لينا مشنتف.. خضعت الى 12 جلسة اي لنحو 4 أشهر، متخطية كل مخاوفها وهواجسها
فصول سوداء مرّت في حياتها وكأنها كابوس مزعج أثقل بأرقه يقظة لينا مشنتف في ذاك النهار. كان عليها ان تعيش مرة اخرى تجربة المرض، التجربة الأولى كانت صعبة عليها، لم تكن سوى طفلة صغيرة عندما أُصيبت والدتها بالمرض، أما الثانية فكانت هي "لينا" السيدة الأربعينية التي تعشق الحياة الى حدّ الانتشاء وعليها أن تحارب من جديد دون رأفة. أرادت أن تقتله قبل أن يقلتها، لم تسمح له بتعكير صفائها مع الحياة وشغفها الكبير لعملها وحبها للناس الذين من حولها. متصالحة مع الحياة ولكن قبل كل شيء هي متصالحة مع ذاتها، مع أحلامها، ورغباتها وطموحها التي تحارب بها لتبقى على قيد الحياة! شاءت المصادفة ان تخوض غمار "السرطان" ولكنها لن تسمح له ان يأخذ شيئاً منها...وقد صدقت فعلاً .
كانت حياة لينا مشنتف التي تبلغ اليوم 50 عاماً تمشي كعقارب الساعة، دقيقة وناجحة في كل شيء. كانت حياتها تمضي قدماً وقد حققت بعضا من أحلام وما زال لديها الكثير لتحقيقه، لكنها فجأة وجدت ورماً خبيثاً يقف حاجزاً في طريقها، توقفت لبرهة لكنها حتماً لم تطل الوقوف هناك. تروي قصتها مع السرطان بالرجوع 5 سنين الى الوراء يوم كان عمرها 45 عاما، تقول لـ"النهار": "كنتُ أجري سنوياً صورة الماموغرافي لأن هناك عاملاً وراثياً لكون والدتي كانت مصابة بسرطان الثدي في ما مضى. أعادوا الإتصال بي في المستشفى لإعادة الصورة تحت حجة ان الاولى ليست واضحة، بالإضافة الى اخذ خزعة. بدأت الشكوك تزيد والخوف من ان أصاب بالمرض مثل امي يكبر معي الى ان أطلعني الطبيب بأنني مصابة بسرطان الثدي".
من وين طلعلي؟
كانت تلك اللحظات صعبة وقاسية على لينا، لم يكن سهلا عليها ان تُعيد سماع تلك الكلمة من جديد، هي التي عاشت بعض فصول السرطان مع والدتها ولم تكن قد تخطت الثانية عشرة، عليها اليوم ان تواجهه من جديد وبشراسة أكبر حتى تعرف "حقيقته". تصف تلك اللحظات قائلة "شعرت ان الحياة انتهت لوهلة واسودَّ كل شيء، أسئلة كثيرة تجول في رأسي، لم أكن مستعدة او بالأحرى لم أكن أريده باي طريقة. "من وين طلعلي؟ "شو إجا يعمل ع بكير"، "كل شي منيح بحياتي شو اجا يعمل"...هكذا مرّ شهران بصعوبة كبيرة، والأصعب من كل ذلك عندما بدأت أستشير الأطباء، كل طبيب لديه رأيه ولم أكن أعرف ما العمل، شعرتُ بضياعٍ وسط كل هذه الآراء والإختلافات وقررتُ انهاء هذا الجدل بالذهاب عند طبيب سأرتاح إليه، وهذا ما حصل فعلاً".
تتابع حديثها شارحةً "قررتُ استئصاله دون رحمة، لم اسأل عن شيء، كان علي أن اقتله قبل ان يقتلني. لكن لم تنتهِ القصة هنا، طلب مني الطبيب ان اخضع لجلسات كيميائية وكنتُ ارفض هذه الفكرة رفضا قاطعاً، لم أكن مستعدة لمضاعفات هذه الجلسات على حياتي الخارجية والنفسية. كنتُ اسمع عنها كثيراً وأردت تفاديها بأي شكل، لكن لا مفرّ من ذلك. كان من الضروري ان اخضع لهذه الجلسات وبعد محاولات الطبيب الحثيثة نجح في إقناعي لأبدأ فصلا جديدا من فصول هذه التجربة".
خضعت لينا الى 12 جلسة اي لنحو 4 أشهر، متخطية كل مخاوفها وهواجسها. في تلك المرحلة إكتشفت نقاط قوتها التي تعيش في داخلها، لم تكن تعلم انها تملك كل تلك الصفات لكن المرض كشف لها الكثير من الإيجابيات. تؤكد ان "السرطان لديه هالة كبيرة أكثر مما هو عليه حقيقة، التمست ذلك شخصياً. لذلك قررتُ ان "أكسره قبل ان يكسرني" وطلبت من الذين حولي ان يعاملوني بشكل عادي وليس على اساس اني مريضة وبأني سأموت".
تحدّت لينا نفسها في عزّ علاجها، هي التي خططت لتلك السفرة قبل ان تعرف بمرضها فقررت المضي قدماً دون رجعة وان تبقى على مخططاتها كما وضعتها سابقاً. تقول: "سافرتُ الى نيويورك وهناك كانت اول مرة يسقط فيها شعري. وضعتُ يدي على شعري لأجده في يديّ. كانت صدمة قوية لكني قررتُ ان اتسلى بكل مخاوفي واتحايل عليها بهذه الطريقة. صحيح أني لستُ فتاة خارقة ولكني لست أحتضر، انا إنسانة احب الحياة واعشق تفاصيلها واحب عملي كثيراً. أردتُ ان أستفيد من كل لحظة وان لا أفكر بالموت أبداً. أثناء علاجي عُرض علي السفر ضمن عملي، لم أتخل عن هذه الفرصة وقررتُ إغتنامها دون تردد رغم تعب الجلسة ومضاعفاتها على جسمي. كان عليّ ان اقف 7 ساعات لمدة 3 ايام متتالية، ونجحت في الإختبار. إكتشفتُ وقتها اني لم أحتج لأي دواء او مسكن واني لم افكر بعوارض الجلسة ولم أشعر بها. لأني ببساطة سعيدة بالعمل الذي أقوم به والذي يحتل كل تفكيري".
تشدد لينا كثيراً على الناحية النفسية في مواجهة المرض، تعرف جيداً ان هذه الناحية أشبه بعلاج آخر إنه دواء معنوي لتخطي هذه المرحلة. برأيها "ان المرض يعطيك قوة ويضعك أمام خيارين: إما الاستسلام او الاستفادة من كل لحظة وعيشها. لذلك قررتُ ان أعيش وان اكون سعيدة. تذكرتُ قول جدتي التي كانت دائما تردد على مسامعي "انبسطي قدّ ما فيكي ما فيا شي هالدني". صحيح ان تجربتي مع سرطان الثدي بكل فصولها السوداء والمتعبة والأليمة كشفت لي عن اشياء كنتُ اجهلها عن نفسي".
عندما تستمع الى لينا تعشق الحياة، تعشق اللحظة التي تتكلم فيها عن الوقت والأحلام والمستقبل. لديها الكثير لتقوله، تضحك كثيرا، إنها عفوية في كل شيء. تنصح كل سيدة "بأن لا تهمل نفسها وان "تفحص ع صحة السلامة"، لأنو سرطان الثدي يمكن الشفاء منه ولن يغيّر شيئا في المرأة. فكوني أنت والأهم كوني سعيدة في حياتك".
تعليقات: