أكثر من ثلث مساحة سوريا صالح للزراعة، أي ما يقارب 6.5 مليون هكتار تزرع بالمحاصيل الزراعية على أنواعها، من الحبوب والقطن، الى الخضار، ومختلف انواع الفاكهة، وصولاً الى الزيتون والفستق الحلبي… الخ، ويشتغل في الزراعة أكثر من 20 بالمئة من السوريين، الذين أدت الحرب المندلعة في البلاد منذ عام 2011 الى هجرة معظمهم، وقطع الطرق التي توصل المواد اللازمة للزراعة من بذار، سماد، مبيدات، مازوت وغيرها الى قراهم، كما أدت الى انسداد قنوات الري جراء الاهمال، فعطشت المزروعات وجفت الاراضي ما أصاب الزراعة في سوريا بضربة قاسية.
الأقماح والاقطان
تنتج المحافظات الشرقية والشمالية الشرقية حوالي نصف محصول سوريا من القمح، وبحسب منظمة (الفاو) العالمية، انخفض محصول القمح خلال سنوات الحرب الست، الى أدنى مستوى له منذ 25 عاما، وتراجع انتاج سوريا من القمح من 3.5 مليون طناً عام 2011، الى حوالي 455 ألف طن، في أيلول (سبتمبر) 2015، نتيجة العطش وعدم وجود البذار والسماد وغيرها من أساسيات تلك الزراعة، وتأخر حصاد المحصول، بسبب قلة اليد العاملة، وامتناع أصحاب الحصادات عن تأجيرها، مع غياب الأمن، اضافة الى أن آلاف من الهكتارات قد أحرقت على ايدي الفصائل المتقاتلة.
تقلصت المساحات المزروعة في عام 2015 فلم تتجاوز الـــ 20 بالمئة من المساحات التي كانت تزرع قبل الحرب فلم تصل الى 4500 هكتار، ما أدى الى انخفاض انتاج القطن اكثر من 45 بالمئة، اضف الى ذلك أن معظم المحافظات التي تزرع القطن بكثافة، وهي الرقة، دير الزور، وقسم كبير من محافظة الحسكة، تقع تحت سيطرة ما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية – داعش”، الذي قام بإحراق 50 ألف طن من القطن خلال العام 2015 وحده، ومنع الفلاحين من الوصول الى الاراضي، وحال دون وصول البذار والسماد والمبيدات الحشرية الى تلك المحافظات.
من جهة أخرى، تسببت الحرب، بانخفاض انتاج الخضار والشمندر السكري في سهل الغاب الخصيب،(كانت سوريا، قبل عام 2011، تصدر سنوياً ما يقرب من مليوني طن من الخضروات).
الغابات
تقول بعثة الفاو وبرنامج الغذاء العالمي، في احد تقاريرهما، أن الغابات في سوريا تتعرض لاستنزاف بفعل الحرب، فقد انحسرت الغابة في محافظات طرطوس واللاذقية نتيجة الحرائق والقطع المتنامي (من قبل الريفين وتجار الفحم)، والرعي الجائر، اضافة الى القذائف والمتفجرات التي طاولت غابات كبرى في سوريا مثل (غابات كسب وسلمى وغيرها)، ويقدر عدد الأشجار التي تم قطعها بأكثر من 15000 شجرة صنوبر، ومثلها من أشجار البطم في محمية جبل عبد العزيز، بعضها يبلغ عمره حوالي ثلاثمئة سنة، وآلاف الاشجار الاخرى تم قطعها قرب منطقة الزبداني في موقع (عطيب – شميس الأحمر – الشعرة)، في حين تُركت دون قطاف آلاف الهكتارات من أشجار الزيتون في مناطق مثل “عفرين”، ومن أشجار الفستق الحلبي كما حدث في بلدة “مورك” في ريف حماة.
الغوطة
كانت مملكة الفاكهة السورية، ما قبل بداية الحرب في سوريا موجودة في غوطة دمشق (الغربية والشرقية)، التي تمور بأشجار المشمش بأنواعه البلدي والحموي، (تحتل سورية المرتبة الأولى بإنتاج المشمش على المستوى العربي والمرتبة الثامنة على مستوى العالم)، التوت (التوت الشامي)، الخوخ، الأرصيه، الدراق، الكرز والجوز، وكذلك تشتهر الغوطة بزراعة كافة أنواع الخضار والذرة الشامية الشهيرة، ففي الغوطة الغربية، وتحديداً في المناطق الساخنة، كالربوة، كفر سوسة وداريا التي تشتهر بكافة أنواع العنب، فيما الغوطة الشرقية ومركزها مدينة دوما (التي لا تزال تشتعل) فكانت تتميز ببساط أخضر وآلاف الهكتارات من أشجار الفاكهة الشامية الشهيرة (المشمش والخوخ والدراق والكرز والتوت والجوز وغيرها). تعاني كلها اليوم، وبعد ست سنوات من الحرب، من جفاف يخنق الغوطة يوماً بعد يوم، نتيجة الحرب التي ادت الى هجرة الفلاحين لبساتينهم وسرقة مضخات المياه التي كانت تضخ مياه بردى الى البساتين الكثيرة.
الضحية الزراعية للحرب في سوريا أيضا، هي زراعة الحمضيات التي تعمل فيها حوالي خمسين ألف أسرة سورية، يضاف إليها مئات الآلاف ممن يساعدونها في عمليات الخدمة المختلفة، من قطاف ونقل وتسويق وغيرها، تأثرت كلها بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، إضافة الى انعدام الامن في مناطق زراعة الحمضيات (محافظات اللاذقية وطرطوس) نتيجة الحرب الدائرة هناك.
الثروة السمكية
بحسب إحصائيات لوزارة الزراعة السورية، تراجعت كميات الإنتاج الحيواني بمقدار 30 بالمئة، وانخفضت أعداد الدواجن بنسبة 40 بالمئة، كما تضررت الثروة السمكية وحدها بـحوالي 50 مليون ليرة سورية، وبالأخص الأضرار التي تعرضت لها مزارع قلعة المضيق “باب الطاقة”، ومزرعة شطحة التي تعرضت لسرقة محتوياتها كاملةً من قبل الفصائل المسلحة.
* المصدر: Green area
تعليقات: