رغم التحذيرات التي أطلقها أكثر من مركز بيئي يعنى بالحيوانات للمحافظة على الضباع وعدم قتلها، وكان احدها من مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها في مدينة عاليه الذي ناشد وسائل الاعلام "عدم نشر صور الضباع المقتولة".
الا أنّ هذا الحيوان المشارف الانقراض وتكاثر الخنازير البرية، شكلا مشكلة حقيقية، الى جانب أمور أخرى تواجه وتهدّد المزارعين، لا سيما مزارعي الجبل اذ تتلف مواسمهم الزراعية، وتشكل آفة على القطاع الزراعي في لبنان.
المشكلة ليست وليدة الساعة بل تعود الى سنوات مهدّت لها مناخات تكاثر الخنازير البرية في شكل واسع في الوديان والجبال. ويقول الخبراء أن المشكلة تفاقمت بعد اختلال التوازن لحهة انقراض العدو الأساسي للخنازير كالذئاب بالدرجة الأولى، وتالياً الضباع التي شاع قتلها نتيجة التوسع العمراني وانحسار المساحات الخضر، وبذريعة حماية المواشي من هجماتها.
ماذا يُقال في هذا الموضوع؟
المشرف على "جمعية التعاون الزراعي في العبادية" رفيق حمد أفاد بأن وفداً من الجمعية شكا مشكلة هجمة الخنازير البرية على المزروعات الى المسؤولين في وزارة الزراعة الذين "أكدوا لنا ان المشكلة لا تقتصر على الجبل فحسب وانما تطول مختلف المناطق اللبنانية، وان الامر يتطلب التعاون ما بين المزارعين والبلديات". وقال: "لم تكن هذه المشكلة موجودة قبل العام 1975، وتكاثر الخنازير سببه عدم تنظيف الاحراج من جهة وعدم وجود قطعان الماعز التي كانت تساهم في تنظيف الغابات في الماضي"، مما جعل الاحراج عرضة للحرائق ومأوى للخنازير البرية في آن، ناهيك عن اهمال المزارعين لأرضهم".
واوضح حمد:"أن الخنازير تأتي من الأحراج الى المساحات المزروعة لتقتات، فتحفر عند جذوع الاشجار بحثاً عما تلتهمه من الحشرات وغيرها، فتعري هذه الجذوع وتكشفها وتعرضها لليباس، فضلاً عن الأضرار من جراء الحفر التي تحدثها تلك الخنازير". واضاف:"عندما نقوم بري مزروعاتنا من الخضر مثلاً نجد في اليوم التالي ان الخنازير حرثت المكان وخرّبته". ورأى أن "صيد الخنزير البري لا يعتبر حلاً لأننا نصطاد خنزيراً واحداً، فيما انثى الخنزير تضع سبعة جراء او اكثر وسط بيئة مناسبة".
حمدان
كمال حمدان ورئيس بلدية سابق لبلدة العبادية، عايش أزمة المزارعين مع الخنازير البرية، أكد ان العمل جار بالعاون مع المزارعين من أجل وضع مجموعة (بروجكتورات) تعمل على الطاقة الشمسية، على أن يوضع جهاز خاص على كل (بروجكتور) يسمح بانارته عند صدور اي حركة". وأشار الى أن الـ"بروجكتورات" ستوضع في أماكن محددة، وعند قدوم الخنازير تضاء تلقائيا فتهرب الحيوانات خوفاً"، وتمنى أن "ينجح هذا الاختبار لكي نقوم بتعميمه على مراحل".
يشار الى أن العديد من المزارعين تركوا أرضهم بعد تكاثر الحملات الهجومية للخنازير البرية وتخريب المزروعات، كالشيخ أسعد أبو سعيد من بلدة شويت، الذي قال: "ما عدت توجهت الى الاراضي التي أملكها في اسفل البلدة للسنة الثانية على التوالي، وهذه حال معظم المزارعين في البلدة والجوار".
أبو سعيد
أما من الناحية العلمية فيؤكد رئيس مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها في مدينة عاليه الدكتور منير أبو سعيد أن "المشكلة ناجمة عن انقراض العدو الطبيعي للخنزير البري، أي الذئب والضبع، فضلاً عن عدم وجود قطعان الماعز في الاحراج التي تقلق الخنزير وتثير لديه الخوف فينأى بعيدا، إضافة الى عدم اهتمام المزارعين بتنظيف الاحراج التي تحولت مرتعا للخنازير تبني فيها مخابئها، كما أن صيد الخنزير ليس سهلا ومحفوف بالخطر لأنه لا يتم الا ليلاً".
وأشار إلى أن "اعتماد الانارة قد لا يكون حلا لهذه المشكلة لان الخنزير يعتاد على الاضاءة مع الوقت". وكشف عن بحوث وتنسيق مع المزارعين في البلدات والقرى لمعالجة هذه المشكلة التي "هي قائمة أيضاً في الدول المتطورة وليس فقط في لبنان". مؤكداً "أن الحل الانسب يبدأ بالمحافظة على الحياة البرية، لأنه حتى لو كانت الضباع والذئاب موجودة الآن فهي لن تكون قادرة على القضاء على الخنازير البرية في مدة زمنية قصيرة، فكيف بالحري اذا لم تكن موجودة؟".
وكان أبو سعيد أعد دراسة في المملكة المتحدة لرصد وتوثيق حياة الضبع اللبناني خلص فيها إلى أن "الضبع اللبناني أبدى الاستعداد للبقاء معنا وبيننا متأقلماً مع تراجع وتناقص المساحات التي كانت تعتبر المجال الحيوي لبقائه بسبب التمدد العمراني، فيما نحن لم نقبل بوجوده". وأكدت الدراسة أن "الضبع لا يهاجم الانسان، حتى وان كان في حالة جوع شديد الا دفاعاً عن النفس وهو يقتات من الحيوانات النافقة والنفايات ويسدي خدمة للانسان في المحافظة على بيئته الطبيعية نظيفة". ولفت إلى أن "تكاثر الخنزير البري مرده بالدرجة الاولى الى انقراض الضبع"، منوهاً بأن "الضبع لا يصطاد الخنزير البري لكنه يتسلل إلى أوكاره ويقتل جراءه ما يحد من تكاثره على نطاق واسع".
خنزير ضخم يزن 350 كلغ جرى اصطياده في منطقة جزين
تعليقات: