدمه الدولة، فقد كانت مساهمة الدولة 80 في المئة من مجموع المساهمات في المعهد، لكن في السنوات الأخيرة، على الرغم من أن نشاطاتنا ازدادت كثيراً وتطور عدد الموظفين في عشر سنوات من 15 الى 125 موظفاً، فإن حجم مساهمة الدولة لا يذكر وهي ضمن موازنة وزارة الصناعة، كذلك هذه المساهمة موجودة على الورق ولم نتسلم أي جزء منها منذ عام 2002.

• في ظل هذا الشح المالي كيف يستمر المعهد ويتطور؟

ـــــ لقد وضعنا استراتيجية في المعهد، توصلنا إلى حد الاكتفاء الذاتي عبر تأمين مصاريفنا التشغيلية، وهذا لا يعني أننا لا نحتاج إلى مساهمة الدولة التي من الممكن أن تغطي لنا الشق التطويري للمعهد والأبحاث. استطعنا تخطي هذه المشكلة عبر علاقاتنا مع المؤسسات والمنظمات الدولية لتجهيز عدد من المختبرات في المعهد.

ارتفاع بدل الخدمات

• كم من المفترض أن تكون موازنة المعهد للعمل من دون مساهمات خارجية؟

ـــــ وفق الاستراتيجية التي وضعناها في السنوات الخمس الماضية، فإن حجم الموازنة يجب أن يكون مليوني دولار سنوياً بالحد الأدنى، لكي يتم تطوير المعهد وفتح آفاق جديدة امامه، وأن يكون هناك اعتماد دولي لمختبرات إضافية.

• هل إهمال المعهد يأتي في إطار إهمال القطاعات وضمن الإجحاف اللاحق بالقطاع الصناعي؟

ــــ إن كلمة إجحاف كبيرة جداً، إذ إن القطاع الصناعي يحتاج إلى مساعدة، ولا نستطيع القول إن القطاع مهمل، لكننا تابع القطاع الصناعي ونساعده بغض النظر عن سياسات الدولة. إذ ثمّة العديد من المطالب المحقة للصناعيين، لكن عدم تلبية هذه المطالب يرتبط بوضع عام في البلد، وأنا أتفهم أن الأكلاف الإنتاجية مرتفعة في لبنان، لكن الدولة غير قادرة على تغطية فارق الأسعار. وهنا أشدد أن مشكلة القطاع ليست فقط أكلاف إنتاج مرتفعة إذ إن معظم الصناعات التي تعاني مشكلة هي التي تعتمد على الطاقة المكثفة، اما الصناعات الأخرى فتحتاج الى مساعدة أخرى منها إلغاء الرسوم على المواد الأولية، وإجراء خفوض ضريبية، واسترداد الضريبة على القيمة المضافة على السلع المستوردة، وهذا لا يلغي أبداً حقيقة وجود صناعات عديدة في لبنان قادرة على المنافسة.

• يشكو الصناعيون من بدل الخدمة المرتفعة التي يفرضها المعهد، لماذا؟

ـــــ لا خدمة مجانية، ومن يشكُ من أن خدماتنا مرتفعة الثمن، فليعلم أن هذه الخدمات تقدم له بكلفة مخفوضة جداً، إذ ثمّة بروتوكول مع جمعية الصناعيين يقدم للصناعيين المنتسبين الى الجمعية خدمات بأسعار مخفوضة بنسبة 50 في المئة، ونحن نغطي العجز بمواضيع اخرى، كما أن أسعارنا لم تتغير منذ 15 عاماً، ونحن الجهة الوحيدة في لبنان التي يتمّ اعتماد مختبراتها في 140 دولة في العالم، ومن يأخذ شهادة من المعهد ليس كمن يأخذ شهادة من مختبر «تحت الدرج».

الالتزام بالنوعية

• ما هو مدى التزام الصناعي اللبناني بمعايير الجودة والنوعية؟

ـــــ الصناعي اللبناني مقتنع ويعرف أهمية النوعية في السلع، فنحن لا نستطيع منافسة الصناعات الصينية الخفيفة النوعية، لكن صناعتنا قادرة على غزو أسواق عالمية بفضل اعتماد معايير النوعية. ويجب أن نعرف أن المواصفات والمعايير تختلف بين دولة وأخرى، وهذا ما يزيد التعقيد في تصدير السلع الى الدول. ورغم ذلك ارتفع حجم الصادرات الصناعية بنسب كبيرة، وحالات رفض دخول السلع المصدرة الى الدول انخفضت كثيراً.

• ماذا عن نوعية السلع الواردة الى لبنان؟

ـــــ هناك ثلاثة أنواع من السلع التي تدخل إلى السوق اللبنانية، حيث ثمة سلع لا تملك أية مواصفات، وسلع فيها قواعد تقنية صادرة عن وزارات تحدد صلاحيات اللحوم أو سلع أخرى، أما الشق الثالث فهو يتعلق بالمواصفات اللبنانية، إذ خلال السنوات الخمس الماضية أصبح لدينا نحو 120 مواصفة قياسية، وقسم كبير منها أصبحت مواصفات الزامية عبر مراسيم من مجلس الوزراء. منها لعب الأطفال والأجهزة الكهربائية، ومواد البناء... وهناك مواصفات لا يمكن غير المعهد أن يراقبها، ومواصفات الزامية منها المواد الغذائية، يتدخل في مراقبتها اضافة إلى المعهد وزارة الصحة ومعهد الأبحاث الزراعية التابع لوزارة الزراعة. هنا نwwعمل فقط مثل مختبر، والقرار لا يكون ملكنا. وفي المواصفات التي تدخل ضمن صلاحياتنا فنحن «لا نمزح» والصرخة ارتفعت ضدنا لأننا صارمون جداً في مراقبة المواصفات، أما في المواصفات الأخرى فلا نعرف ماذا يحدث.

• ما هي نسبة غير الملتزمين بالمواصفات هذا العام؟

ـــــــــ في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام رُفض 723 ملفاً غير مطابق للمواصفات من أصل 4 آلاف ملف. وهذا عدد ضئيل جداً، ولدينا تطور نوعي، إذ لا نرفض السلعة بحد ذاتها، بل ننظر الى التوضيب ونرفض الكاتالوج المكتوب بالصيني أو غيره، ونطلب من المستورد تصحيح هذه السلع في مستودعات التاجر قبل دخولها الى السوق اللبنانية.

تهديدات... ومرفأ بيروت

• هل يوجد تهديدات تطالكم؟ وهل يوجد جهات سياسية تقوم بذلك؟

ـــــ طبعاً، هناك الكثير من التهديدات التي تطالنا من جهات متعددة لكننا لا نمتثل، إذ ثمة تهديدات مباشرة وعبر الهاتف، وحاولوا تنفيذ بعضها لكنهم لم يوفّقوا.

• هل تدخل الشكاوى التي أطلقها مرفأ بيروت حول تأخيركم إمرار البضائع في إطار التهويلات؟

ـــــ لا أعرف، وأتمنى إن كان أحد يتعرض للضغط أن يعلن عن ذلك، فنحن نقوم بواجباتنا التقنية والعلمية وباحتراف. ولا نعرف ما خلفية هذه الشكاوى.

• هل ثمة تأخير في إمرار المستوعبات؟

ــــــ في كلمة واحدة أقولها: كذب، وكلمة أخرى: كذب، فقد قمنا بكافة الآليات العالمية لتسهيل التبادل التجاري، إذ يمكن أن يتم فحص البضائع على الحدود، ويستطيع التاجر إدخال بضائعه مقابل تعهد ونفحص البضائع داخل مخزنه، كذلك كلفنا شبكات رقابة دولية ليصار إلى فحص البضائع قبل شحنها إلى لبنان، ونحن بفحص السلع قبل شحنها وفق مساطر محددة، والآليات التي نعتمدها هي من الأفضل في العالم. إذ يوجد دول اوروبية وعربية لا تسمح بدخول البضائع الى بلدها قبل فحصها عند الحدود، ولا تعتمد أياً من الآليات التسهيلية التي نقوم بها. ويستثنى من الآليات التي نعتمدها سلعة واحدة، هي استيراد الأجهزة المنزلية المستعملة، فقد اكتشفنا أن في الدول الأوروبية والعالمية يدفع المستهلك أموالاً لإتلاف الأجهزة المنزلية، فيأتي التاجر اللبناني ويتقاضى ثمن الإتلاف، ويصدّر هذه «الزبالة» الى لبنان، فلا تكلفهم إلا ثمن الشحن، ويُدخل التاجر هذه القمامة إلى لبنان، يقوم بدهنها وإجراء بعض التصليحات عليها، لتظهر كأنها جديدة، ويبيعها الى المستهلكين اللبنانيين الفقراء بأسعار ليست بزهيدة، وإنما أقل من غيرها. فتصوروا ان لدينا مستوعب يحمل 100 براد مستعمل، رائحته قذرة بسبب طول استخدام البرادات، وليس على البرادات أية إرشادات للاستخدام ولا تاريخ التصنيع ولا بلد المنشأ. فكيف سنسمح بإدخال بضائع كهذه الى لبنان؟ وقد بعثنا مشروع مرسوم إلى مجلس الوزراء يقضي بمنع استيراد الأجهزة الكهربائية المستعملة، للقضاء على هذه المشكلة، أسوة بالعديد من الدول العالمية. لكن لم يؤخذ باقتراحنا.

انزعاج من ثلاث ملفات

• هل الأدوات المنزلية المستعملة هي محور شكاوى مرفأ بيروت؟

ــــــ لا أعرف مما يشكون، فنحن نعالج ثلاثة ملفات يومياً في المرفأ، ولا أعتقد أن ثلاثة ملفات تعرقل عمل مرفأ بيروت. وإن كان المرفأ منزعج من اجراءاتنا الرقابية، فليلجأ الى المرافىء الجافة وأماكن التخزين في منطقة قريبة من المرفأ، فأنا أتمنى أن ينمو المرفأ ويزدهر، لكن ليس على حساب المستهلك اللبناني.

• لكن المديرية العامة للجمارك موافقة على شكاوى المرفأ، فهل أنتم محقون وجميع الآخرين مخطئون؟

ــــــ نحن «صح» ولا نعلم ما يريده الآخرون. فما هو المطلوب؟ دخول البضائع من دون رقابة؟ فنحن لسنا سلطة جزائية ولا نستطيع ملاحقة المخالفات داخل السوق، فنحن فتحنا المجال للاستيراد وفق آليات مرنة للرقابة. ويوجد بضائع تتخزن في المرفأ، وحسب ما نعرف أن حجمها ضئيل جداً جداً، ولا يوجد بضائع تبيت لوقت طويل الا الأجهزة المنزلية المستعملة. فلتمنع الحكومة استيراد الأجهزة المنزلية المستخدمة لأكثر من أربع سنوات. لكن أن ندخل مكيفاً للهواء عمره 40 سنة، «فليسمحولنا فيها».

25 ألف ملف

• لكن الشكوى تقول إنكم تؤخرون البضائع من 10 الى 15 يوماً؟

ـــــــ لقد أصدرنا تعميماً واضحاً في العام 2004، يقضي بأن يتصرف التاجر ببضائعه كما يشاء إن لم يأخذ خلال خمسة أيام شهادة من معهد البحوث الصناعية. وفي موضوع السلع الواردة الى لبنان، فالتاجر يتورط إما بمخلّص سيئ للبضائع أو أشخاص يتابعون معاملاته بشكل سيئ، ولا أريد لوم أحد، لكننا ملتزمون من تاريخ وصول العينة الى مختبراتنا أن يتم انهاء كل الإجراءات خلال 5 أيام. فنحن في أربع سنوات أنجزنا 25 ألف ملف، وأتحدى أن يسلمنا احد ملف واحد بات في معهد البحوث الصناعية أكثر من 5 أيام.

• هل ثمّة تجنّ على معهد البحوث الصناعية؟

ـــــ لقد كنت واضحاً عندما قلت في رسالتي إلى مجلس الوزراء إن ثمة مغالطات، فبالطبع يوجد تجنًّ، وأنا لا أريد الدخول في المتاهات، فمؤسستنا فيها عدد كبير من الموظفين كلهم اختصاصيون وتقنيون وعلميون محترفون، ولن ندخل في السياسة وهذا «آخر همي»، إذ ثمة صناعة يجب أن نحميها، وثمة مستهلك آن له أن يتخلص من مكيّف للهواء يشتريه بمئة دولار ويتوقف عن العمل بعد شهرين. ومن اللعب الكهربائية التي تقتل الأطفال. وإن كانوا يريدون محاسبتنا على أننا نحافظ على المواطنين فليس لدينا أي مشكلة. وكل من يهاجمنا هم من أصحاب المنفعة. ونحن أقوياء لمواجهة الجميع طالما ضميرنا مرتاح ولم نتأثر بأية ضغوطات سياسية وغيرها.

منعنا من زيادة غرفة!

• تبنّى مجلس الوزراء توصيات لجان النقل، وهي أن يتم انشاء مراكز لمعهد البحوث على المعابر الحدودية؟

ـــ نحن موجودون على كل المعابر الحدودية منذ أربع سنوات، ولدينا مكتب في مرفأ بيروت طلبنا توسيعه، ولكنهم رفضوا اعطائنا غرفة اضافية. فإن كانوا يريدون توسيع عملنا فليقدموا لنا التسهيلات لذلك. ولا مشكلة في أن يكون لدينا فيللا على كل نقطة حدودية. وأعلن في هذا الإطار، أنه ابتداءً من أول العام سيصبح كل تاجر قادراً على سحب ملفه عبر الإنترنت.

تعليقات: