هل يتحرر المطار من باك؟

شركة باك تستثمر السوق الحرة بسعر زهيد وتجني المليارات
شركة باك تستثمر السوق الحرة بسعر زهيد وتجني المليارات


بعد نحو 5 سنوات من استباحة أرض المنطقة الحرة في مطار رفيق الحريري الدولي، وتشغيلها من جانب شركة باك، من دون مسوغ قانوني، قررت وزارة العدل إحالة استثمار السوق وتشغيلها إلى القضاء المختص. وطلبت من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود اجراء التعقبات اللازمة بشأن المخالفات المالية والمحاسبية والقانونية، عملاً بالمادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

أزمة تشغيل المنطقة الحرة في المطار لا تختلف عن غيرها في غالبية المرافق العامة التي تتعرض لاحتكارات من شركات القطاع الخاص، التي يلقى أصحابها تغطية سياسية تكفل لهم الاستمرارية في تشغيل المرفق العام وإن "من فوق القانون".

يعود وجود شركة باك التي يترأسها محمد زيدان، على رأس السوق الحرة للمطار إلى العام 1996، بموجب عقد تم توقيعه آنذاك من خلال شركة إيدال لمدة 15 عاماً، ويجيز لها استثمار سوق المنطقة الحرة في المطار بمبلغ لا يزيد عن 38 مليون دولار، أي بنحو 2.5 مليون دولار فقط عن كل سنة من سنوات العقد.

العقد الذي أجاز لشركة باك استثمار السوق الحرة في المطار، ورغم مخالفته من حيث المبدأ القوانين اللبنانية التي تمنع إشغال أو إدارة أملاك الدولة لمدّة تتجاوز 4 سنوات، انتهى في العام 2011. ومنذ ذلك الحين تم التجديد للشركة أكثر من مرة بحجة عدم اتساع الوقت لاجراء دفتر شروط كما حصل في عامي 2010 و2012. ما أتاح لشركة باك الاستمرار بتشغيل المنطقة الحرة في المطار بحكم "الأمر الواقع".

ملف السوق الحرة في المطار مرهون اليوم بطرح مزايدة جديدة "شفافة"، وفق شارل سابا أحد مؤسسي المرصد اللبناني للفساد، شرط أن تُبنى المزايدة على دفتر شروط نزيه يراعي المصلحة العامة ولا يتم تفصيله على قياس أي شركة، ولاسيما أن دفتر شروط تم وضعه مؤخراً خلال عهد وزير الأشغال السابق غازي زعيتر، وتم إرساله الى إدارة المناقصات التي وضعت ملاحظاتها وأعادته إلى وزارة الاشغال في انتظار أخذ وزير الاشغال الحالي يوسف فنيانوس بملاحظات إدارة المناقصات بشأن وضع دفتر الشروط تمهيداً لإطلاق المزايدة بطريقة شفافة.

وتكشف مصادر لـ"المدن" أن إدارة المناقصات تحفّظت على دفتر الشروط السابق وأدخلت عليه بعض التعديلات، بسبب احتوائه شرطاً يعطي الافضلية للشركة المشغلة السابقة، أي باك، وآخر يُلزم الشركات المتقدمة بالحصول على شهادة الأيزو في سبيل إعاقة مشاركة عدد من الشركات بالمزايدة. ما دفع إدارة المناقصات إلى الاعتراض على الشروط وردّ دفتر الشروط إلى الوزارة،. وتؤكد المصادر إبداء نحو 5 شركات اهتمامها بالمزايدة المرتقب طرحها في انتظار الإعلان النهائي عن دفتر الشروط.

وفي موازاة طرح مزايدة تتيح للدولة سد أحد أهم مسارب الهدر، من الأهمية وفق حديث سابا لـ"المدن" أن تعمد الهيئات الرقابية إلى فتح الملف والعودة إلى السنوات الأولى من تلزيم شركة باك تشغيل السوق الحرة في المطار، واستدعاء كل من غطى وخالف وتجاوز القوانين وحرم الخزينة العامة من أموال المرفق العام.

وعن الأموال التي حُرمت منها خزينة الدولة على مدار السنوات الماضية، أقلها منذ العام 2011 حتى اليوم، فهي تقارب المليار ونصف المليار دولار، إذ إن شركة باك، تعمد على تأجير المحال والمقاهي في السوق الحرة بنحو 20 مليون دولار شهرياً، أي نحو 240 مليون دولار سنوياً. ما يعني أن باك حصّلت على مدى ست سنوات نحو مليار و440 مليون دولار، ولم تحصل الدولة من هذه الأموال على أكثر 15 مليون دولار.

ولا تقتصر مخالفة باك على تشغيل السوق الحرة بشكل غير قانوني، بل تشمل تعديها على مساحات إضافية تتجاوز المساحة الإجمالية المسموح بها، أي 8277 متراً مربعاً. وقد زادت المساحة المستثمرة من مبنى المسافرين في المطار من دون أي تعديل في العقد ومترتّباته. كذلك استفادت من مداخيل غير ملحوظة بالعقد (المنتهية مدته) تتصل بالإعلانات وتقديم عروض على سلع وخدمات داخل السوق الحرّة.

* المصدر: المدن

تعليقات: