حلمت طويلاً، ابنة بلدة حاصبيا، برؤية جنينها الذي أحبته قبل رؤيته، انتظرت اليوم الذي ستضعه، تحمله وترضعه، وعندما حان الوقت، توفيت بعد ولادته، من دون أن يتسنى لها ان تكحل عينيها ولو بنظرة تفرح قلبها به، هي جنان ابو غيدا حمود التي فارقت الحياة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي بعد معاناة 18 ساعة من الولادة.
عند الساعة الثانية عشر من ليل الاحد الماضي توجهت جنان الى المستشفى الحكومي، كانت فرحتها لا تسعها، كيف لا وقد دقت ساعة الصفر لولادة "ليا"، لكن ما حصل صدم الجميع، وبحسب ما شرح عمها والد زوجها لـ"النهار" سمير حمود "الخطأ الطبي واضح، دخلت على قدميها وخرجت جثة، مع العلم اني طلبت من الاطباء اجراء عملية قيصرية لها، بعدما ابلغتنا طبيبتها انه لا يمكنها الولادة بشكل طبيعي بسبب حجم الجنين، لكن الطاقم الطبي لم يبال بطلبنا وبالتقرير الذي يثبت كلامنا، وضعوا لها طلقا اصطناعيا نحو 18 ساعة وعندما فقدوا الامل بولادتها طبيعيا وبعد ان ساءت حالها نقلوها الى غرفة العمليات لاجراء عملية قيصرية، لكن دخلت بعدها في غيبوبة قبل ان تتوفى يوم الخميس الماضي".
محاولة انقاذ فاشلة
مشكلة جنان (22 عاما) انها مكتومة القيد، لذلك كما قال حمود: "لم يكن امامنا سوى ادخالها الى المستشفى الحكومي بعدما رفضت المستشفيات الاخرى استقبالها". وبحسب ما شرحته محامية العائلة ندين فرحات "لم تحضر طبيبتها اثناء ولادتها، بل تركت الامر الى اطباء متدرجين، وعندما خرجت الامور عن سيطرتهم حضر رئيس القسم الذي طلب نقلها فورا الى غرفة العمليات، وضعت جنان طفلتها ليا، لكنها اصيبت بنزيف داخلي، وتسمم في اعضائها، اعيد ادخالها الى غرفة العمليات وبعد 4 ساعات اتخذ الاطباء قرار استئصال رحمها لكن كان الاوان قد فات".
دمها لن يذهب هدراً
رفعت العائلة دعوى ضد كل من تسبب بوفاة جنان، والدها وليد ابو غيدا المفجوع بفقدان وحيدته على شاب، قال: "قتلوها، خلقت في العذاب وماتت بالعذاب، عن اي جرح سأتحدث، جروحي تنزف، والسبب دولتنا التي لم تعطها هوية، على الرغم من كل محاولاتي لذلك، وتوكيل محامين، مع العلم انها تملك وثيقة ولادة وكل ما يثبت انها لبنانية، لكن تأخري عن تسجيلها عند ولادتها ادى الى كل هذه المتاعب". واضاف"دمها لن يذهب هدرا، حتى لو كلفني الامر ان ارقد الى جوارها فلم يعد لدي ما اخسره".
مناشدة وردّ
عم جنان ناشد الدولة اللبنانية و"كل مرجع مختص وكل من لا يزال يملك ضميرا حرا ويخاف على الوطن والمواطن أن يدعمنا بفتح ملف مسلخ بيروت الحكومي لقطع ايدي السفاحين الذين يستهزئون بارواح الناس". أما إدارة مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي فقد شكلت لجنة متخصصة للتحقيق والبحث في أسباب وفاتها بحسب ما ذكرت في بيان وذلك للوقوف على حقيقة ما حصل معها، مؤكدة أنها على أتم الإستعداد للتعاون مع أهل أبو غيدا والإجابة عن تساؤلاتهم في ملابسات واقعة الوفاة، مشددة التزامها المعايير الادارية والاستشفائية والمهنية المعمول بها في أرقى المستشفيات، وانها ستقوم بكل ما من شأنه ان يؤدي الى جلاء الحقيقة كاملة، كما وانها تعتبر القضاء اللبناني هو المرجع الوحيد والصالح لتقييم الاجراءات التي اتبعت مع الفقيدة وتحديد المسؤوليات.
تعليقات: