بعد التأكيد على أن قدوم النبي ( ص ) الى المدينة كان في ربيع الأول ، وصيام اليهود كان في نفس اليوم الذي دخل فيه النبي ( ص ) المدينة ، وكان في شهر " تشري " في تقويمهم كما تقدم ، وسوف نعود الى الرواة عن صيام هذا اليوم والتعليق عليه .
*عن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما قال: " قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، نجّى اللَّه فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه، فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه" .
وفي رواية: " فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه" .
وفي رواية أخرى: " فنحن نصومه تعظيماً له" .
أخرجه البخاري (4/244) ح(2004) ، ومسلم (1130)، وأبو داود (2/426) (ح2444) ، وابن ماجه (1/552) ح(1734) ، والبيهقي (4/286).
وأخرجه أحمد (2/359) من حديث أبي هريرة وزاد: "وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي" وإسناده ضعيف، في إسناده عبدالصمد بن حبيب وهو ضعيف، وحبيب بن عبدالله وهو مجهول .
قال ابن كثير في تفسيره (2/448) - بعد أن أورده من هذا الوجه - : "وهذا حديث غريب من هذا الوجه" .
من الروايات عن ابن عباس والذي اخرجها البخاري وغيره كما تقدم روايات ضعيفة لا يتقبلها العقل للأسباب التالية :
١- سؤال النبي ( ص ) عن صيام هذا اليوم عند دخوله المدينة ، العامة من الناس تعرفه وترد على النبي ( ص ) ونبي الأمة لا يعرف هذا اليوم . اليس هذا محل شك ؟
٢- تعدد النقل بشأن هذا اليوم ك انا احق بموسى .. فصامه موسى شكراً ، فنحن تصومه . . فنحن تصومه تعطيماً له .
أن هذه الروايات وضعت النبي ( ص ) موضع شبهة حاشاه الله أنه يجهل هذا اليوم ومعناه ، وما القصدمنه ، والله قال عنه : ما هو إلا وحي يوحى .
والأمر من النبي ( ص ) بصيام هذا اليوم ، مخالفة لله سبحانه وتعالى ، لأن لا اثبات أن جبريل نزل وبلغه صيام هذا اليوم ، في كل من كتب واخرج ونقل .
إما ابن عباس غير دقيق في النقل وبذلك يتبعه الشك في كل ما نُقِل عنه ، او أن الحديث منسوب لأبن عباس ولا علاقة له فيه ، والنسبة اليه ليعطوه قوة الحجة لأنه ابن عباس .
وهذه رواية أخرى عن عبدالله بن عمر :
* عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما قال: "كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية، فلما نزل رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء لم يصمه" .
وفي رواية : وكان عبد اللَّه لا يصومه إلا أن يوافق صومه.
وفي رواية لمسلم: " إن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صامه، والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما افترض، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه" .
وفي رواية له أيضاً : " فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن كره فليدعه" .
أخرجه البخاري (4/102، 244) (ح1892) ، (2000) ، و(8/177) (ح4501)، ومسلم (1126) ، وأبو داود (2/326) (ح2443) ، وابن ماجه (1/553) (ح1737) ، والدارمي (1/448) (ح1711) ، وابن حبان (8/386) ، (ح3622) ، (3623) ، والبيهقي (4/290).
من كان على دين مُحَمَّدٍ وسنته وشريعته لا يمكن له ان يتخيل بعد نزول الأمر من الله سبحانه وتعالى بصيام شهر رمضان أن ينسب الى النبي قوله من شاء صامه ، ومن شاء تركه ، ومن كره فليدعه .. اليس جمعٌ بين أمر الله والجاهلية ؟ كما انه لا يوجد اي بحث او ادلة تؤكد أن جبريل اوحى الى النبي ( ص ) بصيام هذا اليوم او تركه ، وبالتالي هذا القول يكون زائداً وخارجاً عن الرسالة وسلوك النبي ( ص )
كما انه لا يوجد اي تأكيد بأن النبي صام في الجاهلية هذا اليوم .
وهذه رواية عن عائشة :
عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: " كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر".
وفي رواية : " كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه" .
أخرجه البخاري (4/244) (ح2001) ، (2002) ، ومسلم (1125) ، وأبو داود (2/326) (ح2442)، والترمذي (2/118) (ح753) ، ومالك في "الموطأ" (1/299) ، وأحمد (6/29، 50، 162) ، وابن خزيمة (2080).
التعليق جاء على هذا القول عما ورد عن عبدالله بن عمر ولا نزيد .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
الجزء الأول من مقالة الحاج صبحي القاعوري: صيام يوم «عاشوراء» حرام
الجزء الثاني من مقالة الحاج صبحي القاعوري: صيام يوم «عاشوراء» حرام
الجزء الثالث من مقالة الحاج صبحي القاعوري: صيام يوم «عاشوراء» حرام
الجزء الرابع من مقالة الحاج صبحي القاعوري: صيام يوم «عاشوراء» حرام
تعليقات: