وسماء الآغا - العراق
جميلة العبيدي نائب في البرلمان العراقي عن "اتحاد القوى". وهي اختارت مناسبة يوم المرأة العالمي لإطلاق دعوتها إلى سنّ قانون يبيح تعدّد الزوجات، ويشجعه من خلال صرف حوافز مالية للرجل الذي يتزوج بأكثر من امرأة. واعتبرت أن مقترحها ينشد مصلحة المرأة العراقية، حيث تجاوزت أعداد الأرامل والمطلقات والعوانس – بتعبيرها - الأربعة ملايين امرأة.
هذا القانون، فيما لو تمّ تشريعه، سيطيح بالمكتسبات التي حققتها النساء العراقيات منذ قانون الأحوال الشخصية رقم 188 عام 1959، الذي أقرّ وحدانية الزواج وقيّد إمكانية تعدّد الزوجات ووضع لها شروطاً قاسية كأن يأخذ الزوج إذن زوجته، وأن تكون هناك مصلحة مشروعة في الزواج من أخرى، وأن يكون الرجل مؤهلاً لإعالة أكثر من زوجة، كما أنه إذا لم يعدل بين الزوجات أو خيف من ذلك فلا يجوز له أن يتخذ أكثر من امرأة، ويكون جزاؤه فيما لو خالف ذلك الحبس أو الغرامة المالية.
تطالب العبيدي بالعودة عن قانون الأحوال الشخصية، وتحثّ الرجل على أن يقوم بما أسمته واجبه الديني في التعدد، مؤكدة أنه شرع الله و"ليس خاضعاً للأهواء".
يذكر أن قانون الأحوال الشخصية عام 1959 جاء ثمرة نضالات صلبة خاضتها النساء العراقيات اللائي كن حاضرات في الميادين السياسية والمهنية بقوة وبشكل مبكر منذ مطلع القرن العشرين. ويعود للطبيبة نزيهة الدليمي، أول
مقالات ذات صلة:
نساء يرتضين بدور "النسوان" في العراق
في العراق.. حكاية عمتي مع «المرأة الكيا»
امرأة وزيرة في المنطقة العربية (شغلت حقيبة البلديات في حكومة عبد الكريم قاسم عام 1959)، ورئيسة "رابطة المرأة العراقية" التي ضمت حوالى 40 ألف امرأة، يعود لها ولرفيقاتها الفضل في صدوره، حيث قدمّن مشروع قانون مدني يضمن للمرأة حقوقها الأساسية. وقد توفيت الدليمي في الغربة وهي ترى أحوال العراق تتدهور.
يستعيد العراقيون نساء رائدات ومثابرات وفاعلات في كل المجالات، في أيام السلم وفي الحروب والأزمات حيث حملن مجتمعهن وحمينه في العقود الأخيرة الشاقة.. بما يعكس صورة مغايرة تماماً لتلك التي بدت في كلام العبيدي الذي تبدو فيه العراقية كائناً سلبياً ضعيفاً يحتاج إلى سند: هي منعمة ومتمتعة بحقوقها إذا كان لها زوجاً وعاثرة الحظ بدونه! وقد رفعت النائب في هذا السبيل شعار "نقبل بعضنا شريكات لحماية بعضنا"!
جاءت الردود الرافضة من برلمانيات عراقيات، كما قوبلت تصريحات العبيدي بالسخرية والاستهجان من ناشطات ومثقفات، ومن الشارع العراقي عموماً. وقد اعتبرها كثيرون مهينة لكرامة المرأة العراقية وعدّوها تجارة بالنساء، بحيث أن الرجل يمنح أموالاً مقابل الزواج. ورأى آخرون أنها تصريحات تستغل الظروف الاجتماعية لإطلاق حملات بروباغندية تشغل الرأي العام عن قضاياه الملّحة ولا سيما في وقت يعيش فيه العراق معركة مع داعش وتزداد فيه أعداد النازحين وتدمّر بناه التحتية. واعتبر البعض أن وراء كلامها أهدافاً انتخابية ولاسيما مع اقتراب موسم الانتخابات في العراق أيلول/ سبتمبر المقبل، والسيدة تراهن على اجتذاب أصوات القطاعات الأكثر رجعية من بين.. الذكور. كما أنها ظهرت حاملة السُبحة الالكترونية في الإعلام مدافعة عن تصريحها، موظفة انتماءها إلى أحد الأحزاب الإسلامية، ومستغربة أي اعتراض، فتفتح عينيها متعجبة: إنها شريعتنا!
وقد عادت العبيدي على إثر موجة الردود الصاخبة لتؤكد على أن 75 في المئة من مشاكل النساء تقع على عاتق الحكومة التي عليها تأمين أعمال لهن وتمكينهن، وأنه يبقى 25 في المئة يحلها تشريع قانون تعدد الزوجات!
وقد أبدى البعض تخوفهم من أن دعوة كهذه ستفتح الباب على مصراعيه أمام مطالبات بقوانين تبيح ــ باسم الشريعة أيضاً ــ المزيد من اضطهاد النساء، كالدعوة لخفض سن الزواج المقرر قانونياً، أو ما بات يعرف بتزويج القاصرات.. بدءاً من سن التاسعة باعتباره سن البلوغ.
تعليقات: