أحدٌ ليس غافلاً عما تعانيه اللغة العربية من تقهقر، لا سيما حالياً مع مواقع التواصل ولغة التشات أو "العربيزي"، ناهيك بعدم إيلاء المدارس والأهل الأهمية اللازمة للغة الأم وتفضيل الأول المواد العلمية فيما الثاني (الأهل) يؤاثرون تحدّث أولادهم لغات أجنبية وتالياً إهمال لغتهم وهذا ما لا نراه في أي بلد آخر.
منطلق كلامنا، إعلان ترويجي منتشر على الطرق دعماً لـ #الجيش_اللبناني تعلوه عبارة "بلادك ألبَك عطيها"، وهي مقتطفة من أغنية "يا ابني" للشاعر أسعد سابا وألحان الكبير وديع الصافي وغنائه. وعلى رغم هدف الحملة النبيل ومعانيها السامية، إلا أنه يسوؤنا أن نرى هذا الخلط والالتباس في كتابة كلمة "قلبك" لتصير "ألبَك" و "اعطيها" تفقد ألفها وتصبح "عطيها". ندرك جيداً أن هذه الأخطاء نراها يومياً في كثير من الإعلانات، ولكن، ونظراً إلى تقدير اللبناني لجيشه ورمزيته، كان لا بد من ألّا يمرّ مرور الكرام لا سيما أنه كان محطّ تداول ونقاش في وسائل التواصل الاجتماعي.
طبعاً نحن لا نغفل هنا عن دور الحملة في إثارة الحس الوطني وتعزيز اللحمة والوحدة بين الشعب والجيش، ولكن علينا أيضاً واجب المحافظة على لغتنا التي لا تنفصل عن هويتنا، على رغم ما يعتريها من شوائب نتيجة غياب التحديث وتالياً عدم مواكبة التطور. كذلك، وتأكيداً على كلامنا، ليس ثمة من داعٍ لكتابة الكلمتين بهذه الطريقة بحجّة تقريبهما من نفوس المواطنين، نظراً لبديهيتهما ووضوحهما التام. وقد دار جدل كبير وانتقاد لاذع عندما أعلن #سعيد_عقل عن أبجديته اللاتينية، ويبدو أن هذا ما نشهده لكن هنا بالحرف العربي، أي أن نكتب كما نلفظ، ويتجلى هذا الأمر أكثر في "فايسبوك" و"واتساب". ولن ندخل هنا في هذا النقاش لكونه يتطلب بحثاً موسعاً، والزمن كفيل بإثبات صوابيته من عدمه.
عسانا اليوم نعيد الاعتبار إلى لغتنا العربية، لكون التساهل الدائم والتنازل المستمر في التعاطي معها سيؤديان إلى فقدانها تدريجياً واندثارها في الأخير. والمطلوب الكفّ عن تصوير اللغة للنشء كرُهاب ينبغي علينا تجنيبهم إياها، وأن الفخر والثقافة لا يتجسّدان إلا باللغة الأجنبية باعتبار "كل شي فرنجي برنجي".
ولئن ثمة التفاف وإجماع حول جيشنا الوطني، ندعو أن يشمل هذان الالتفاف والإجماع اللغة العربية أيضاً.
لغتنا هويتنا وإرثنا وثقافتنا وانتماؤنا، فمتى سنرفع شعار "لغتك قلبك اعطيها"؟!
تعليقات: