علي عبد الحسن مهدي
الخوف هو الجهل، وهو الفقر والهزيمة، وهو الوقوف الأبدي الذي لا حراك فيه، هو الإيمان الضعيف والعقيدة الميتة... إنه شكل من أشكال الموت، ولا حياة مع الخوف، لأن زراعة الخوف في النفوس والعقول تفني كل القيم والمواهب وتقتل العزيمة. هي كالذي يزرع القمح ويحرقه في عمر الحصاد. هذا الحصاد المحروق هو ذلك المحصول الحقيقي لذاك الخوف القاتل الذي نعيشه في صراع دائم مع وهم غير مرئي وغير موجود.
إنَّ من يتطلَّع إلى عالمنا العربي يجد أنَّ كثيراً من جامعاته ومدارسه وكأنها تدرِّس مادة الخوف، تلغي الحياة وتهتم فقط بالموت وما بعد الموت. هذه الجامعات والمدارس تخرِّج أجيالاً تعيش الحياة بأجسادٍ منهكة وأفكارٍ تعبة، وعقول مهشَّمة تُنتج سلعاً رخصية غيرمسوَّقة وغير مطلوبة والنتيجة أننا بتنا بعيدين عن ركب التقدم.
العقيدة تضعفُ وتموت عندما يُصبح الخوف جزءاً منها، ولا يمكن أن نكون أصحاب عقيدة قوية إذا بقينا ضعفاء أو خائفين، لأن الحماية الحقيقية والعمليَّة للعقيدة والكرامة هي القوَّة المرتكزة على العقل، والقوة لا تأتي بالدعاء والتمنِّي بل بالعمل المدعوم المنتج وصقل الفكر والعيش مع التطوُّر. فإذا كان العمل قوَّة والتخلي عن الأوهام قوة، فلماذا، نحن المسلمين، نخشى الحياة؟ لماذا نستعجل الموت؟ أليس من الأفضل أن نقتل الخوف بالشجاعة الفكرية والعمليَّة ونقتحم الحياة بقوَّة لنقضي على ذلك المخزون الهائل المكدَّس على شكل خوف وذعر في النفوس والعقول؟ هذا الخوف الذي يسيطر على شريحة كبيرة من الناس هو جزء من عقيدة يصعب الإفلات منها، إنه كتلك القبور المتمثِّلة بقصور ضخمة ومنازل فاخرة التي تأوينا وليس فيها سوى ظلمة الجهل وقسوة الحياة ومرارة التخلُّف...
نتطلَّع إلى الدنيا وما فيها من حضارة فلا نجد لأمتنا شيئاً يذكر، ومن ذلك الشقِّ الضيِّق الذي يخترق جدار الخوف الرهيب الذي يصعب هدمه والخروج منه، نتساءل: إلى متى سنبقى جزءاً من الخوف؟ وإلى متى يبقى الخوف جزءاً منا؟ هل يُعقل أن نبقى هكذا؟ وإلى متى يلاحقنا الجهل والتخلُّف؟!
علي عبدالحسن مهدي
تعليقات: