مشايخ البياضة الشريفة آنذاك يرسلون عباءة مُقلّمة للمرحوم الشيخ أبو قاسم حسين القاسم(ابن قرية حرفيش).
واليك عزيزيتي القارئ/ة القصة:
عاش في القرن ال18 في بلادنا عدة مشايخ أتقياء، منهم:
- الشيخ علي فارس (من مواليد قرية يركا ,لكنه انتقل الى قرية جولس), المتوفى عام 1754م .
- الشيخ مصطفى بدر (الملقب بالداعي,ابن قرية حرفيش)
- الشيخ أبو قاسم حسين القاسم (ابن قرية حرفيش).. واخرون .
وانا بصدد المرحوم جدنا الشيخ أبو قاسم حسين القاسم..
الشيخ المذكور عاش في قريته حرفيش على الفلاحة ورزق الحلال. رجل متواضع وتقي, لم يطلب لنفسه شيئا من هذه الدنيا الفانية ,عُرف بقريته والقرى المجاورة بورعه, تواضعه وامانته.
المادة, سمعتها من احد احفاده ,عمنا المرحوم الشيخ أبو ملحم قاسم عامر المتوفي عام 2000م عن عمر ناهز ال91 عاما. روى لي القصة على النحو التالي:
في النصف الثاني من القرن ال 18 , وبالتحديد سنوات الستينيات , كانت سنة محْل في منطقة الجليل, أسعار القمح زادت وكثر الطلب عليه ,وفقط من كانت عنده محاصيل من الموسم الماضي بامكانه بيع بعض القمح او اطعام الآخرين . يقال ان سعر مُد القمح وصل ليرتين من الذهب , (المُد مكيال قديم لقياس الحجم, والمد يضم صاعان, والصاع يعادل 6 كغم) ,وكل ستة امداد تسمى كيل).
كما ذكرنا عُرف عن الشيخ أبو قاسم حسين القاسم قناعته ورأفته بالناس ,حيث انعم المولى عليه بالخيرات والغلال ,قصَده الكثيرون في هذه الفترة ولم يرد أحدا .
احد المشايخ الاعيان في المنطقة , بعث برسالة مع رسول طالبا شراء كيل من القمح ,ذاكرا في رسالته كلمات تليق بالشيخ ابن حرفيش مرفقا مع الرسالة ثمن الكيل ( 12 ليرة ذهب ).
وصل الرسول الى حرفيش قاصدا بيت الشيخ أبو قاسم حسين القاسم ,وجده في بيته وعندما دخل عليه الرسول,ابتسم لملاقاته وسأله عن أحوال المشايخ في قريته واحوال الناس في تلك الأيام .
بعد ان قام الشيخ بالواجب ,سلمه الرسول الرسالة من الشيخ المذكور, تنهد الشيخ أبو قاسم متضرعا لله تعالى ان يلطف الأحوال ويبعث الخير للجميع ,وطمأن الرسول لطلبه وانتقلا الى غرفة الغلة وحضّروا الطلبية. وأضاف مُدا سابعا ولم يقبل ثمن كل ما حضّر.
قائلا : أوصل سلامي للشيخ والاخوان وارجع اليه الذهب وقل له: آجركم الله وتأكلوهم بالهناء ... وان شاء الله تزول هذه الغيمة عن الجميع , فما كان من الرسول الا ان يشكر الشيخ على كل ما قام به ويعود الى بلدته ويوصل الخيرات والرسالة الشفوية للشيخ .
نعم وهذا ما حصل! الشيخ المذكور كاد ان لا يصدق ما سمعت اذناه ورأت عيناه, اثنى على شيخ حرفيش وحرّر على الفور رسالة خطيّه, أرسلها مع رسول آخر لمشايخ البياضة الشريفة ناشرا فضيلة شيخ حرفيش واوصاهم بما يليق بحق هذا الشيخ .
فما كان من مشايخ البياضة انهم اجتمعوا ورأوا مما يليق بشيخ حرفيش, ارساله هدية ملائمة وهي عبارة عن عباءة مقلمة لتقليده إياها.
فما كان من رجال الدين في حرفيش وقرى الجوار ان التقوا في احدى المذاكرات والبسوا الشيخ العباءة المقلمة واشادوا بأمانته وورعه, رغم ان الشيخ غمره الارتباك والخجل.
نعم انتشر الخبر وانتشرت هذه الفضيلة ورد فعل مشايخ البياضة وثنائهم على ما قام به الشيخ من حرفيش, وباتت القصة...يتناقلها الاجاويد وعامة الناس, نعم انها عبرة لمن يعتبر .
نعم هذا ما سمعناه من عمنا المرحوم أبو ملحم قاسم عامر عن جدنا المرحوم الشيخ أبو قاسم حسين القاسم .
بقي ان اذكر , انه تيمناً بجدنا المذكور ما زلنا نحمل اسمه,
رحم الله اهل الخير والعفة والعطاء أينما وجِدوا وعاشوا, والهمنا الاقتداء بمناقبهم وافضالهم الحسنة.
وختاما أقول ان جدنا حسين كان قد استلم المسؤولية على وقف القرية مُدةً ما ,رغم انه لم يحفظ المعلوم الشريف بالكامل, يقال انه حفظ الكتاب الأول والثاني ,عاش وقورا ومحترما في بلدته وبعد وفاته دفن في خلوة القرية, وكانت هذه اول مرة في تاريخ قرية حرفيش. بقي ان اذكر ان المرحوم الشيخ أبو قاسم حسين القاسم كان صهر الشيخ مصطفى بدر (الملقب بالداعي) .
زوجته كان اسمها شمسه.
نعم ان اكرمكم عند الله تعالى اتقاكم .
باحترام- الحقير لله فواز مهنا حسين, حرفيش, ربيع 2017
الشيخ المرحوم ابو ملحم قاسم عامر,منة استُقيت الفصة
تعليقات: