هو واحد من الإنجازات الطبية والعلمية التي رفعت إسم لبنان عالياً، وفتحت صفحة جديدة عن جدارة لبنان وأطبائه باعتلاء أعلى المراتب والمناصب.. وتأكيد على أنّ بلد الأرز عامر بالمبدعين.. ليس على صعيد الفن والثقافة فحسب .. بل أيضاً على صعيد العلم والطب..
هو إنجاز يُكتب لكل من شارك فيه.. بل لكل من عمل على وصوله إلى العالم.. على الرغم من غياب الإعلام المحلي باختلاف أوجهه عنه.. إنّها العملية الجراحية التي قام بها الجرّاح اللبناني د. هيثم فوال.. بمشاركة أطباء من حول العالم وصوّرتها محطة الــ mbc من مستشفى المقاصد في قلب العاصمة بيروت..
صفحة مضيئة سيسطّرها التاريخ المشرق لمبدعين من لبنان في أي مجال كانوا.. رفعوا إسم بلدهم عالياً بالرقي والعلم..
وفي هذا السياق كشف الدكتور فوال عن الخطوة العلمية العالمية التي تُحسب لقطاع الطب في لبنان، حيث اختاره المؤتمر العالمي للسمنة، الذي تُعقد فعالياته سنوياً في إحدى دول العالم، وجرى في 2017 بالعاصمة البريطانية لندن، بحيث اتصلت به رئيسة اللجنة العلمية، للقيام بنقل مباشر لعملية Sleeve بالتخدير الموضعي، في إطار مجموعة من الأطباء من حوالى 12 مركزا من خاطرة العالم، ولبنان فقط يمثل الشرق الأوسط.
وأكد الدكتور فوال أنّ العملية كانت ناجحة 100%، وصُنِّفت ضمن أفضل نقل مباشر كصورة وصوت، وذلك من غرفة عمليات مستشفى المقاصد في بيروت، بإشراف مخترع عملية Sleeve، الذي كان يحاور الأطباء خلالها..
سجّل الدكتور فوّال عتبه على المحطات ووسائل الإعلام اللبنانية التي تهتم وتكرّس مساحات كبيرة لبعض الامور السطحية، فكيف بحدث طبي علمي وعالمي ضخم كهذا لا يستحق اهتمامها ..؟؟
وشدّد د. فوّال على أنّ هذا الإنجاز ليس انجاز شخصي له، بل هو انجاز ايضا لمستشفى المقاصد وفريقه الطبي، واوضح عن وجود اطباء بارعين في جراحة السمنة في لبنان يتبوأون مكانة عالمية، ولكن لم تسمح لهم الفرصة للظهور وتوعية الناس حول عمليات السمنة وتداعياتها الايجابية والسلبية...
وأشار إلى أنّ الهدف الأول لهكذا حدث عملي طبي عالمي هو إظهار قدراتنا كقطاع طبي في لبنان على الخوض في أي عملية بشكل مباشر وتخدير موضعي، خصوصا أنّ البث المباشر يزيد من صعوبة العملية 100%، " فأنا قد أدّعي مقدرتي القيام بأي عملية، ولكن ان تكون مباشرة فهنا يكمن التحدي، أما الهدف الثاني فهو جعل الناس يشاهدون تفاصيل العملية الدقيقة، لأنه أمر علمي ترغب الناس بمتابعته ورؤيته، وقد لا يتكرّر، واشكر الـ mbc على الاستضافة المباشرة لي لمدة ثلاثين دقيقة للحديث عن اهمية هذا الحدث الطبي".
السمنة.. سرطان أصفر
تطرّق د. فوال إلى دراسة اجراها الدكتور عادل القحطاني في جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية عن الأطفال المصابين بالسمنة المفرطة، وتبيّن انهم يعانون من تشّحم في الكبد مع احتمالات تلّيّف الكبد بنسبة 55 الى 60 % ... للبدانة تداعيات أكثر من مرض السرطان، وقد سُميت مؤخرا بالــ Yellow Cancer.
وفيما أكد أنّ هناك أزمات كثيرة تعرّض لها قطاع الطبابة والصحة التجميلية في لبنان تحديداً، اعتبر أنّه لا يمكن تحميل المسؤولية لأي طرف دون سواه، لكن قد تكون المسؤولية مشتركة، خصوصاً في ظل انعدام الثقة المتبادل ما بين وزراء الصحة المتعاقبين والأطباء الاختصاصيين لأسباب عديدة.
يؤكد دكتور فوال أنّ السمنة مرض موصوف، وكل وزارات الصحة في دول العالم توافق على هذا التوصيف، والعالم يهتم به بشكل كبير. وبغض النظر عن المشاكل التي كانت موجودة يفترض بوزارة الصحة أن تقوم بالعمل من أجل معالجة السمنة، وأن يجري التعامل مع أطباء اهل ثقة وكفاءة وخبرة في هذا المجال، إضافة إلى وضع سياسة صحية بالتنسيق مع الأطباء المعروفين، لتحسين الوضع الصحي للناس.
توصيف السمنة.. والدعم الرسمي
رأى الدكتور فوال أنّ هذا الأمر يحتاج إلى مبادرة من الوزارة باتجاه الأطباء، الذين لا يمكنهم التحرّك دون دعم وغطاء رسميين، ولا نستطيع رمي اللوم على كاهل أي وزير صحة (خصوصا إنْ لم يكن طبيباً)، لأنّ المسؤولية الأساس تقع على المستشارين أصحاب الصلة بعالم الطب، فإنْ عجزوا عن إيضاح الصورة المناسبة له خصوصاً في ما يتعلق بمفهوم السمنة، فإنّ المشكلة ستزداد، وستغيب الصورة الصحيحة عن وضع السمنة في لبنان وتداعياتها سواء على الفرد أو المجتمع أو الاقتصاد.
وأعاد تأكيد أنّ المشكلة تكمن في توصيف السمنة كمرض، رغم أنّ الناس يتعاطون مع الموضوع باستخفاف، وكأنّه مجرّد تخفيف وزن، علماً بأنّ السمنة سبب للكثير من الأمراض كمرض السرطان والضغط على أنواعه وعلل القلب والسكري والكثير الكثير من الامراض..
ولفت إلى أنّ العقبة الكبرى لدى الناس عامة هي أنّهم يسلّطون الضوء على الأخطاء، فعلى سبيل المثال، لو أجرى أي طبيب 5000 عملية ونجح بها كلها، واخطأ في واحدة لأي سبب كان، فإنّهم يركّزون على العملية الفاشلة وينسون الانجازات والنجاحات، لذلك الأساس هو توعية الناس، ولوزارة الصحة ونقابة الأطباء الدور الأبرز والأهم في توعية الناس، فالعملية لها فوائدها وسيئاتها ككل عملية، وفي كل عملية سمنة قد تكون هناك مخاطر كأي عملية أخرى، فعملية المرارة -على بساطتها - قد تتسبب احيانا بخطورة على المريض.
أما ما يتعلق بشكل الشخص قبل أو بعد العملية، فإنّ أي صبية أو شاب همهم الأول والأخير هو الشكل، لأنه يؤثر على النفسية والعمل والحياة الاجتماعية، ولكن مع التوعية لمخاطر السمنة يدركون أهمية العملية من الناحية الصحية لحماية أنفسهم من الامراض.
وتناول الدكتور فوال الحضور اللبناني في المؤتمرات العالمية مشيرا إلى أنّ جميع المؤتمرات التي شارك فيها لها الطابع الرسمي، ودور القطاع الخاص يقتصر على التسويق، وهذا العام دُعيت إلى 6 مؤتمرات علمية عالمية تُعنى بالبدانة، بحيث شاركتُ في "المؤتمر العالمي للسمنة" في لندن، حيث جرى اختيار مركز BSC كمركز وحيد في الشرق الأوسط، ومؤخراً عدتُ من الكويت إثر مشاركتي في مؤتمر طبي هام، إذ تم تكريمي من قبل وزارة الصحة الكويتية ومُنحتُ درعاً تقديرياً.
وختم بأنّنا كلبنانيين استطعنا وضع بصمة ضمن قدراتنا القليلة، كما أنّ العديد من الأطباء من عرب وأجانب يسألوننا عن إمكانية التمرين او التدريب في لبنان، وهذا العام بالتحديد استضفنا على مرحلتين مجموعات من الأطباء من حول العالم حيث أجروا تمارين في لبنان، هذا إضافة إلى أنّني أتوجه بشكل دوري إلى عدد من الدول العربية الشقيقة لأدرب الأطباء في هذا المجال. وعليه يمكننا القول بأنّ لبنان ورغم كل أزماته لا يزال لبنان مرجعاً في الملفات الطبية، ومن واجبنا كلبنانيين في أي قطاع كنّا الإضاءة على كل تطور يجري في بلدنا.
تعليقات: