خرج الرئيس سعد الحريري من القمقم السعودي ليدخل لبنان عنق زجاجة ازمة حكومة قد تحول العهد الى مدير لأزمة بعدما ارتضت الرياض بدعم اميركي نسف التسوية الرئاسية التي كان عرابها الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما. وفي انتظار ان تتظهر تداعيات الموقف العربي الذي انتهت اليه قمة وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة تتكشف يوما بعد يوم اوراق القوة التي خاض على اساسها لبنان مواجهته الدبلوماسية مع الرياض.
وفيما يتوقع الكثيرون ان تنتقل المواجهة في الايام المقبلة الى «كباش» علني بين بيروت والرياض مع انتقال الجميع الى الجولة الثانية، بحسب ما توحي كل التصريحات الدولية والمحلية، وتقول مصادر متابعة ان وزير الخارجية جبران باسيل نقل رسالة واضحة الى من التقاهم من وزراء اوروبيين ان اي تصعيد او هز للاستقرار ستكون كلفته كبيرة اذ ان اجهزة الدولة اللبنانية ستكون عاجزة عن ضبط الحدود البحرية ما سيؤدي حتما الى تشجيع الهجرة غير الشرعية عبر الشواطئ اللبنانية الى اوروبا، من هنا فان مصلحة الدول المعنية حماية هذا الاستقرار الذي اثبت جدواه طوال الفترة الماضية.
واشارت المصادر الى ان اوروبا تدرك تلك الحقيقة، وقد يكون في خلفية تحركها الاساس هاجس اللاجئين، مستدركة بان الدخول الفرنسي على الخط جاء «بتحريض» اميركي املا بكسب بعض الوقت بعدما نجح فريق الممانعة في استيعاب «ضربة الحريري» وحرف المعركة في اتجاه آخر، ما اجبر فريق الهجوم على المبادرة الى اسقاط حجة «تغييب الشيخ»، وهو ما اوكل الى الرئيس ايمانويل ماكرون.
وفي هذا الاطار كشفت المصادر ان كان ثمة مسعى عشية خروج الحريري الى باريس يقضي باعادة تعويم حكومته باتفاق ترعاه باريس بين الرئاستين الاولى والثالثة،الا ان تصعيد رئيس الجمهورية في وجه السعودية، بعد الاجواء التي بلغته عن مراوغة الرياض ومحاولتها كسب الوقت دفعه الى رفع لهجته في هجوم استباقي لاجهاض ما يتم تحضيره ورسمه، أجهضت تلك المحاولة، غامزة من قناة امتناع لبنان عن الاتصال بالاميركيين والسعوديين على هذا الصعيد، مستدركة بان رئيس الجمهورية كان سبق وتبلغ صباح يوم هجومه المباشر على المملكة تطمينات حملها له السفير الكويتي بانه لن يتم اللجوء الى طرد اي لبناني من دول الخليج، وهو ما كان سبق ان سمعه البطريرك الراعي من القيادة السعودية خلال زيارته للرياض، معتبرة ان محك العلاقة بين الرئيس عون والمملكة سيكون مع استلام السفير السعودي الجديد مركزه في بيروت، والتي تقصدت المملكة موعده في خطوة «استفزازية» على ما يراها بعض المقربين من بعبدا، متسائلة عما اذا كانت بيروت ستبادر الى ارسال سفيرها الى المملكة.
يبقى اللغز الكبير والمحير، كيف استطاع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اقناع ولي العهد الامير محمد بن سلمان بالتراجع عن خطوته وفك «اسر» الرئيس الحريري؟ تجيب المصادر بسرعة بان السعودية اوصلت الرسالة التي تريد، كما ان المصالح المشتركة بين الدولتين لعبت دورا اساسيا في هذا المجال وسهلت في تليين موقف المملكة شكلا مقابل اعطائها في المضمون بموجب بنود التسوية الجديدة التي ستعمل باريس على الترويج لها.
الى العاصمة الفرنسية تحول الحدث ومنها ينتظر الكثير،خصوصا ان ضيفها الذي ظهر وهو «يعرج»، بعد ان كان سقط منذ قرابة الشهرين في بيت الوسط، اضطر ان يصطحب معه طبيبه الخاص نتيجة الاوجاع التي عاد يعاني منها، تحول الى مالئ للدنيا وشاغل للناس ،كما نجلاه لؤلؤة وعبد العزيز اللذان بقيا في الرياض لارتباطهما بمواعيد الامتحانات المدرسية.
فماذا سيكون عليه الوضع في بيروت عندما يحط «الشيخ السعودي» رحاله في بلد يرأس حكومته؟
تعليقات: