حقائق عن الشيخ نبيل رحيم ومجموعته

الشيخ نبيل رحيم
الشيخ نبيل رحيم


• من التوحيد إلى الهداية، وصولاً إلى القاعدة وتزعّم شبكة حمود

لم تكد تمر ساعات على الشريط المنسوب إلى شاكر العبسي، حتى قبض على نبيل رحيّم المشتبه بأنه أحد قادة «فتح الإسلام»، وذلك في منطقة المنار من أبي سمراء في طرابلس، ليعود الحديث عن حقيقة الاتهامات الموجهة إلى رحيّم، تزامناً مع الحديث عن عودة «فتح الإسلام»

صباحاً، اعتقل رحيم خلال محاولته الاتصال بأحد أقاربه، مع زوجة ثانية له كانت تلميذة عنده. والشيخ نبيل احتل الصدارة في لائحة اللبنانيين المطلوبين للعدالة، وقد وجهت إليه بضع تهم، من الانتماء إلى القاعدة والمشاركة في تأسيس «فتح الإسلام» وإعداد مقاتلين وترحيلهم إلى العراق، رغم نفي صديقه الشيخ بلال دقماق كل علاقة للشيخ نبيل بـ«فتح الإسلام» أو تنظيم القاعدة.

وقبل اندلاع أحداث نهر البارد بزهاء ثمانية أشهر، قبضت السلطات السعودية على صديق رحيم، بسام حمود الملقب بـ«أبو بكر»، وهو صاحب محل تسجيلات إسلامية في محلة أبي سمراء، وذلك أثناء دخوله إلى الأراضي السعودية. وتردّد يومها بين الأوساط السلفية في طرابلس أن اعتقال أبو بكر جاء لشبهة صلة تربطه بأحد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد الحرمين.

لم يمض على الحادث بضعة شهور حتى فوجئت مدينة طرابلس بحملة مداهمات طاولت أبي سمراء والزاهرية والقبة وباب التبانة، حصيلتها القبض على أكثر من 100 شاب بتهم عدة من الانتماء إلى القاعدة وتأسيس تنظيم إرهابي، إلى التدرب على السلاح. وكان على رأس المطلوبين نبيل رحيم.

مصدر إسلامي أكد أن الملاحقات والاعتقالات التي شملت هؤلاء إنما جاءت بناءً على طلب سعودي من الحكومة اللبنانية بعد اعترافات نُسبت إلى «أبو بكر» من سجنه في السعودية تقول إنه كان يتلقى أموالاً من عناصر القاعدة في السعودية بقصد تدريب شبان في لبنان للقتال في العراق وإن مهمة نبيل تسهيل الربط بين الطرفين.

ورغم أن نبيل متهم باستقبال أحد الممولين لتنظيم «فتح الإسلام» وتسهيل انتقاله إلى مخيم نهر البارد قبل اندلاع المواجهات، فإن المصدر المذكور يتشكك في صحة تلك المعلومات، قائلاً إن أمر المجموعات قد بولغ به للتوظيف السياسي، وكانت السلطات السعودية تطالب بالتحقيق معهم قبل أن تختلط الأوراق بينهم وبين «فتح الإسلام». والدليل أنه لم يرد في التحقيق مع هؤلاء أن أحداً من الموقوفين اعترف بأنه كان يخطط لقيام إمارة إسلامية على غرار ما أدلى به موقوفو «فتح الإسلام» لاحقاً.

وتشارك المصدر رأيه جبهة العمل الإسلامي التي عيّنت محامين للدفاع عن هؤلاء بحسب ما يقول أمينها العام فتحي يكن، إذ نفى في حديث سابق معه تهمة السلفية الجهادية أو القاعدة أو «فتح الإسلام» عن «جماعة الشيخ نبيل».

أما عن أهداف هذه المجموعة من التسلح فيرجعها الشيخ عمر بكري إلى «الشحن السياسي الطائفي والمذهبي الذي أدى ببعض أفرادها إلى جمع السلاح الخفيف للدفاع عن أنفسهم وعن طائفتهم إذا حصل أي طارئ». في حين يقول أحد المحامين، نقلاً عن عائلات «مجموعة الشيخ نبيل»، إن بعض أولادهم كان يتدرب للجهاد في العراق، في حين كان يريد البعض الآخر الاستعداد لمواجهة «أي خطر قادم من الشيعة» بعد الشحن في الوسط السني.

من هو «الشيخ نبيل»؟

ولد الشيخ نبيل عام 1971 م في بيئة شمالية محافظة، حيث عاش حروب طرابلس بتفاصيلها، إلا أنه منذ نعومة أظفاره كان محباً للفكر السلفي، وقد دفعه هذا إلى التتلمذ على مؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ داعي الإسلام الشهال منذ عام 1986، إلى أن انخرط في أول جمعية سلفية أنشأها الشهال وهي «جمعية الهداية والإحسان». وقد دفعه مقتل صديقه الشيخ أسامة القصص عام 1988 إلى التشدد ولا سيما في وجه خصوم السلفية (الأحباش) المتهمين، وفق ما يجمع عليه السلفيون، بقتل القصاص.

لم يكمل نبيل تحصيله العلمي واكتفى بشهادة الثانوية الشرعية التي حصل عليها من «الكلية الإسلامية» في طرابلس، إلا أنه «يحمل علماً وافراً، حتى أصبح من المشايخ المعروفين بالعلم في طرابلس، ولديه شبكة علاقات عامة تجاوزت لبنان»، على ما يقول صديقه الشيخ بلال دقماق.

بقي نبيل منتمياً إلى «جمعية الهداية» حتى عام 1996، تاريخ حلّ الجمعية بسبب طباعة كتيب على حسابها تحت عنوان «الأديان والفرق المعاصرة» يحرض على النظام السوري ويصفه بـ«النظام البعثي والعلوي الباطني المرتد».

ووفق دقماق، فإن نبيل استقل بنفسه بعد إغلاق الجمعية، وعمل مدرساً وموظفاً في «دار الحديث» مع الشيخ زهير عيسى في طرابلس.

عاش نبيل، الحاصل على الجنسية الأوسترالية، حياته بشكل طبيعي حتى عام 2004 حين استدعي للتحقيق في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعدما اتهمت حكومة الرئيس كرامي مجموعة من السلفيين الأوستراليين من أصل لبناني بالوقوف وراء الاغتيال إثر مغادرتهم مطار بيروت بعد ساعات من حصول الجريمة. وبقي نبيل رهن الاعتقال 15 يوماً في وزارة الدفاع «ثم أفرج عنه بعدما عُذّب رغم براءته التي أكدها تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس» بحسب دقماق. ويتابع دقماق: «لم تطل مدة حريته، إذ استدعي مجدداً إلى بيروت، إلا أنه رفض الحضور وأجاب (الأجهزة الأمنية) بأنه مستعد للمثول أمام الأجهزة الأمنية في طرابلس مع ضمانات بعدم التعرض له، إلا أن المخابرات أصرّت على حضوره إلى بيروت فرفض ثم توارى عن الأنظار وقد وُجّهت إليه تهم عديدة».

ويقول الدكتور حسن الشهال إن «الصورة التي أعطيت له أكبر بكثير مما هو عليه»، وكل ذلك لا ينفي أن رحيم نجح في الفرار من السعودية بعدما اعتقل رفيقه حمود، ثم نجح في التواري في لبنان مدة تزيد على العام، وأنه لعب دوراً في دعم المقاتلين في العراق، وفي تجنيد الشبان في لبنان، وكان هو من خلف حمود على رأس المجموعة التي بقيت في الشمال حتى شتاء العام الماضي، قبل أن تُعتقل.

دهم واعتقال

وضع القبض على نبيل رحيم، فجر أمس، حدّاً لفترة طويلة من تعقّب القوى الأمنية له، ووصف بيان قوى الأمن الداخلي رحيم بأنّه «المنسّق الأساسي بين التنظيمات الإرهابية داخل لبنان وخارجه».

الجهات الأمنية المعنية تكتمت عمّا لديها من معلومات عن التحقيقات الأولية التي أجرتها مع رحيم، الذي نقل سريعاً إلى بيروت، إضافة إلى كيفية استدلالها إليه بعد مضي كلّ هذه الفترة. وأوضحت معلومات أنّ الاتصالات الخلوية التي كانت تجريها زوجته، سهّلت اكتشاف مكان إقامته.

الشقّة التي اعتقل فيها تقع في الطبقة الخامسة من مبنى «زياد سنتر» الواقع في أطراف أبي سمراء الجنوبية. لكنّ قيام العناصر الأمنية بخلع أبواب ثلاثة كاراجات في مبنى مجاور دلّ على أنّ عمليات الدهم كانت واسعة النطاق.

تعليقات: