الأكثرية تتأهب لـ ''خطوات مصيرية'' بعد جلسة غد السبت

من سيكون الرئيس الجديد؟
من سيكون الرئيس الجديد؟


بعد ولش وابرامز ورايس.. وبعد دخول بوش مباشرة على خط الاستحقاق

عشية جلسة غد السبت المقرّرة لانتخاب رئيس للجمهورية تصاعدت وتيرة المواقف على الصعيدين الداخلي والخارجي في شكل لافت ومكشوف، كان أبرزها دخول الرئيس الأميركي جورج بوش في شكل مباشر على خط الاستحقاق الرئاسي اللبناني، سرعان ما انعكس تصعيداً في خطاب الموالاة، لاسيما مسيحييها، ما يؤشر إلى ان جلسة الغد ستكن كسابقاتها جعجعة من دون طحين.

فبعد جولة ولش وإبرامز على أركان الموالاة وحثّهم على الإقدام عبر خطوات من طرف واحد على انتخاب رئيس للجمهورية، أطلق الرئيس الأميركي ما يمكن اعتباره قصفاً بعيد المدى يهدف الى تغطية هذه الخطوات في حال اتخاذها وطمأنة قوى الأكثرية بأن "العالم سيحتضن الرئيس" الذي ستنتخبه خارج موجبات الدستور والوفاق اللبنانيين. وفي هذا السياق ولإقناع الموالاة بجدية دعمه، وجه بوش رسالة تحذير الى الرئيس السوري بقوله ان صبره قد نفذ من الأسد "منذ أمد طويل"، مرفقة بتشجيع الأكثرية على انتخاب رئيس "بالأكثرية البسيطة"، فيما أكدت دمشق بلسان وزير خارجيتها وليد المعلم انها لا تضغط على المعارضة متهمة واشنطن بإفشال المبادرة الفرنسية في لبنان والحوار ما بين باريس ودمشق.

وسرعان ما أنتج هذا الموقف الأميركي المنحاز في شكل سافر الى فريق لبناني ضد آخر تصعيداً في موقف قوى 14 آذار، لاسيما في تصريحات مسيحيي الموالاة وفي مقدمتهم الجميل وجعجع اللذان أعلنا دفن مساعي التوافق على أساس تكريس حق رئاسة الجمهورية "بالصوت الوازن" كما طلب العماد عون، ووضعا عربة الرئاسة قبل حصان التوافق بقولهما ان الحوار يكون في بعبدا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، فيما زاد الجميل جرعة التصعيد بتحميله المعارضة "كل المسؤولية عن الحلول القسرية التي قد نضطر لاتخاذها". وبالإضافة إلى تهديد الجميل بـ "الحلول القسرية" أطلق مروان حماده تحذيراً آخر تحت عنوان "ترميم الحكومة إذا لم يتم انتخاب رئيس السبت" وأن "الحكومة ستأخذ قرارات مصيرية".

ويرى المراقبون في قراءتهم للموقف الأميركي الدافع في اتجاه تصعيد الوضع الداخلي في لبنان أن واشنطن ترى نفسها في موقع القادر على استغلال انصياع الأكثرية الى توجيهاتها، إذ انها ستوصل رئيساً الى بعبدا يكون على صورة هذه الأكثرية مطواعية، لأنه سيكون مجرّداً من القدرة والصلاحيات التي تتيح له اتخاذ القرارات الوطنية السيادية المستقلة، ولو كانت تريده غير ذلك لما دفعت رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى التراجع عن طرح إعطاء رئيس الجمهورية العتيد "الصوت الوازن" لتكريس هذا الحق في الدستور وفقاً لما اقترح العماد عون. وبإيصال مثل هذا الرئيس الضعيف تعتقد إدارة بوش بأنها، إضافة الى إبعاد العماد عون عن الرئاسة، يمكنها ان تدفع هذا الرئيس الى التصادم مع حزب الله، لاسيما إذا كان يملك السيطرة على المؤسسة العسكرية، أو عزل هذا الحزب مع ما يمثل من القاعدة الشيعية الأوسع، إضافة الى إبقاء العزل على العماد عون وقاعدته المسيحية الأوسع، ما يكرّس سيطرة الأكثرية الفئوية على السلطة واستئثارها بالقرار، بصرف النظر عماّ قد ينتج هذا العزل من تداعيات خطيرة اخبرها لبنان في السبعينات. وبذلك يكون الرئيس بوش قد حقق انجازا ما في لبنان، تعويضاً عن عجزه عن تحقيق مثل هذا الانجاز في العراق أو فلسطين قبل انتهاء ولايته وخروجه من البيت الأبيض، فيما تبقى واشنطن غارقة في رمال العراق وأفغانستان والملف النووي الإيراني، وفيما هي عاجزة عن إخراج حليفها الإسرائيلي من رماله الدامية في فلسطين.

ورغم ان بعضاً من المراقبين يرى ان هذا التصعيد الأميركي في لبنان المسحوب بتهديد لسوريا، ومن دون ذكر إيران، قد يحملان دعوة الى عقد صفقة ما، أو يشكلان تغطية لصفقة إقليمية ما، فإن هناك ثمة إجماعاً على الاعتقاد بأن الرئيس بوش مصرّ على إحكام قبضته على الشأن اللبناني عبر "حلفائه" في لبنان، في إطار توصيف الرئيس الروسي القائل بأن "واشنطن لا تريد حلفاء بل اتباعاً".

وأياً تكن الحال، وسواء صدقت هذه القراءات للتوجه الأميركي عبر الشأن اللبناني الداخلي أو لم تصدق، فإن الثابت هو ان لبنان يقف على مفترق أساسي حاسم وخطير عبر الاستحقاق الرئاسي، فإما ان يفيد اللبنانيون عموماً، والمسيحيون في شكل أخص، من هذه التجاذبات الدولية الإقليمية لتعزيز موقع رئاسة الجمهورية عبر الإتيان برئيس سيادي متحرّر من الالتزامات والصفقات والمشاريع الخارجية، أو أن يكون قد نقل أزمته من وصاية الى أخرى ومن تمديد الى تمديد، ومن الحلول التوافقية الى الاحتمالات الصدامية.

تعليقات: