طرابلس-
حصل الشاب الفلسطيني عامر درويش مواليد 1988 على براءة اختراع لجهاز أطلقت عليه تسمية BlueDrive 48، وبحسب براءة الاختراع التي نالها اختراعه من وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، فالجهاز يثبت داخل الآليات الثقيلة مما يسمح بقيادتها والتحكم بكافة أنظمتها عبر الهاتف الذكي بسهولة كبيرة وكأنها لعبة على الهاتف الذكي.
ليس عامر مهندساً، لكنه يحمل "ماجيستر" في إدارة الأعمال، وقد نالَها وهو يعمل على الجرافة لتأمين مستقبله. آثر عامر العمل على الجرافة مبكراً في حياته. سمع الكثير عن أحداث وقعت لسائقي الجرافات، هناك حائط سقط على جرافة وهي تزيل أجزاء منه، أو انحرفت الجرافة أثناء العمل، وفي كثير من الحالات، أدت الحوادث إلى مقتل السائق. ولأنه يعملُ على الجرافة، فقد تلمس صعوباتها، ومخاطرها، وأصيبَ خلال العمل عليها بكسر في يده، فخطر بباله لو يستطيع القيادة باستخدام الأصابع. محاولات كثيرة جرت أمامه، وتناقل معلوماتها مهتمون بالجرافات والآليات الثقيلة، وإمكانية تحريكها وضبطها من بعد بطرق اخترعها تقنيون أجانب، لكن أحدا لم يتوصل إلى طريقة تحريك الجرافة بواسطة الهاتف الذكي.
ADVERTISING
inRead invented by Teads
يبدأ عامر في حديثه لـ "النهار" بتفسير اسم تقنيته المكونة من جهاز يثبت في الآلية، وبرمجة خاصة به، وبالهاتف الذكي، وتفصيلها أنها اختصار للقيادة عبر "البلوتوث"، أما الـ48، فهي قضية كل فلسطيني، وتشير إلى نكبته، وتهجيره سنة 1948، وهذا الرقم، بحسب درويش، "لطالما ارتبط بالسوداوية والنكبات، وأحب تحويله للتفاؤل والأمل والقدرة على التغيير".
ويفيد عامر انه لم يشأ العمل باختصاصه في إدارة الأعمال، "لأننا نحن الفلسطينيين ممنوعون من معظم الأعمال في لبنان، ولذلك آثرت العمل الميداني قبل الحصول على الشهادة، واقتنيت جرافة "بوب كات"، ورحت أعمل عليها.
خلال دراسته الثانوية، كان عامر يهتم كثيراً بالحرتقات بالآلات القديمة، وحاول تطبيق بعض المعدات التي تصل يديه عبر الترويج الغربي لتقنيات الساحة المتطايرة، والمتطورة.
وأوضح أن الفكرة راودته خلال أحد الأنشطة المدرسية وبتشجيع من مدرس له، غير أن ضعف الامكانات المادية لمدارس الأونروا والتعاطي مع الفكرة بلامبالاة من كثير من الطلاب والأساتذة، دفعه إلى الاصرار على مواجهة التحدي، والمثابرة لتحقيق الإنجازات.
"ساهمت تقنية الانترنت كثيراً في تسريع وتطوير معارفنا"، يقول عامر. وعبر الانترنت، كنت أتابع تطور التقنيات، والاختراعات في العالم، وما يتوافر من أجهزة، وكيفية الصنع والتركيب. لم أتخصص في المعاهد والجامعات، لكنني كنت أثابر، وأحب متابعة أخبار كل مخترع جديد".
بدأت تراود عامر فكرة تحضير جهاز يدير الجرافة من بعد، فتقل مخاطرها. "رحت أدرس ماهية الجهاز، وكيف يكون. وضعت تصوراً له في عقلي"، يفيد عامر، ثم "اخترعت القطعة الرئيسية منه بالاعتماد على قطع غيار عتيقة، لسيارات بالية عفا الزمن عنها. كنت أحصل على حاجتي وفق المنظور الذي وضعته. ثم جهزت تطبيقاً للهاتف الذكي، وبدأت تجريب التجهيز على الجرافة، وبعد مرور عدة سنوات، توصلت إلى وضع الاختراع الجديد موضع التطبيق، وركزت الجهاز في الآلية، وبيدي، حركتها، فمشت، سيَرتها وفق مشيئتي، فصح ذلك، وعندما علم مهندسون بها، أعربوا عن دهشتهم بما شاهدوه".
استغرق تركيب الجهاز، والتخطيط له، شهراً كاملاً بما فيه الحصول على القطع، وبرمجة وتركيب أحدث البرامج واللوحات الإلكترونية القابلة للتعديل والتطوير، والأجهزة الميكانيكية المستخرجة من بقايا السيارات المنتهية الصلاحية، وبتوفيق من الله لاستثمار حصيلة أعوام طويلة من الدراسات الأكاديمية في مجالات متنوعة، وأعوام من الخبرة العملية من خلال عملي في مجال الجرافات والتعهدات، وبجهد فردي بحت، أنهيت بالأمس مشروعي (BlueDrive 48) .
وقال إن هذا الجهاز بمجرد تثبيته على معظم أنواع الجرافات والحفارات والآليات الثقيلة، سيحوّل قيادتها المعقدة والتي تحتاج إلى مهارات وخبرات خاصة إلى قيادة مبسطة سهلة جداً وكأنها لعبة على الهاتف. وباستخدامه على الآليات الثقيلة والجرافات أصبح بإمكان السائقين تفادي الحوادث الكثيرة التي عادة ما يواجهونها خلال أعمالهم، وتالياً سيساهم في حفظ الأرواح الإنسانية، وكذلك سيتيح لمن عجز عن قيادة الآليات بسبب إعاقة جسدية أن يمارس أعماله في قيادة الآليات بمجرد لمسات على شاشة هاتفه الذكي.
وكذلك زودت الجهاز بكاميرا مثبتة تبث صورة مباشرة عبر تقنية الـ (wifi) إلى شاشة الهاتف، وذلك بهدف إتاحة مجال رؤية بشكل واضح ومريح خلال العمل والتحكم من بعد، علماً بأن الجرافة التي أجريت عليها التجربة وزوّدتها بجهاز (BlueDrive 48) هي من نوع الـ s130 bobcat الأميركية، والمصنوعة عام 2009، وهي لم تهيأ بأي تجهيزات للقيادة الآلية بتاتاً.
ويفيد درويش "أن شركات عدة من دول مختلفة تواصلت معي قبل أيام عدة تريد الحصول على وكالة هذا الجهاز الفلسطيني المنشأ بغية تحويله لمنتج تجاري متوافر في الأسواق، فما كان مني إلا أن اعتذرت منهم آسفاً موقتاً، لعدم وجود براءة اختراع دولية تحمي الفكرة حتى اللحظة".
يختم درويش أنه يهدي اختراعه لفلسطين، ولكل شاب فلسطيني في الشتات، ويناشد ابناء جيله المثابرة والصبر لتأكيد قدرة الفلسطيني على الحياة، وتحقيق النجاحات.
تعليقات: