لم تؤثر الحداثة على معالم قرية ابيانه الايرانية، التي بنيت في حقبة بعيدة جداً، وهي تابعة لمحافظة اصفهان، وترتفع عن سطح البحر 2400 متر، ويقدر عدد سكانها اليوم بـ 300 مواطن.
دخلت أبيانه في برنامج ثقافي مميز لزيارة #إيران، نظمته الأستاذة المحاضرة في قسم الجغرافيا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القديس يوسف البروفسورة ليليان بوتشنتي بركات. وحرصت على أهمية البرامج السياحية والثقافية في القسم، والتي تشرف على اعدادها شخصياً، لتكون جولات في دول ومدن عدة تحمل في طيّاتها معلومات ثقافية وتاريخية لدى المشاركين معنا في أسفارنا.
لا للباطون
لماذا أبيانه؟ تجيب بركات: "تدخل القرية كمعلم ثقافي وسياحي أساسي في برنامج زيارة إيران، وهي مدرجة من منظمة الأونيسكو الدولية في لائحة التراث العالمي. القرية لم تفقد سحرها القديم والذي يعود الى القرون الوسطى: بيوت من الطين، منازل جميلة لم يشوّهها الباطون، التقاليد القديمة سارية المفعول على أهالي القرية، نسوة "أبيانه" يرتدين حجاباً من ورود ملونة، تعتاش فيها العائلات من محصول بيع أشجار الفاكهة وبعض محاصيل بيادر القمح، إضافة الى المدخول السخي من الأشغال اليدوية الخاصة المصنوعة من انامل النسوة فيها. ومن أبرز الأطعمة لدى قاطنيها، مزج الخضر مع بعض اللحوم وتقديمها كطبق رئيسي على المائدة.
الشعلة لا تنطفئ!
شددت بركات على" أن إيران لم تشهد أي تغيير ملحوظ في نظامها القبلي بعد الثورة، مشيرة الى أنها "تضم نحو 270 قبيلة منها قبيلة بختيار مثلاً التي يتحدر منها شابور بختيار، آخر رئيس وزراء في إيران في حقبة الشاه محمد رضا بهلوي". ولا تختلف، وفقاً لها، بيئة مجتمع أبيانه عن مجمل مناطق إيران وقراها، اذ أن سكان هذه البلدة القديمة يتبعون اليوم الديانة الزرادشتية، مشيرة الى أن اسلافهم حاولوا منذ تأسيس أبيانه إتباع الديانة المازكية وهي حركة مناهضة للزرادشتية، لكنها ما لبثت أن قمعت من كهنة آمنوا بها ونشروا الديانة الزرادشتية.
وشرحت "ان سكان هذه القرية يؤمنون بإله واحد"، مشيرة الى "أنهم ما زالوا يطبقون مبدأ تعدد الزوجات، وهو تقليد قديم ساد في السابق بسبب تفاقم عدد الوفيات لدى الحوامل عند الولادة". واللافت أنهم "يعتمدون حرق جثث الموتى في شعلة مضاءة منذ تأسيس القرية، وهذا يثبت أنهم يثمّنون مكانة الروح بعد الموت". وتوقفت عند رمزية الشعلة المضاءة، مشيرة الى أنه في حال انطفأت فهذا دليل قاطع على نهاية العالم.
ورداً على سؤال عن توافر وسائل نقل حديثة، قالت: "يستخدمون سيارات صغيرة رغم أن غالبيتهم يتنقلون مشياً على الاقدام. رأينا بعض أجهزة حديثة للبث التلفزيوني على سطوح المنازل. أعتقد فعلياً أن الجيل الشاب انخرط في عالم الكومبيوتر، وهم بالطبع يستخدمونه بعد عودتهم من المدرسة، فالكهرباء متوافرة دائماً اضافة الى كل مستلزمات الحياة الكريمة".
تعليقات: