في مطبخ سكن الشباب
تضارب بين صلاحيات الشركات وتأليف لجنة الإشراف مؤجّل
يبدو أنّ الجامعة اللبنانية لا تزال تعيش «نشوة» افتتاح السكن الطلابي، باعتبار أنّ الحلم تحقق وماوراء «الإنجاز» مجرد تفاصيل. من هي الجهة التي تدير السكن؟ لا جواب عن هذا السؤال، فلجنة الإشراف غائبة ومكتب شؤون المدينة الجامعية لا يريد المسؤولية والشركات تتنازع على الصلاحيات
يلف الغموض إدارة وحدات سكن الطلاب وتشغيلها في المدينة الجامعية في الحدث، فالجامعة اللبنانية لم تؤلّف حتى الساعة اللجنة التي يُنتظر أن تتولى المتابعة الميدانية والإشراف اليومي وتفرض العقوبات التي تخلّ بالأمن والنظام الداخلي للسكن. ويرأس اللجنة أمين السر العام محمد البابا، فيما تضم رئيس المصلحة الإدارية حبيب الشاروق ومكتب شؤون المدينة الجامعة وموظفين فئة ثالثة وممثل عن الطلاب. وفيما يرمي البابا الكرة في ملعب رئيس الجامعة الذي وعد بتأليف اللجنة قريباً، يؤكد أن مكتب شؤون المدينة الجامعية هو من يدير وحدات السكن حالياً ويتابع الأمور الروتينية اليومية. من جهته، يُخلي المكتب نفسه من المسؤولية وينفي أن يكون قادراً على أن يحل مكان اللجنة، التي يجب أن تضم اختصاصيين يمتهنون إدارة هذا المرفق الحيوي.
لكن المكتب لا يخفي المساعدة على إدارة المكان لجهة العمل الإداري المتمثل بتسجيل الطلاب وتحديد شروط التحاقهم بالسكن. وفي هذا الإطار، يقول مدير المكتب نزيه رعيدي إنه لا يمكن ضبط مكان كهذا 100%، ومن يضع دفتر الشروط ويحدّد المهمات لا يمكن أن يكون على علم بكل التفاصيل الميدانية.
ورغم أنّ المكتب هو الجهة الوحيدة التي تمثّل الجامعة على الأرض، يبدو أنّ علاقة الشركات الملتزمة مهمات الصيانة والتشغيل والاستقبال والنظافة والحراسة وغيرها ليست مع المكتب، بل مع رئاسة الجامعة عبر أمين السر العام، لكونها ترفع كُتباً مباشرة بأي طارئ قد يحدث. وهكذا تدخل المتابعة نفق الروتين الإداري وتتأخر الحلول، في وقت تتشابك فيه صلاحيات الشركات، فترمي كل منها الكرة في ملعب الأخرى، باعتبار أنّ هذه المشكلة لا تندرج ضمن العقد مع الجامعة وبالتالي فالحل لا يقع على عاتقها.
وفي التفاصيل، أنّ العقد الأساسي مع شركة الخرافي يتضمن التزام أعمال الصيانة في المدينة الجامعية ما عدا المرافق الاستثمارية أي السكن الطلابي والكافيتريات، وبالتالي، فالشركة غير معنية بالصيانة في الداخل. من جهتها، التزمت شركة رويال ريزيدانس (لاندكاستر) خدمات الاستقبال والنظافة والحراسة دون الصيانة باستثناء بعض الأمور الخفيفة مثل تركيب لمبة أو إصلاح حنفية وما شابه. أما في حال الصيانة الكبيرة كانسداد المجاري الصحية، كما حدث في الآونة الأخيرة، فلا مرجعية تبتّ بشأنها، لذا تُضطر الجامعة إلى معالجة المشكلة على طريقتها.
إذاً، بين التضارب في صلاحيات الشركات وغياب الإشراف اليومي للجامعة على وحدات السكن، تضيع الطاسة ويقع الطلاب ضحية الإهمال. فهم يشكون تقصير الشركات الملتزمة في خدمتهم ويتساءلون عن موظفي الاستقبال على مداخل مباني السكن. كذلك يتوقفون عند النقص في التجهيزات وحقهم في أن يتمتعوا بغاز وبراد وقاعة للمطالعة وصالة انترنت (وايرلس) وميني ماركت ونادٍ رياضي ومستوصف. وهنا تبدي المجالس الطلابية استعدادها لافتتاح المستوصف الذي ترى أنّه مطلب حيوي بعد الحوادث التي شهدتها المدينة الجامعية، مشيرة إلى أن بإمكانها تأمين الطاقم الطبي والتجهيزات من خلال علاقاتها مع الجمعيات وما شابه، شرط أن تأذن رئاسة الجامعة بذلك.
لكن هناك من يرى أنّ الطلاب يجنحون في بعض المطالب إلى المثالية، وخصوصاً أنّ مناشدة توفير أجهزة التلفاز غير منطقية ولا تتلاءم والجو الدراسي، كما يقول البابا. وهنا يسأل الطلاب «ماذا عن منع إدخال الراديو ومصادرته من الغرف وكذلك المكواة؟». ثم إنّ المطالبة بتأمين النقل الداخلي في الحرم الجامعي أي بين البوابات والكليات «عيب»، بحسب رعيدي، «فالمدينة الجامعية يجب ألّا تشهد حركة سيارات، وإن كان ذلك مسموحاً به للأساتذة كي لا يتأخروا عن الالتحاق بمحاضراتهم، أمّا الطلاب، فما زالوا شباباً ولا ضير في أن يقطعوا المسافة سيراً على الأقدام، فهي لا تتعدى خمس دقائق عن أبعد كلية ككلية الهندسة مثلاً». إلاّ أنّ الطلاب يتحدثون عن ثلث ساعة ومعاناة حمل أمتعتهم في بداية الأسبوع حيث يعودون من
قراهم».
وعن التجهيزات، يشير رعيدي إلى «أننا أمنّا 25 جهاز مايكرويف في الغرف، وسنعمد إلى توفير 140 جهازاً بعد عطلة الأعياد، فيصبح هناك جهاز لكل 4 أو 5 طلاب، لكون السكن يضم 1164 طالباً وطالبة». وفي ما يتعلق بالغاز، يلفت رعيدي إلى أنّه لم يتقدم أحد للمناقصة، ما دفعنا إلى اللجوء إلى عقد بالتراضي، لكننا لم نحصل على العرض الذي يناسبنا». وبالنسبة إلى البرادات فقد رسيت المناقصة على إحدى الشركات ووُعدنا بتأمين 1050 براداً لم نتسلّمها حتى الآن.
وفي ما يخص المستوصف، جرى استدراج عروض وتقدم شخص واحد، وبالتالي، لم يكن هناك عنصر منافسة.
ويؤكد أنّ الجامعة تغطي تقصير الشركات، فقد أحضرت على سبيل المثال سلات للمهملات في الوقت الذي يقع فيه هذا الأمر على عاتق اللجنة الموكلة أعمال التنظيف.
على صعيد آخر، يستغرب رعيدي رد فعل الطلاب السلبي على انقطاع المياه الساخنة في بعض الأوقات، «وخصوصاً أنهم لا يراعون أنّ هناك مضخات وصيانة وما شابه». ويستدرك قائلاً: «الخدمة حتى الآن أكثر من مقبولة». ولرعيدي رأي مختلف بالنسبة إلى التلفزيون الممنوع في الغرف المتلاصقة، «لكننا ندرس إمكان تأمين شاشات كبيرة في قاعة المطالعة التي لم تجهز لأنّ المناقصات لم ترسُ على أحد». ويَعِد رعيدي بإيلاء الموضوع الترفيهي أهمية ملحوظة عبر تعزيز الملاعب الرياضية المقفلة، وتقسيم الوقت بين الشباب والصبايا، لكنه يطلب في المقابل من الطلاب أن يكونوا على قدر المسؤولية، إذ لا يمكن توظيف حراس عليهم.
ولا يخفي رعيدي وجود اتصالات لاستدراج عروص من أجل تأمين خدمة الانترنت، كما لا ينسى تأكيد ضبط الموضوع الأخلاقي، إذ تسيّر الجامعة دوريات ليلية، وتمنع دخول الطلاب إلى الحرم الجامعي والجلوس على المقاعد بعد العاشرة ليلاً.
من جهته، يصف البابا التجربة بالجديدة التي تشهد مشاكل غير منتظرة، علماً بأن مكتب شؤون المدينة الجامعية ورئاسة الجامعة يحلّان الأمور باجتماعات متواصلة، بانتظار تأليف اللجنة. لكن اللافت حديث البابا عن الهموم وانشغال إدارة الجامعة في أمور أخرى وكأنّ السكن خارج مهماتها. وعن بت المخالفات يقول: «رئيس الجامعة هو من يمتلك سلطة اتخاذ الإجراءات التأديبية». ويتوقف، من جهة ثانية، عند تحرك الطلاب حيال نقص التجهيزات، موضحاً «أننا لم نجهز الجامعة دفعة واحدة لأسباب مالية وروتينية، وكل المطالب ملحوظة شرط أن تكون محقة ولا تتعارض مع الهدوء وراحة الآخرين».
ويردف قائلاً: «ليس سهلاً أن تدير 1300 طالب في مكان واحد، إذ إنّه لا يمكن التعاطي مع الطلاب كنزلاء عاديين في فندق، فهم معروفون بحيويتهم وديناميكيتهم، والمهم أننا حققنا حلماً قديماً للجامعة بأن يكون لها سكن طلابي خاص، وسنبذل كل الجهود لنجاح التجربة، تمهيداً لاعتماد فريق حيوي يقدم الخدمات على مدار الساعة.
كافيتريات لا تلبّي الطموحات
«لا تكاد الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً حتى تنفد الوجبات والسندويشات من الكافيتريات الـ11 في حرم المدينة الجامعية». هذا ما أجمع عليه طلاب الحدث، وإن كان الضغط يظهر جلياً في كافيتريا كلية العلوم، باعتبار أنّ الكلية تضم حوالى 6 آلاف طالب. «ثم إنّ الأصناف لا تتسع لكل الأذواق. فعلى سبيل المثال، هناك قسم كبير يرغب في المناقيش التي يستقدمها المسؤولون من الخارج وتصل باردة». أما الأسعار فمرتفعة نسبياً، يقول الطلاب، ومع ذلك فوجود «الكافيتريات أحسن من بلاش، وإن كانت لا تلبي كل الحاجات والطموحات». وقد أثنى الطلاب على النظافة ونوعية الوجبات.
من جهته، يوضح مدير مشروع الكافيتريات في المدينة الجامعية شادي شدياق أنّ الطبخ طازج ويعدّ في المطبخ الرئيسي داخل الحرم الجامعي، ما عدا المناقيش التي يعدّها الطلاب صنفاً رئيسياً. لكن شدياق وعد باستحداث فرن كبير في كلية العلوم مباشرة بعد عطلة الأعياد لتحضير المناقيش وتقديمها طازجة للطلاب. ومع ذلك، يستبعد «أن يكون بإمكاننا تأمين كل الحاجات، فالأعداد كبيرة، وأوقات الاستراحة قصيرة، والمساحة تقيّد، بحيث لا نستطيع تعميم التجربة على كل الكليات».
وبالنسبة إلى الأسعار، يؤكد شدياق «أنها مناسبة مع جودة الأصناف التي نقدّمها»، لافتاً إلى أنّ أسعار بعض السلع محررة، لأنها غير موجودة في دفتر الشروط، فيما نسعى إلى خفض سعر بعضها الآخر أقل من الأسعار الملحوظة في دفتر الشروط».
ويقول: «بالمناسبة، لم نلتزم زيادة الـ10% التي طلبتها الجامعة، بناءً على كتاب وصلنا من رئاسة الجامعة».
ويعزو شدياق زيادة الأسعار إلى التضخم الذي تشهده البلاد والذي يبلغ 15%، ما ينعكس على سلة المشتريات، فيما لا يتعدى هامش الربح الـ2%». ويوضح أنّ الربح يكون في المرطبات والدخان والسلع التي لا تستهلك كثيراً. أما الأطباق اليومية فأسعارها منخفضة».
.
تغادر مبنى سكن الفتيات
في كافيتريا السكن الطلابي
تعليقات: