ما تزال أشجار الكينا المعمرة التي تظلل جانبي طريق عام النبطية الفوقا – كفرتبنيت صامدة حتى الآن، بفضل جهود بلدية النبطية الفوقا التي باشرت منذ العام 1998 برعايتها والإهتمام بها وتنظيف محيطها من الأوساخ والأعشاب، حرصاً على حمايتها من الحرائق، وطلاء جذوعها بمادة الكلس، تلافياً لتسوسها وإصابتها بالأمراض والآفات الحشرية والشجرية المختلفة، حتى باتت تشكل في الوقت الحالي واحة خضراء جميلة مترامية الأطراف قل نظيرها في المنطقة، و”تكحل عيون” العابرين على الطريق المذكور.
يعود الفضل لوجود هذه الأشجار لابن بلدة النبطية الفوقا بسام غندور الذي تولى زراعتها بمبادرة شخصية قبل عشرات السنين، ورعاها وسقاها بنفسه حتى عاشت وكبرت بالرغم من الإعتداءات الإسرائيلية التي كانت عرضة لها، وأصابتها بشظايا القنابل المتفجرة التي ما زالت ندوبها ملتصقة بجذوعها حتى اليوم، بحكم وقوعها في مواجهة موقعي الإحتلال السابقين في تلتي علي الطاهر والدبشة المشرفتين عليها من الجهة الشرقية، وقد صمدت هذه الأشجار وحافظت على رونقها ونضارتها رغم أنف الإحتلال.
إضافة إلى الأشجار المذكورة هناك صفان آخران من نوعها يظللان جانبي الطريق المؤدي إلى منزل الرئيس كامل الأسعد سابقاً، الواقع غرب بلدة كفرتبنيت، بعد زراعتها بأمر منه في العام 1974 تزامناً مع بدء العمل ببناء المنزل، لكن بعض المناوئين له سياسياً في تلك الفترة قاموا في بداية الحرب الأهلية في لبنان، باقتلاع جزء كبير من تلك الأشجار، حيث لم يسلم منها سوى هذين الصفين، حتى غدت أشجارهما اليوم مع مثيلاتها على طريق عام النبطية الفوقا – كفرتبنيت “غابة” غاية في الروعة والجمال، يحرص الجميع على العناية بها.
رئيس بلدية النبطية الفوقا ياسر غندور أشاد “بالجهد الخاص الذي بذله المواطن بسام غندور في زراعة أشجار الكينا على جانبي الطريق الرئيسية”، مشيراً إلى “رعاية البلدية الخاصة بها، والحرص على حمايتها من عبث العابثين والمتطفلين”، لافتاً إلى قيامها “بحملات كثيرة لزراعة الأشجار الحرجية المختلفة الأنواع في كافة شوارع وساحات وأحياء البلدة ومشاعاتها وخراجها العقاري، وعلى الأخص أشجار الخرنوب التي تزين جوانب العديد من الطرقات الرئيسية والفرعية في محيط البلدة، لا سيما طريق عام النبطية الفوقا – ميفدون – زوطر الشرقية، التي تشبه قطعة من الجنة بجمالها، إضافة لإنشاء جملة من الحدائق العامة، حيث عم الإخضرار فيها بشكل كامل، تأكيداً لإيلاء البلدية الإخضرار والأشجار أولى اهتماماتها”.
لكن الخطر الأكبر الذي يهدد وجود هذه الأشجار في الحاضر والمستقبل هو تمدد العمران والإزدهار ليحل محل الإخضرار، والذي بسببه تم القضاء على العشرات منها خلال السنوات الأخيرة والحبل على الجرار، كما يقول مختار بلدة كفرتبنيت عبد إدريس، لافتاً إلى “الذرائع الكثيرة التي تبرر قطعها ومنها أن أضرارها تفوق فوائدها وحسناتها، جراء تجذرها في باطن الأرض وتحت المنازل والطرقات وتخريبها لها، وحجب فروعها وأغصانها وأوراقها لواجهات الأبنية، وإضرارها بشبكات المياه والهاتف والصرف الصحي، وتسبب العواصف التي تضرب أغصانها في فصل الشتاء بانقطاع التيار الكهربائي الذي يمر فوقها، وغير ذلك من المبررات والذرائع التي تبرر قطعها والتخلص منها”.
ولأنها تزيين المنطقة بجمالها واخضرارها منذ عشرات السنين، ويستظل تحتها المواطنون وأعداد من أكشاك بائعي القهوة والخضار، يتمنى المواطن علي شعبان “الحفاظ على ما تبقى من أشجار الكينا على طريق عام النبطية الفوقا – كفرتبنيت، وعدم السماح بقطعها أو إزالتها، تحت ذرائع وحجج مختلفة، لذلك يجب على المسؤولين المعنيين وفي طليعتهم البلدية ومصلحة الزراعة والمواطنين جميعاً مواصلة الإهتمام بهذه الأشجار ورعايتها، والعمل على اتخاذ أقصى العقوبات الرادعة بحق المعتدين عليها، ليكونوا عبرة لكل من لا يعتبر من المتطاولين على البيئة والطبيعة، منوهاً “بجهود بلدية النبطية الفوقا التي تبذلها في سبيل الحفاظ عليها دون كلل أو ملل”.
* المصدر: Green Area
تعليقات: