التحقيق في جريمة الزيادَيْن: تجاوز مهل التوقيف؟
[من تشييع الشهيدين زياد قبلان وزياد الغندور (أرشيف ــ مروان طحطح )] سمح نشر مطالعة النيابة العامة في جريمة الزيادين لأهالي موقوفين بالتساؤل عن أسباب توقيف أقاربهم، الذين «يدفعون ثمن عدم توقيف المشتبه فيهم الرئيسيين». فمتى إصدار القرار الاتهامي وإحالة القضية إلى المحاكمة؟ حسن عليق نُشرت مطالعة النيابة العامة التمييزية في جريمة جدرا التي راح ضحيتها الشهيدان زياد الغندور وزياد قبلان يوم 26 نيسان 2007، رغم أن القانون يوجب سرية التحقيقات إلى حين بدء المحاكمة العلنية. وقد حدّد النائب العام التمييزي في مطالعته 5 مشتبه فيهم رئيسيين، هم أشقاء الشهيد عدنان إبراهيم شمص، علي وعبد الله وشحادة ومحمد وعباس، وجميعهم متوارون عن الأنظار منذ تنفيذ الجريمة. أما المدعى عليهم الآخرون، فقسّمهم الادعاء إلى قسمين: المشتركون بالجريمة، والعالمون بها الذين لم يبلغوا السلطات. تضم الفئة الأولى 4 موقوفين هم مصطفى ص. وأيمن ص. ووسام ع. وصائب الدقدوقي. أما الفئة الثانية فتضم 3 أشخاص أُوقفوا وأخلي سبيلهم هم حسين ش. وحسن هـ. وربيع ح. (أُوقف مدة تزيد على 5 أشهر)، فضلاً عن 3 سيدات أوقفت اثنتان منهن مدة 4 أشهر و10 أيام. وسمح نشر المطالعة لعائلات بعض المدعى عليهم بطرح تساؤلات عن مدى جدية الأدلة المسوقة ضد بعض الموقوفين، فضلاً عن قانونية توقيف البعض قبل إخلاء سبيلهم. فحسين ش. أخلي سبيله يوم 26/5/2008، بعد أكثر من عام على توقيفه، أما الثاني، فأوقف يوم 4/10/2007 وبقي قيد التوقيف أكثر من 8 أشهر. وحسب المطالعة، شارك الأول في إخفاء سيارة عبد الله شمص بعد الجريمة، ونُسب إلى الثاني والثالث والفتيات الثلاث، وجميعهم أصقاء لعلي شمص، عِلمُهم بأن الأشقاء شمص نفذوا الجريمة، من دون أن يبلغوا السلطات بذلك. ولم تُظهر المطالعة ما يبرر توقيف حسين وحسن وربيع لمدة تزيد على عام للأول، و8 أشهر للثاني، و5 أشهر للثالث. ويعود منبع التساؤل إلى أن قانون أصول المحاكمات الجزائية لا يجيز، في المادة 108 منه، التوقيف في الجنحة لأكثر من شهرين، مع إمكان تمديد فترة التوقيف مدة مماثلة «في حالة الضرورة القصوى». والأشخاص الستة المذكورون طلبت النيابة الظن بهم بارتكاب جنح لا اتهامهم بارتكاب جنايات. وفيما تنسب المطالعة لوسام ع. مساعدته الأشقاء شمص على محاولة تحديد قاتل شقيقهم عدنان، وإلى مصطفى ص. وأيمن ص. مساعدتهما أحد الأشقاء على الهرب في اليوم التالي للجريمة، يبقى صائب الدقدودي. فالأخير كان موظفاً مياوماً في الدفاع المدني ـــــ مركز برجا. ونسبت المطالعة إليه أنه استقبل في الليلة التي تلت مباشرة تنفيذ الجريمة، كلاً من عبد الله شمص ومصطفى وأيمن، للاختباء في مركز عمله، بناءً على اتفاق مسبّق، فضلاً عن تسهيله تمرير سيارة أحد الأشقاء على حاجز للقوى الأمنية (منشور في عدد «الأخبار» الصادر يوم 9 تموز 2008). أفراد من عائلة الدقدوقي تحدّثوا لـ«الأخبار» مؤكدين ما ورد في المطالعة لناحية علاقة الصداقة التي تربط صائب بعدد من الأشقاء شمص. لكنهم (أقارب الدقدوقي) نفوا نفياً قاطعاً وجود أي علاقة لصائب بتنفيذ الجريمة، مؤكدين أنه لم يكن يعلم بنية الأشقاء شمص الجرمية (إذا صحّ ما نسبه إليهم الادعاء العام) ولم يسمع بالجريمة إلا من خلال وسائل الإعلام. ويعطي أفراد من العائلة دليلاً على روايتهم مفاده أن شحادة شمص (الملقب بعمران) لم يتصل بصائب الدقدوقي يوم تنفيذ الجريمة بعدما أوقف سيارته قرب أفراد الدرك والجيش الذين صودف وجودهم في جدرا. بل إن شحادة «علّم» على هاتف صائب (Missed call)، فما كان من الأخير إلا أن قصد المخفر المجاور لمكان عمله واستخدم هاتف المخفر للاتصال بشمص، الذي أخبره بأنه لا يحمل رخصة سوق، والسيارة التي يقودها غير مسجلة باسمه. وتضيف رواية العائلة: نزل صائب إلى المكان الذي أوقَف فيه شحادة السيارة، وتوسط لدى الدرك والجيش الذين سمحوا بمرور السيارة بعد تفتيشها. ثم عاد صائب إلى مركز عمله في الدفاع المدني، حيث سهر مع الوارد ذكرهم في المطالعة. وأضاف أقارب صائب أنه لا دوافع لديه للمشاركة في الجريمة، كما أن حضور المدعى عليهم إلى مركز عمله لا يثبت الشبهة، لأنه على فرض أنهم هم من نفذوا الجريمة، كان الأحرى بصائب أن يبتعد عنهم لو كان مشاركاً معهم، وألا يتصل بأحدهم من مخفر الدرك ثم يذهب للتوسط له لدى القوى الأمنية، وهو ما كان صائب سيفعله مع أي من أصدقائه. وأكد من تحدثوا لـ«الأخبار» أن قريبهم لم يكن يتقبّل بأي شكل من الأشكال أن يساعد أحداً على قتل طفل بريء لم يتجاوز عمره 12 عاماً. ومع اختلاف الآراء، يطالب أقارب صائب بإحالة القضية في أسرع وقت على المجلس العدلي الذي سيدين بالتأكيد كل من تورط في الجريمة، مؤكدين أن المحاكمة العادلة ستثبت لا محال، براءة صائب الدقدوقي.
تعليقات: