لستُ شاعـرًا ولستُ أديبًا،
ولكنّي تـلميـذٌ في بَحرِ مَعرفَتِك،
لذلك: يقفُ اللسانَ عن التعبيرِ مُتلجلِجًا
نعم، مُتلجلِجًا ... عن اُستاذٍ، شاعِرٍ، مُربٍّ،
وما شِئت فعبِّر ...
وثّـقّ لأولادِنا وأجيالِنا القادمة، عن مدينة الخيام – بوّابةِ جبلِ عاملٍ –
حوادثَ وتواريخَ عن أبطالِ المقاومةِ الّذين اشتروا الجنّةَ بالإستشهادِ،
وسطّروا ملاحِمَ بطوليّةٍ في وجهِ العدوّ الإسرائيليّ المُغتصبِ للأرضِ ...
لتكون شاهِدةً على هذه الأمّة، وتبقى رافِعةَ الجبينِ بأسيادِها.
وإذا كان ربُّ العِزّةِ والجلالة قـد قالَ في قرآنِهِ : (إنّما يَخشى اللهَ مِن عِـبَادِهِ العُلمَاءُ) (فاطِر الآية 28) ، وأميرُ المؤمنين عليٌّ عليهِ السَّلام يقـول:
وقيمة كُل امرئٍ ما كان يُحسِنُهُ .. .. والجَاهِـلون لأهـلِ العِـلمِ أعـداءُ
فـقُـمْ بعِـلمٍ ولا تطلب بهِ بـدلاً .. .. فالناسُ مَوتى وأهـلُ العِـلمِ أحياءُ
والإمام جعفر الصّادق عليهِ السَّلام يقـول:
يُعـبدُ الله في العِـلم، ويُطاعُ الله في العِـلم، وخيرُ الـدِّين والـدُّنيا إذا اجتمعا في العِـلم،
ماذا عساي أن أقول فيك يا عمّي أبا هزار ؟!
هل اُردِّد قـولَ الشاعِـر:
وإن تـكُـنُ الـنّـفـوسُ كِـبَارًا .. .. تعِـبَت في مُـرَدِها الأجـسَامُ؟
أم أقـولُ:
إلى القـلم الّذي لمْ ولن يَجفَّ يَراعُـهُ،
إلى الابتسامــة المتألّـقــة في مُحـيَّاهـا،
إلى الرّوح التي فارقت الحياة وهي شابّــة،
إلى الجسَد الّذي لم يكِلّ ولم يمِلّ من حَملِ مِشعلِ العِـلم،
إلى مَن لم تخرق عِظامَهُ الهزيمةُ في أشدّ وأحلك الصِّعاب،
إلى مَن فهرَسَ حياتَهُ بمنظومَةٍ مَعـرِفـيّةٍ، ظهرَت في كُتبِهِ الـذّهبيّة والألمَاسيّة،
إلى مَن دخـلَ المُستشفى حَامِلاً قـلمَهُ بـيَدهِ، وفارقَ الحَياةَ تارِكًا فـيها كواغِـدهِ
بلا توقـيعٍ مِن قـبضتِهِ،
إلى مَن قالَ في حَقِهِ الشاعِرُ الكبير الرّاحِل سَعيد عَـقـل(1) :
" ولماذا يَستصغِـرُ عَـظمةَ رأيـّهِ هـوَ ؟ "
ماذا أقـولُ والغصّة في حناجرنا ...
إنك كسائر العُـلماء الشُّعراء، المُثقفين، الاُدباء، المؤرّخين، والكُتّاَب الّذين رَحلوا، لم تُـقـدَّرَ في حياتِك حَـق قـدرِك، وخلّفتَ فجـوةً قد لا يعلمها سِوى من هو في ميادين أهل العِـلم والثقافة والمعرِفة ... رُغـمَ عطاءاتِك الباهِرَة، المتواصِلة والمُستمِرّة، التي جَعلتها بَصمةً للمُجتمعات الإنسانية جَمعَاء، وبَـقِـيَتْ آثارُ كِتاباتِ أقلامِك مُـدوّية، ولا زالت أبلَغ مِن الكلام.
يا نورًا يبقى ساطِعًا، لم ولن ينطفئ في قـلوبِ مُحبّيك،
يا شُعــاعًــا للعِـلــمِ والمعـرفــةِ في عـالمِـنا الـثــقافــيّ،
يا مَن لم تتركني وحيدًا حين دعـوتك لمناقشة رِسالتي الجامِعـيّة، ولا زلت الـدّاعـمَ والمُحفّـز الأكـبرَ دون تـردُّدْ،
نعـم، سأقـولُ فـيك المقولةَ الّتي سَرَّك سَماعِها عـندما ألقـيـتها أمام اللّجنةِ عُرفانًا مِنّي بالجميلِ، أثناء حُضورِك المُبارك لي، ألا وهي:
ما مِن إنسانٍ نالَ شرفًا على ما أخذ
ولكنّ الشّرفَ جائزةٌ تُمنحُ دائِمًا لِمَن يُعطي !
ومَن أحّقُ مِنك أن نُعطيهِ كُـلّ الحُبّ والـتّـقـديرِ والوفاء
لِما قـدّمتـهُ في حياتِـك ومَماتِـك ولا زِلت تُـقـدّم ...
ولـكِــن :
لم تحصَل آخرُ عادتهِ .. .. أن يُؤخذ ما في جُعبتهِ
لكِــنَّ الله بــقـــدرتــهِ .. .. شارَ عـلـيـهِ بزيارَتــهِ
حُـــبًا مِـنهُ لأمــانـتِــهِ .. .. ردَّ الرّوحَ إلى جَـنّـتـهِ
فـلـكَ مِنّي يا عمّي أبا هزار ألفُ تحيّةٍ وسَلام،
فارقـد في مثواكَ باطمئنان، ونَـمْ قرِيـرَ العَـينِ،
واهـنــأ بالخَـلَفِ الصّالِـح، والـزّوجَـةِ المُـربّـيـة،
إنكّ بين يَـديّْ الله الّـذي شاءَ أن يختِمَ حياتَكَ بزيارة سيّدِ الشُهداء،
حُـبـًا وكرمـًا لعطاءاتِك الـزّاخِرة في ميادينِ العِلمِ والمعرِفةِ وسِواها،
فهـنيـئًا لـك هـذهِ الخصيصَةَ يـا أبـا هـزار.
عـيَّاد محمّد رضا مهنّـا
بيروت في 12 / 5 / 2017
(1) هي في الأصل كلمة وردت في جريدة "السفير" تاريخ 10/4/2000 عندما استدرج المرحوم أبو هزار (صاحب الذكرى)، بإسم مُستعار، الشاعـر الكبير الراحل سعيد عقل عام 2000 ، لدى انتصار اللبنانيين على العدوّ الإسرائيلي، ليكتب عن الجنوب المقاوم وعن بطولات أبنائه الميامين، ويُسجلوا للتاريخ الذي يتغنى العِظام بهِ، مُعجزات المقاومة اللبنانية. للإستزادة يمكن الرجوع الى كتاب:
عبد الأمير مهنا، الخيام في ظل الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب حوادث وتواريخ، لا دار، 2009 م، ط 1 ، ص 216.
عـيَّاد محمّد رضا مهنّـا
بيروت في 12 / 5 / 2017
يصادف نهار الاحد، الواقع فيه 14 أيّار 2017، ذكرى أربعين الوالد المغفور له بإذن الله المرحوم المربّي الحاج عبد الامير مهنا (أبو هزار)
زوجته: الحاجة خديجة شيري
أبناؤه: المهندس الحاج هزار، المهندس الحاج زاهر، علي وسامر
أشقاؤه: الحاج محمد رضا والمرحومان حسن والحاج عبد الحسين
شقيقته: المرحومة زينب
تقام الذكرى في النادي الحسيني في بلدتنا الخيام الساعة العاشرة صباحاً.
لفقيدنا الغالي الرحمة والمغفرة ولكم من بعده طول البقاء.
مقالات الكاتب عبد الأمير علي مهنا على موقع الخيام الالكتروني
سجل التعازي بالمرحوم المربّي الحاج عبد الامير مهنا (أبو هزار)
الكاتب عيّاد مهنا
تعليقات: