ليس من خرج بعد وفاة الرسول ( ص ) على الإسلام وسنة رسوله ،او في زمن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ( ع ) ، بل اليوم وفي كل لحظة نرى خوارج جُدد ، من كل فئات المسلمين دون استثناء ، منهم من أفتى برضاعة المرأة لزملاؤها في العمل ، ومنهم من أفتى بجهاد النكاح ، ومنهم من أفتى لمعاشرة أمه او اخته وهو في حالة القتال ، وكل هذا خروج ابشع وأشنع من الخوارج السابقين ، وتعليقنا على ما نشرت فئة من الخوارج الجُدد حيث يقولون :
إنّ الإمامة الشّيعيّة بصيغتها الّتي تولّدت في عصر نشوء المذاهب في أيّام الصّادقين "ع" وصيغتها الأثني عشريّة المتأخّرة لم تكن موجودة ولا حاضرة في أيّام محمد بن الحنفيّة لكي يُقدم محمد بن الحنفيّة على إنكارها؛
الإمامية منذ الرسول ( ص ) ، ونحن هنا لا نتطرق الى علوم او إنكار محمد بن الحنفية ، بل نحن بصدد الرد على مثل هؤلاء الذين لم يجدو ولن يجدو لهم مكان في المجتمع العالم العارف بالأمر والمنتهج الطريق الصحيح والسليم في إبراز وجودهم ، قد يجدوا لهم مكان في مجتمع استولى عليه الشيطان كما جاء في عدة أيات قرأنية ، ولكن عُبَّاد الله الصالحين لا سلطان للشيطان عليهم .
وقد جاء الرد على مثل هؤلاء من الأحاديث النبوية بأن الرسول ( ص ) ذكر الأئمة ، حيث قيل أن النبي ( ص ) حدث بهم وبأماكن أخرى بأسمائهم كما جاء في كتب الرواة :
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ :
( إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً . قَالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ . قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي : مَا قَالَ ؟ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ )
رواه البخاري (رقم/7222) ومسلم واللفظ له (رقم/1821).
لقد ذكر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خلفاءه من بعده بطرق مختلفة..
فتارة يشير(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى العدد، كما في الروايات المشهورة عند السُنّة والشيعة: (لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة, أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة)(1)، أو رواية ابن مسعود: (يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى)(2).
وتارة يشير(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى القبيلة، كما في قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (كلّهم من قريش)(3).
وأُخرى يشير إلى البيت الذي ينتمون إليه، كما في إحدى طرق حديث الخلفاء اثنا عشر، قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (كلّهم من بني هاشم)(4).
وتارة يذكرهم بأسمائهم، كما ذكر ذلك الخوارزمي الحنفي في كتابه (مقتل الحسين(عليه السلام) ): بسنده عن أبي سلمى، راعي إبل رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: سمعت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (ليلة أُسري بي إلى السماء، قال لي الجليل جلّ وعلا: (( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ )) (البقرة:285).
قلت: والمؤمنون.
قال: صدقت يا محمّد! من خلفت في أمّتك؟
قلت: خيرها.
قال: عليّ بن أبي طالب؟
قلت: نعم، يا ربّ..
قال: يا محمّد! إنّي اطّلعت إلى الأرض اطلاعة، فاخترتك منها، فشقـَقت لك اسماً من أسمائي، فلا أُذكَر في موضع إلاّ ذُكرتَ معي، فأنا المحمود وأنت محمّد.
ثمّ اطّلعت الثانية، فاخترت عليّاً، وشققت له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلى وهو عليّ.
يا محمّد! إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من سنخ نور من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.
يا محمّد! لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع، أو يصير كالشن البالي، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم، ما غفرت له حتّى يقرَّ بولايتكم.
يا محمّد! أتحبّ أن تراهم؟
قلت: نعم، يا ربّ.
فقال لي: التفت عن يمين العرش.
فالتفت، فإذا أنا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلّون، وهو في وسطهم (يعني المهدي)، كأنّه كوكب درّي.
قال: يا محمّد! هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي)(5).
وهذا الحديث أيضاً رواه القندوزي الحنفي في (ينابيع المودّة)، وفيه: (قال: يا محمّد! هؤلاء حججي على عبادي وهم أوصياؤك...)(6) الحديث, وأيضاً رواه الشيخ الحمويني الشافعي في (فرائد السمطين)(7).
بالرغم من اختلاف الأحاديث ووقوع علماء السنة الأفاضل في حيرة من هم : هل هم الخلفاء الأربعة
، او يزيدون عليهم عمر بن عبدالعزيز ، او سيأتوا جميعهم في وقت واحد ، إلا انهم جميعاً اتفقوا السنة والشيعة على العدد .
الأمر واضح بالنسبة للأئمة الإثنى عشر ، ولو اختلفت التسمية من خليفة الى أمير وملك ، فالتسمية هذه لا تؤخر ولا تقدم ولا تنفي الحديث ، والدليل على صحة تسمية الأئمة كما جاء في حديث النبي ( ص ) هو حديث الثقلين الذي يفسر ما هو المفصود بالأئمة الإثنى عشر ، وهو ما روي عن النبي محمد ( ص ) .
: ”إني مخلف فيكم الثّقلَين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وقد أنبئني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض“، ابن حجر في «الصواعق المحرقة» تعرض لهذا الحديث وقال: ”حديث صحيح، لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه، رواه أكثر من ثلاثين صحابيا ً عن النبي .
راجع «فيض القدير ل ( المناوي ) صفحة 22 رقم 1». أيضا ً نلاحظ أن ابن حجر نفسه في «الصواعق المحرقة» عندما تعرض لهذا الحديث قال: "وهذا الحديث يحث على التمسك بأهل البيت لأن فيه إشارة إلى عدم انقطاع مستأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة» - أي يبقون إلى يوم القيامة -، «الصواعق المحرقة صفحة 233».
الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنية قال: «قال القرطبي: هذه الوصية - يعني حديث الثقلين - فيها تأكيد عظيم يقتضي وجوب احترام آل البيت وبرهم وتوقيرهم ومحبتهم ووجوب الفرائض عنهم».
ومن يريد معرفة سلوك الأئمة المذكورين وسيرتهم عند علماء الشيعة والسنة ، فليراجع كتب الأئمة الأربعة ، وكذلك كتب علماء الشيعة .
بعد هذا الشرح نرى بأن الأئمة الإثنى عشر قبل ولادة الإمامين الصادقين ، بدليل ما نقل من احاديث عن النبي ( ص ) وتوثيقه من قبل علماء الشيعة والسنة .
والأحاديث المشار اليها جاءت لتدحض مقولة هؤلاء الخوارج الجُدد .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: