فضيحة التعويض على شركة ليبان ليه

البقاع ـــ

العمال صُرفوا قبل قصف المعمل وتقديرات خسائر القسم التصنيعي تفوق ضعفاً ونصف ضعف إجمالي رأس المال

فتحت حرب تموز باب الفساد على مصراعيه، من التعويضات على الجرحى والمصابين في البقاع، إلى التعويض على المصانع، ولا أحد يأبه بحقوق المتضررين الحقيقيين، من عمال يعيشون على الأجور اليومية، في وقت بلغت فيه تعويضات شركة «ليبان ليه» ضعفاً ونصف ضعف حجم رأس مالها.

خلال الأيام الأولى لحرب تموز، أصدرت شركة «ليبان ليه» لتصنيع الألبان والحليب في حوش سنيد ـــ البقاع الشمالي إفادات ترك خدمة للعمال في تاريخ 15/7/2006، أي قبل إصابة المعمل وتدمير القسم التصنيعي فيه، بصواريخ الطائرات الإسرائيلية، بيومين في 17/7/2006.

ويبين الاستدعاء المقدم من محامي الشركة «أسامة العارف»، إلى وزارة العمل، طلب تعليق عمل العمال لمدة ثمانية أشهر من تاريخ 17/7/2006، فيما تؤكد الإفادات أن الضمان الاجتماعي علق عمل العمال في 15/7/2006، بقرار استبق العدوان على المصنع.

رئيس لجنة عمال الشركة أكرم زريق أكد لـ«الأخبار» أن «التواقيع التي أرسلتها الشركة إلى الضمان الاجتماعي ليست تواقيع العمال، إنما وقع عنهم»، ما أثار لدى العمال الخوف من موضوع الصرف الاقتصادي تحت المادة «50» الذي تقدمت به الشركة إلى وزارة العمل، رغم أنهم كانوا إبان الحرب يواظبون على الدوام اليومي وإزالة الردميات، ثم صرفوا من دون أي تعويض، ولم تقدم لهم أي مساعدة مالية من الشركة ولا من أي جهة أخرى.

ويضيف زريق: «لم نستفد من مستحقات فواتير الضمان العائدة للعمال، علماً بأن الشركة لن تدفع مستحقاتنا من بدلات النقل والفرص السنوية، والتعويضات العائلية، وبالتالي توقفت الاستفادة من الضمان الاجتماعي».

رئيس مجلس إدارة الشركة ميشال واكد استشاط غضباً عند إثارة ملف العمال وتناقض التواريخ بين الاستدعاء وإفادات الضمان الاجتماعي، ومما قاله لـ«الأخبار»: «مش أنا مخلفو للعامل، وظيفتي أنا واياه خلصت، كان عندي معمل والمعمل انضرب، خلص انتهى دورو معي يروح يرفع دعوى على إسرائيل».

ويعترف واكد بأنه قطع عن العمال بدلات النقل لأنه خصص لهم باصات نقل قائلاً: «ليش بدي أدفع بدل نقل ستة آلاف ليرة وأنا بتكلفني ألف ليرة».

أما عن الأضرار التي لحقت بالشركة فأعلن واكد أن «شركة عالمية متخصصة أجرت تخميناً، وقدرت الخسائر التي مني بها المصنع بـ 25 مليون دولار أمريكي، مشيراً إلى أضرار مباشرة (17.3 مليون دولار) وأضرار غير مباشرة (7 ملايين دولار)، رغم أنه لم يصب من مباني الشركة سوى القسم التصنيعي فقط. بالمقابل طالبت الشركة بمبلغ 18 مليون دولار من الحكومة اللبنانية، وأقرته الهيئة العليا للإغاثة، تعويضاً عن الأضرار الناجمة عن العدوان، من دون ربط هذا التعويض بشرط إعادة العمال المصروفين إلى الشركة، أو النظر في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وما لحق بهم من أضرار.

ويتضح من الملفات أن الشركة مُنحت مبلغ 5 ملايين دولار من المجلس الاقتصادي الاجتماعي العربي عبر الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، مساعدة للتعويض عن أضرار الشركة، وهذا ما أكده رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي عبود. أما واكد فيقول: «هذا الحكي عار من الصحة ولدينا كتاب خطي من الهيئة العربية». أضاف: «الشيء الوحيد الذي منحتنا إياه الدولة هو أنها سمحت لنا باستيراد حليب كاندي الفرنسي بإعفائه من الضرائب الجمركية لنحافظ على سوقنا». أما عن الكتاب الخطي الذي يتكلم عنه واكد فيؤكد أن الهيئة العربية للاستثمار خصصت مبلغ 5 ملايين دولار للدخول مع شركاء آخرين لإعادة تأهيل مصنع ألبان لبنان بعد ثبوت جدواه الاقتصادية، ليكون بذلك قد عوّض على الشركة بـ 23مليون دولار.

ويحدد السجل التجاري للشركة المسجلة تحت رقم 71785 أن مجموع رأس مالها بلغ حتى 12/1/2005 اثنين وعشرين ملياراً وثمانمئة وخمسين مليون ليرة لبنانية (15 مليون دولار أميركي) من مبانٍ ومصانع ومزارع ومن ضمنه الجزء الذي دمره العدوان الإسرائيلي الذي لم يأت على جميع المباني والأقسام والمستودعات. وهذا يعني أن قيمة التعويض الذي تلقته الشركة يفوق ضعفاً ونصف ضعف قيمة رأسمالها.

ويبين هذا الملف «الفضيحة» الذي بدأ مع صرف تعسفي للعمال وانتهى بتعويضات خيالية، استفحال الفساد في ملف تعويضات عدوان تموز، وتحوله إلى أرباح طائلة لأرباب المصانع على حساب حقوق العمال والمال العام.

تعليقات: