منذ اقل من اسبوع توفرت معلومات مفادها ان بلدة كفرمان في النبطية قررت الشروع بقفل كل المحال والمؤسسات والمطاعم والافران التي يديرها او يستثمرها سوريون والتي يناهز عددها المئة .
ومع ان الخبر نوعي الا انه مر في عجالة خصوصا ان المتابعين تناهى الى علمهم مرارا انباء عن اشتباكات واشكالات حصلت بين سكان من البلدة اياها وبين لاجئين سوريين كانت تنتهي عادة بسقوك جرحى من الطرفين وتدخل قوى الامن لضبط الوضع .
ولم يكن للخبر وقعه لأن الناس اعتادت تواتر انباء الخلافات والاشكالات بين لبنانيين ولاجئين سوريين على خلفيات شتى لدرجة انها صارت جزءا من القضايا الساخنة التي تزخر بها البلاد من اقصاها الى اقصاها فهو في الجوهر صراع حول تحصيل لقمة العيش ونتيجة شعور اللبناني ان ثمة من ينافسه على حقه الطبيعي في الحصول على هذه اللقمة ويزاحمه على رزقه وفيأارضه ل ابل في عقر داره ويصادر عليه حقه الشرعي بفرصة عمل وتحصيل، ولا سيما ان النازح السوري تسلل منذ زمن الى كل مناحي الحياة الاقتصادية والانتاجية واحتكر لنفسه مصالح ومصادر انتاج بحالها، في وقت ازدادت حلقات الضيق والحصار المعيشي حول اعناق اللبنانيين وارتفع منسوب شكواهم من ضيق فرص العيش .
ولكن ان تبلغ الامو حد اتفاق بلدة بكاملها يناهز عدد سكانها الثلاثين الفا على قفل كل محل يديره سوري هو ولا ريب حدث غير مسبوق وينطوي على دلالات وابعاد تظهر بان ثمة مرحلة جديدة في مسار العلاقة بين اللبناني والنازح السوري، ولاسيما في منطقة عدت بالاصل استقبال النازح السوري وفسح مجال العيش له بين ظهراني سكانها من مساحة المشاركة في عملية المواجهة التي يخوض غمارها القوة الاساس في الجنوب ويقدم في سبيلها تضحيات جسام .
من البديهي ان لا يتصدر اي منتم الى "حزب الله" عملية التصادم والمواجهة مع اللاجئين السوريين في كفررمان او سواها، ولكن ثمة من يرى ان الحزب او حركة" أمل" او اي جهات محلية ترتبط بهذا التنظيم او ذاك تصير احيانا محرجة الى درجة التواري والسكوت المدروس ليكون اما مع الاهالي المتضررين او الموجوعين فرصة لتنفيس احتقانهم خصوصا ان هذه القوى قاصرة عن تقديم حلول او تنظيم الامور على نحو يرضي الجميع .
تقدم بلدية كفر رمان وفاعليات البلدة عشرات الاسباب التي يرونها محقة وشرعية لتبرير السلوك الذي اتبعوه والذي يراه اخرون بانه ينطوي على "عنصرية موصوفة "، ولكن الثابت ان المسؤولية الكبرى تقع على الدولة واجهزتها المعنية التي لم تستعد من الاساس للتعاطي مع قضية النزوح السوري الواسع الى لبنان عبر سياسة حقيقة ومتوازنة تكون اولويتها مصلحة المواطن وحماية لقمة عيشه وتضع اسساً منطقية لتنظيم النزوح السوري في لبنان وضبطه فكانت النتيجة بلوغ هذه المرحلة من الفوضى العارمة والضياع .
لوزير الشؤون الاجتماعية السابق رشيد درباس وجهة خاصة للمعالجة مبنية بطبيعة الحال على تجربة مكثفة عمرها اكثر من ثلاثة اعوام . وبعدما بلتا اليه تفاصيل حدث كفررمان سألته "النهار" عن دلالاته وابعاده فأجاب " : اذا تحدثنا بصراحة وشفافية مطلقة يمكن اعتبار الوجود السوري في كل مناطق لبنان من دون استثناء " ورم كامن " وهو حتى هذه اللحظة يعتبرا ورماً حميداً ولكن اي تحرش به يفتح باب احتمال تحوله الى ورم خبيث" .
اضاف "تشير احصاءات ادارات السجون عندنا ان عدد السجناء السوريين فيها يوازي عدد السجناء اللبنانيين وهو واقع ينطوي على معان ودلالات عدة ومخاطر متعددة ولكن السوريين في لبنان لم يصلوا بعد الى مرحلة تنظيم انفسهم وهم او فعلوا ذلك لانقلب المشهد وتغيرت الوقائع" .
واشار الى ان"موضوع معالجة تداعيات النزوح السوري في لبنان يخص جميع اللبنانيين من دون استثناء ولايخص منطقة او طائفة او جهة بعينها لانه بالاصل يطاول كل المناطق ومعالجته تحتاج الى كثير من الحنكة والعناية والدراية واحذر في هذا المجال من المعالجات المرتجلة. نحن امام مشكلة كبيرة ولا اجد حلولا ناجعة الا في الرهان على الاستفادة من عملية التأهيل التي تجري في مناطق سورية تصير في منأى عن الاشتباكات والمواجهات بين النظام والمجموعات المعارضة وهي العملية التي تتولاها روسيا لكي يعود النازحون تدريجا الى هذه المناطق ويرتاح لبنان من الاعباء الثقيلة لهذا الوجود .سوى ذلك انا وبحكم تجربتي الطويلة نسبيا لا اجد اي علاجات اخرى يمكن الرهان عليها" .
تعليقات: