المرحوم المربي الأستاذ عبد الأمير مهنا
(أبو هزار يا أمير القلوب)
اليوم نَرثي .. وغداً نُرثى ، إنها مشيئة الله تعالى في خلقه ، وهوالعَدل كيف تصرفت الأقدار ، فإِنّا لله وإِنّا إليه راجعون .
يصعُب عليّ كثيراً أن أقف لأرثيك يا عبد الأمير يا صديق العمر ويارفيق المشوارالطويل على دروب الحياة ، وأنت الذي كنت أخاً وصديقاً وزميلاً إن في التعليم أوفي الحياة العاديّة، أو في الكتابة والتأليف، وإني لأشهد أنك لم تنرالزاوية التي كنت فيها وحسب وإنما أنرت زوايا وزوايا كثيرة ونفضت الغبارعن كثيرمن كنوزالعلم والمعرفة ووضعتها في دائرة الضوء الكاشف بعد أن كانت في مجاهل النسيان . فكيف لي أن أختصر حياتَك في بضعة سطور يا رفيق العمر، يا من ملأت حياتي محبة وإخلاصاً ومعشراً حلواً.
فيا أيها العامرحباً وودّاً، ويا من عشت معي سنين طويلة في القلب والوجدان .ويا مَن لم تترك كتاباً أو ديواناً أوقصيدة لي إلا ردّدتها وحفظتها وناقشتني في مضمونها ماعدا هذه القصيدة ، قصيدة رثائك يا عبد الأمير فما أعياني اليومَ متكلّماً وما أفصحك أنت في سكوتك. فإليكَ أقول :
هل بعـدَ بُعـدِك هَــدْأةٌ ورُقـادُ .. .. أو هَجْعـَةٌ، أو نَجْعَـةٌ تُرتــادُ
أو راحةٌ، من أينَ تأتي راحةٌ .. .. والنفسُ يَعمُـرُها لظىً وقَّـادُ
أو بعد فقدكَ يُستعاضُ بواحدٍ .. .. أنت الـذي جُمعت بهِ الآحـادُ
تجري تصاريفُ الحياةِ عجيبةً .. .. والمـرْءُ وفـقَ مسارِها ينقـاد
فيغُـرُّه أمـلٌ فيـركضُ ناسـياً .. .. أنَّ الزمـانَ تحُفُّــه الأَضـداد
وتشـدُّني شـوقاً إليـك محبّــةٌ .. .. ويهــزُّني طَـرَباً إلـيـك ودادُ
فـأروحُ مُـلتمساً لِـقــاءً بـيننـا وأسيـرُ يـدفعني إليـك مُــرادُ
فإذا المكانُ أراهُ قفراً موحشاً .. .. وإذا الزمـانُ غَياهبٌ وسـوادُ
قِممُ الجبالِ الشامخاتِ تميَّزت .. .. بالقـدْر إذْ هي للنُّسورِ مِهــاد
فإذا هي ما فارقتهـا أصبحت .. .. سـيَّانَ فيهـا مشارفٌ ووِهـاد
^^^^^^^^
ولقد ذكرتك والهموم تمضُّني .. .. مضّاً ويحرقني جوىً وسُـهادُ
كنتَ الأنيسَ وكنتَ رأيٍ به .. .. يحلـواللقـاءُ ويكمُـلُ الإسـعـادُ
لـم يَـزْهُ مجلسنا ويكمُلُ أنسُه .. .. ويـؤُمُــه الـــزُّوّارُ والـــرُّوّادُ
إلاّ إذا منـكَ استمــدَّ بـَريـقــهُ .. .. وطغت عليهِ رَجاحةٌ ورشادُ
سُقياً لأيّـامٍ مضت وتقطّعت .. .. ولَّـت وما ولّى فـليس يـُعــاد
^^^^^^^^
ياربّ عفوك قد تعبت وحلَّ بي رزءٌ تنـوءُ بحملـه الأطـــوادُ
وأرتنيَ الـنكَبـاتُ كـلَّ فجيعــة بشِـباكهـا نسـرُ السماءِ يُصادُ
والعُمرُ يجري والحياةُ قصيرةٌ .. .. نفَـدت مَؤونتُنـا هنـا والـــزادُ
ولقد رأيتُكَ والجموع تزاحمت .. .. في حَمـلِ نعشـِكَ كثـرةً تزدادُ
رنت العيونُ إلى مَهابةِ مَحْملٍ .. .. فيـه التُّقى والعلم والإرشـادُ
فسكبتُ دمعي في رثاكَ قصيدةً .. .. بـالآهِ وقَّـع لـحنهــا الـتـردادُ
لي فيـك ياعـبـدَ الأَميـرِ مـدامـعٌ .. .. فاضت وعين غاب عنها رُقادُ
اللهم أغفرله وأرحمه، وأعف عنه، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله وأدخله الجنة ، برحمتك ياأرحم الراحمين....
تعليقات: