تتجه الأنظار جنوبا لمراقبة مناورة سلاح الجو الاسرائيلي الاكبر حجما والاوسع مدى والاطول مدة منذ العام 1948، والتي تترافق مع ما تعيشه الساحة السياسية الداخلية من تطورات متسارعة فتحت الابواب على مختلف الاحتمالات بعد استقالة رئيس الحكومة سعد #الحريري المدوية من منصبه. ومن المؤكد انه لم يكن عفويا أن تستحوذ التطورات اللبنانية على اهتمام الاعلام الاسرائيلي وتصدّرها الصفحات الرئيسية للصحف مع ما يرافق ذلك من لهجة عالية النبرة من جنرالات الحرب الاسرائيليين حول امكان شن حرب على لبنان.
تدرك إسرائيل أن لبنان هو البلد الأكثر ملاءمة لتبادل الرسائل السياسية والعسكرية بين أعداء المنطقة وخصومها، وقد دأبت على أن تكون لها اليد الطولى في التفاعلات الداخلية، بدءاً بسنوات الحرب الأهلية، مرورا بالحروب الإسرائيلية ضد الجنوب، وصولا الى التداعيات المتوقعة في قابل الأيام لاستقالة الحريري.
المشهد يبدأ باستقالة الحريري المدعومة سعوديا وانكشاف الغطاء السياسي عن #حزب_الله، ولا ينتهي عند إمكان اندلاع حرب لبنان الثالثة التي إن حصلت في الظروف الاقليمية الراهنة ربما لا تنتهي عند حدود لبنان، مما يتطلب قراءة للموقف الإسرائيلي سياسيا وعسكريا، وهل ستذهب إسرائيل إلى حرب جديدة ضد الحزب تتشارك والسعودية في الغاية المرجوة منها الا وهي تقليم أهم أظافر إيران في المنطقة وبموافقة أميركية؟
في قراءة للمشهد يستبعد العميد المتقاعد أمين حطيط شن حرب اسرائيلية على لبنان قائلا لـ"النهار": "اسرائيل غير جاهزة للحرب، خصوصا أنها تختار فترة انتهاء محور المقاومة من معالجة الخطر الارهابي في #سوريا والمحور في وضع مريح جدا، فنصف القوى التي كانت مسخّرَة للحرب في سوريا تحررت اليوم واصبحت بوضع الانتظار، كما أن القدرة النارية لمحور المقاومة لا تستطيع #إسرائيل أن تتحمّلها".
وأوضح حطيط أن "المناورات الاسرائيلية تجرى لثلاثة أسباب، إما إجراء روتيني، أو التمرس على نمط قتالي جديد، أو توجيه رسالة مفادها ان اسرائيل مستعدة لخوض الحرب"، مؤكدا أن "ما يحكى في الاعلام الغربي عن حرب ما هو الا تهويل على محور المقاومة بالعام و"حزب الله" بالخاص لحرمانهم استثمار انتصارهم الاستراتيجي الكبير في سوريا". وشدد على أن "محور المقاومة يستبعد الحرب ولكن رغم ذلك يستعد لها".
العميد المتقاعد خليل الحلو، يختلف مع حطيط في رؤيته للصورة الحالية اذا يؤكد لـ"النهار" أن "إسرائيل تحاول من خلال المناورة القول إنها مستعدة للحرب مع احتمال شنها وايصال رسالة الى "حزب الله" تحذره من الاقتراب من منطقة الجنوب السوري"، معتبرا أن "اسرائيل تحاول تقريب موقفها من الموقف السعودي كون الخصومة مع ايران تجمعهما".
ويرى أن "على اللبنانيين فعل المستحيل لتجنب الحرب المحتملة، فالتوقيت السياسي مزرٍ، وعلى الخارجية اللبنانية أن تطلب من الدول الكبرى تحمل مسؤوليتها تجاه القرار 1701 المعترف به من قبل الجميع"، مضيفا: "الاسرائيلي يستفيد من الوضع الداخلي المتوتر، لذلك نستطيع القول إن الظرف يربط بين التوتر داخليا والتصعيد اسرائيليا".
واشار حلو الى أنه "في حال أرادت واشنطن أن تسمح بحرب من هذا النوع لا يمكن حصرها في لبنان، ففي ظل تواجد حجم كبير من قوة حزب الله في سوريا نطرح السؤال: الضربات الاسرائيلية أين ستصب في سوريا أم في لبنان؟ وأي ضربة على الارض السورية من #اسرائيل تتطلب موافقة اميركية مسبقة كونهم متواجدين هناك".
الامور اذاً رهن بالايام والاسابيع المقبلة، لربما تندرج المناورة الاسرائيلية ضمن ما يسمى في السلوكيات الاستراتيجية ملء الفراغ لاثبات الوجود، الا أن ذلك لا يعني أن حظوظ الحرب لم ترتفع في ظل وضع داخلي متوتر وتصاعد حدة الصراع الخليجي- الايراني وحتما سيكون للبنان دور في ذلك.
تعليقات: