الصليب الأحمر جمعية محايدة تبلسم الجراح وتزرع الأمل
في ساعات الشدائد والملمات، وفي الأوقات العصيبة والأزمات، وفي أيام المحن والمآسي والويلات، يبزغ فجر الانسانية والتعاضد والخدمات... وينتصب أمامك عامل الترفيه وبلسم الجراحات، فريق الصليب الأحمر اللبناني، جندي البطولة والتضحيات. وكم من مريض وجريح ومعاق ومحتاج، كان الصليب الأحمر له بصيص الأمل والتفاؤل في الحياة...
فرع حاصبيا
فرع حاصبيا، هو أول فرع يستحدث في الجنوب بعد فرع صيدا في الستينات من القرن الماضي، حيث كان لمسؤولة الجنوب في الصليب الأحمر اللبناني الراحلة سميّا جنبلاط اليد الطولى في تأسيسه بالتعاون مع الدكتور رشيد حداد - طبيب القضاء آنذاك - ومجموعة من الشباب والصبايا، اتهمهم البعض آنذاك بالمراهقة. و(الترْيَقَة)، فاذا بهم خيرة المجتمع، وجنود المحبة والتضحية في الملمات... كما ساهم رئيس بلدية حاصبيا الأسبق بهجت بك شمس بالمساعدة وتأمين الأرض، اضافة الى سعيد محمود أبو غيدا الذي بنى طابقاً عن روح ولديه التوأمين عماد ورشاد بعد اغتيالهما في احدى جامعات الولايات المتحدة الأميركية لنبوغهما وتفوقهما في مجال التحصيل والاختراعات، فكانت لهما المافيات بالمرصاد.
وتعاقبت على فرع حاصبيا عدة لجان وهيئات ادارية كانت تقوده الى مضمار النجاح والسؤدد. وتهافت الشباب والصبايا على التطوع لتقديم الخدمات، وتسارعت عدة جمعيات ومؤسسات لبنانية ودولية لتعزيز المركز وتجهيزه ودعمه بالمعدات والأدوية والعلاجات والتجهيزات بعدما بدأت رحلة التأسيس بالتبرعات وجمع الاعانات بربع الليرة والليرة أيام زمان... فانتصر العزم والتصميم على الخمول والفشل فكان الصرح العظيم اليوم الذي تحوّل الى مرجعية طبّية وانسانية، ومبعث أمل وتفاؤل في الحياة.
يقول مسؤول فرع حاصبيا السيد لبيب أبو دهن اليوم ان الصليب الأحمر تحوّل إلى محجة انسانية وصحية بعدما أثبت قدرته في شتى المجالات على اختراق الصعاب، وتأمين معظم متطلبات الحياة للمحتاجين والمرضى والمعاقين، ولا سيما خلال الحروب والاجتياحات المتكررة على الجنوب، وأشدّها وأعظمها فتكاً وتخريباً ودماراً حرب تموز 2006 حيث حوّلت اسرائيل الجنوب الى أرض محروقة، فكان الصليب الأحمر بلسم الجراحات، وأمل الحياة، ومبعث الرحمة، واستنفر عناصره ليلا نهارا لمواجهة المآسي والصعوبات. من نقل جرحى حرب، ونقل مرضى، ومهمات متعددة في الاسعافات في المركز وفي البيوت وفي مراكز الاسعاف، وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية، والمساعدات الغذائية، واستقبال مساعدات النازحين.
كذلك فان نشاط مركز حاصبيا شمل نشاطات تثقيفية، ودورات تعليمية، وحلقات توعية عن الأمراض، وزيارة السجون والوقوف عند حاجتها.
ويقول أبو دهن:
(منذ اللحظة الأولى لحرب تموز تنادينا كالعادة استعدادا للحدث من نواحيه الانسانية والاجتماعية، فكان لنا تحضير سريع على عدة أوجه: التحضير الداخلي في الفرع وخاصة لجهة استعداد فرق الاسعاف بكامل طاقتها من مسعفين وسيارات اسعاف وتحضير مستشفى ميداني في المركز لتلبية أية حاجات طارئة، استنفار قسم الشباب لتلبية أية حاجات اجتماعية وخاصة النزوح وما شابه... استنفار أعضاء اللجنة المحلية ورؤساء الأقسام والأقسام وتوزيع أدوار العمل في الطوارىء القصوى.
وبعد الانتهاء من تحضير الداخل انطلقنا للتنسيق والتحضير مع القائمقام وفعاليات البلدة والبلدية والمخاتير والوقف حيث تمّ عقد اجتماع عام في القائمقامية شكّل على أثره لجنة طوارىء عامة تكون اجتماعاتها مفتوحة ويكون مركز تواصلها في مركز الصليب الأحمر - حاصبيا).
أضاف: (بعد هذا التحضير السريع والمدروس بدأ العمل مع وصول أولى العائلات النازحة من القرى المحيطة هربا من القصف المدمّر فتمّ بالتعاون مع مدراء المدارس الرسمية والخاصة فتح المدارس وتحضير ما يلزم من فرش، وحرامات ومؤن عبر دعوة الناس للتعاون بمكبرات الصوت والتي استجابت مشكورة وخففت من هول المصاب والكارثة، وأصبحنا خلايا عمل متواصل:
- مجموعة تساهم في الاحصاء العددي للنازحين مع تسجيل الحاجيات.
- مجموعة تهتم بتأمين الطعام للناس وتحضير ما يلزم لذلك عبر مساهمات مباشرة أو غير مباشرة...
- مجموعة بدأت مع ادارة مستشفى حاصبيا الذي كان لم يبدأ عمله بعد، فتمّ الاتصال والتنسيق مع المعنيين لتشغيله بما تيسّر والسعي لتحضير متطلبات استمراريته.
- مجموعة للتواصل مع الجمعيات والجهات التي يمكن أن تساعد ببعض المواد الغذائية والاعانات والأدوية.
وتابع: (كثرت أعداد النازحين الضيوف وقلّت المواد في مخازن التجار والأهالي، قطعت الطرقات، قطعت الكهرباء، قطعت مياه الشفّة، ما من امكانية لوصول مساعدات... كل ذلك والحاجة تكبر والواقع يصعب تصاعدا يوما بعد يوم... لم نيأس فسعينا تحت الخطر المحدق لاصلاح أعطال المياه وناشدنا الأهالي اقتسام الرغيف مع الضيوف وسعينا مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لايصال أول كمية من المساعدات ولم ننس أبدا أهلنا أولئك الذين أبوا ان يتركوا بيوتهم وأرزاقهم في الماري والفرديس والهبارية وكفرشوبا وكفرحمام فكان يتم التحضير اليومي لهم كما للضيوف المقيمين في حاصبيا والقرى المحيطة الى ان كان يوم حيث نزح أهالي منطقة مرجعيون ومعهم القوة الأمنية المشتركة الذين وصلوا الى حاصبيا ليجدوا شبابنا والمواطنين بانتظارهم مع الماء والطعام بقلوب مفتوحة قبل المنازل بابتسامة ودمعة، بترحيب وتأهيل، ووداع على مضض على أمل اللقاء).
وختم أبو دهن: (خلية النحل الانسانية أرهقت ولكنها لم تستسلم، سيارة الاسعاف التي يمكنها ان تحمل مصابين أو ثلاثة على الأكثر اضطرّت لنقل 13 من مصابين وأطفال لعائلة حوصرت تحت القصف في حلتا... عند حصول مهمة - وكانت المهمات متتالية - كان المسعفون البواسل يتنافسون: من سيقوم بالمهمة... غير عابئين بقذيفة انفجرت بجانبهم وأخرى وراءهم وصاروخ قطع الطريق أمامهم... حتى مغاوير الاعلام الذين حوصروا بين النيران وقطع الطرقات لم يجدوا إلاّ هذه المؤسسة بشعارها الايماني تنقذهم وتأويهم... فكتبوا ما كتبوا وقالوا ما قالوه... إنها البطولة الحقّة التي تتفجّر من رحم المأساة... انها البديل اليقظ حينما تنشل كل الامكانات.
إنها كما كتب أحد أفذاذ الصحافة يوما:
(دولة الصليب الأحمر اللبناني - فرع حاصبيا).
دراسة مفصّلة
الى ذلك، أعدّ طلاب مدرسة حاصبيا الرسمية، دراسة مفصّلة عن تأسيس الصليب الأحمر في لبنان، وغايته وهيكلته التنظيمية، وأهدافه، والخدمات الطبية والاجتماعية التي قدّمها، وسياسته ومهماته وموقعه في العالم، وطرق الاتصال به.
تعليقات: