فتاة تختار حلوى العام الجديد
تفيد التقديرات أنّ اللبنانيين أنفقوا في سهرة رأس السنة نحو 50 مليون دولار. وقد أنفق الميسورون والأثرياء نصف هذه القيمة في سهرات فاخرة أقيمت في فنادق الدرجة الأولى في بيروت... إذ وصل سعر البطاقة للشخص الواحد في إحدى السهرات التي أقامها فندق فينيسيا إلى 800 دولار أميركي، أي ما يساوي أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور. واللافت أن الحجوزات لهذه السهرة بلغت 100 في المئة، أي إن الساهرين في هذه الحفلة وحدها دفعوا نحو 250 ألف دولار لبضع ساعات فقط بين الحادية عشرة ليلًا والثالثة فجراً.
وبحسب استطلاع أجرته «الأخبار» أمس، فقد تراوحت أسعار البطاقات لسهرة رأس السنة بين متوسط قدره 50 دولاراً في حانات الجميزة الصغيرة، و500 دولار في فنادق الخمس نجوم ومنها فندق موفنبيك. أمّا أسعار بطاقات السهرة في الفنادق والمطاعم والملاهي المتوسطة مثل أطلال بلازا ومطعم وادي الأرجوان ومطعم برج الحمام وسهرة الميديتيرانيه فتراوحت ما بين 75 و150 دولاراً... فيما تراوحت الأسعار في المطاعم والملاهي المتواضعة ما بين 25 و75 دولاراً، واللافت أن نسبة الحجوزات في هذا النوع من السهرات لم تتجاوز 50 في المئة في متوسط عام، بحسب ما أفاد به المسؤولون في مطعم النبع ومطعم سحارى ومطعم شمس.
سهرات رأس السنة: فروق طبقية دليلها أسعار البطاقات
التفاوتات الطبقية بين اللبنانيين لا تنحصر في مجال معين، بل إن سهرات رأس السنة باتت تعدّ من مؤشرات وجود الهوّة الاجتماعية، حيث يدفع شخص ما أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور لقاء سهرته فيما أكثر من 40% من الشباب عاجز عن إيجاد فرصة عمل
حتّى ليلة رأس السنة قسّمت اللبنانيين، فالأغنياء الذين لا تتجاوز نسبتهم الـ5 في المئة من المجتمع اللبناني اتّجهوا نحو الحفلات الفاخرة، أمّا الفقراء، فأحيوا سهراتهم في منازلهم، شاخصين الى ميشال حايك، وهو يتنبأ بالمصائب التي ستحلّ عليهم عام 2008.
أسعار خيالية
يقدّر أحد الخبراء قيمة إنفاق اللبنانيين على سهرات رأس السنة بحوالى 50 مليون دولار، 50 في المئة منها ينفقه الأغنياء، فيما الفقراء وأصحاب المداخيل المتوسطة ينفقون النصف الآخر، وتتجلى هذه الأرقام في تتبع الأسعار المحدّدة لكل سهرة، التي تراوح ما بين 800 دولار للشخص الواحد في سهرتي فندق فينيسيا الشهير، أي ما يساوي أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور... و50 دولارا في حانات الجميزة الصغيرة.
في فندق فينيسيا، وغيره من فنادق الدرجة الأولى، أُقيمت سهرات الأقلية، انصهرت الطوائف والأحزاب في كأس من النبيذ لا يقل سعرها عن 100 دولار، نسوا خلافاتهم، وتذكّروا كم كدّسوا من أموال في المصارف عام 2007، شعّت عيونهم مع المفرقعات التي انطلقت في الفضاء عند الثانية عشرة ليلاً، وأملوا أن تتزايد ثرواتهم في العام الجديد.
وعلى نافذة صغيرة في منزل في زقاق البلاط، وقف أحد الذين صُرفوا من عملهم، شرب من كأس النبيذ الذي لا يتجاوز سعر القنينة الكاملة منه الـ15 ألف ليرة، حدّق طويلاً في المفرقعات ذاتها، وتساءل «ترى ماذا يأكلون بـ800 دولار؟ لا بل كم يجنون من أرباح ليستطيعوا إنفاق مبلغ كهذا على بطاقة حفلة...
الحجوزات
ولا تقتصر الفروق على الأسعار، بل ما يدعو إلى الاستغراب أنّ الحجوزات في السهرات الفاخرة والمرتفعة الكلفة بلغت ما بين 90 و100 في المئة، فيما لم تبلغ في السهرات المتواضعة 70 في المئة كمتوسط عام، بل إنها في بعض المطاعم والفنادق الجبلية لم تصل النسبة الى 50 في المئة.
توجّهت «الأخبار» الى عيّنات من المطاعم من كل المستويات، فتبيّن وجود فروق شاسعة في أسعار البطاقات، بين المطاعم المحسوبة على الطبقة الغنية، وتلك التي يؤمّها متوسطو الحال، كما كان واضحاً أن سعر البطاقة يختلف بحسب نوعية السهرات والفنّانين الذين سيحيونها.
ففندق فنيسيا أقام في صالتيه، حفلتين متزامنتين، الأولى أحيتها الفنانة نوال الزعبي، سعر بطاقة الدخول اليها 800 دولار، ولاقتناص الأغنياء الأقل شأناً، أقام حفلة أخرى أحياها الفنانين فارس كرم ونانسي عجرم، وراوح سعر بطاقة هذه السهرة ما بين 250 إلى 500 دولار أميركي.
وفي العيار الثقيل نفسه، بلغت أسعار بطاقات الحفلة التي أقامها فندق الموفمبيك في صالة مارينا ماركي، التي أحياها الفنانين فضل شاكر ويارا بين 250 و500 دولار، وقد حجز لحضور هذه الحفلة 500 شخصاً، وفاقت فيها نسبة الحجوزات الـ70 في المئة، والمدهش أن مكان الطاولة كان المقياس الأساسي لتحديد سعر البطاقة، إذ أشارت مسؤولة الحجوزات في الفندق زينب حمّود إلى أن الفرق بين أسعار البطاقات ليس على مستوى الخدمة بل على مكان الطاولة!
السهرات المتوسطة
أمّا السهرات التي تعدّ أسعار بطاقات حضورها متوسطة السعر مقارنة بالسهرات الفاخرة، ودون قدرة غالبية اللبنانيين قياساً الى القدرة الشرائية المتدهورة، فقد راوحت أسعار البطاقات فيها بين 100 و155 دولاراً.
أمّا سعر بطاقة سهرة فندق أطلال بلازا التي أحياها الفنانين جاد نخلة وسابين، فحدّدت بما بين 100 و150 دولاراً. وراوحت أسعار بطاقات السهرة التي أقامها مطعم وادي الأرجوان، وأحيتها دانا وميسا وباسمة والراقصة ديان بما بين 100 و140 دولاراً أميركياً. أمّا أسعار بطاقات سهرة مطعم برج الحمام التابع لفندق الموفمبيك، فوصلت إلى 135 دولاراً أميركياً، وبلغت نسبة الحجوزات فيها 90 في المئة، فيما سهرة الهامنغويز التي تبلغ قيمة بطاقتها 155 دولاراً وصلت نسبة الحجوزات فيها الى 80 في المئة، وشهدت سهرة الميديتيرانيه التي تراوح أسعار البطاقات فيها ما بين 65 و75 دولاراً شهدت إقبالاً كبيراً أدّى إلى إقفال الحجوزات لها منذ أسبوع تقريباً.
وحفلات عادية
العام الجديد الذي فاض إنفاقاً خيالياً على سهرات رأس السنة، وكرّس العتبة الطبقية التي تتزايد طولاً وعرضاً، فضحته أسعار البطاقات الزهيدة في أكثرية المطاعم في لبنان، التي أجمع غالبية أصحابها على أن مبيعاتهم تراجعت بشكل طفيف. فمدير مطعم النبع في منطقة كفرشيما دانيال الفتى أشار إلى أن نسبة الحجوزات تدنّت هذا العام 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي، فالسهرة التي أقامها سعر بطاقة حضورها 25 دولاراً، وعلى الرغم من ذلك لم تصل نسبة الحجوزات إلاّ إلى 80 في المئة، بعدما كانت 110 في المئة العام الماضي. فيما أشار صاحب مطعم سحارى في منطقة ريفون إلى أن الحجوزات على السهرة لم تتعدّ الـ25 في المئة، أمّا غالبية مطاعم منطقة الجنوب، فشهدت إقبالاً كبيراً أدّى إلى إقفال الحجوزات قبل أيام من ليلة رأس السنة، ومنها مطعم شمس الأصيل الذي أقفل حجوزاته قبل ثلاثة أيام من ليل أمس، وفق ما قال مدير المطعم علي مقبل.
أمّا الغالبية العظمى من اللبنانيين، فقد أحيوا سهراتهم في «HOME CLUB» كما يحب ذوو الدخل المحدود والفقراء تسمية سهراتهم المنزلية، وسعر بطاقة الدخول الى هذه السهرات كيس من المكسّرات، وبعض المشروبات، وبعض الحلويات، ويحيي حفلات هؤلاء، تلفاز صغير ينقل وقائع الحفلات الفاخرة على شاشاتهم... مجّاناً.
تعليقات: