الدراسات بيّنت أن مناخ البقاع ملائم للبزاق أكثر من مناخ أوروبا (علي حشيشو)
بعد سنوات من دراسة الإخراج والعمل في صيانة السيارات وهواية الغناء، استقر إيلي ورد على امتهان تربية البزاق. في جوار منزله في الكرك (قضاء زحلة)، حوّل ابن الستة وعشرين عاماً، قطعة أرض تملكها رهبانية الروم الأرثوذكس، إلى مزرعة لإنتاج الحلزون. الرهبانية المارونية، في عام 2014، كانت من أوائل من دشن هذا القطاع في لبنان بإشراف «المعهد الدولي لتربية البزّاق» في كيراسكو (إيطاليا) وشركة «أورو هيليكس» الإيطالية.
مغامرة الرهبانية، إلى جانب مبادرات فردية محدودة في الزراعة البديلة، نجحت في سهل البقاع، من عمّيق غرباً إلى سهل الطيبة ودير الأحمر وبتدعي شمالاً، إضافة إلى مزرعة واحدة في راشانا البترونية. تدرّب ورد في مزرعة الرهبانية في زحلة المعلقة، على تقنيات تربية البزاق، إلى أن دشن مزرعته الخاصة.
يشير ورد إلى أن القطاع الذي لا يزيد عمره على ثلاث سنوات يعتمد على التقنية الإيطالية وعلى نتائج الدراسات التي أجراها المعهد الإيطالي، وبيّنت بأن مناخ البقاع ملائم للبزاق أكثر من مناخ أوروبا حيث مدة تساقط الثلوج أطول ومعدلات الرطوبة أقل. علماً بأن الحلزونات تتحمل في الشتاء حرارة تصل إلى 15 درجة تحت الصفر وفي الصيف حتى 50 درجة مئوية.
في كل عام من الأعوام الثلاثة الماضية، أنتج مربو البزاق الذين لا يزيدون على العشرة 300 طن (خمسة آلاف دولار للطن)، معظمها من نوع «هيليكس أسبيراسا» الإيطالي. الدور الإيطالي في تطوير القطاع في لبنان، فرض ما يشبه الإحتكار في تصدير الإنتاج. إذ يتولى المعهد والشركة شراء الحلزونات كما هي. فيما يلتزم المربّون باستيراد أمهات الحلزونات والأغذية والمعدات اللازمة منهما.
مع نهاية تشرين الثاني، ينتهي موسم البزاق في سهل البقاع بتصدير الإنتاج. وفي شباط، يبدأ تجهيز المساكب الزراعية المسيجة بشباك، والتي تعيش فيها أمهات الحلزونات.
الهم التسويقي غائب مع احتكار الايطاليين لاستيراد الانتاج
تزرع هذه المساكب بالملفوف والبروكولي والهندباء ودوار الشمس والسلق والبطيخ (...) المعدلة إيطالياً لتمنحها الغذاء الكافي. وفي أيار، تلقى الحلزونات بين الزرع حيث تقتات وتتكاثر لمرتين أو ثلاثاً في الموسم الواحد. وكل حلزونة تبيض أكثر من 60 بيضة تحتاج الى عشرين يوماً للتفقيس.
كلفة تأسيس مزرعة البزاق تصل الى عشرة آلاف دولار للدونم الواحد، والمزرعة النموذجية تتألف من نحو خمسة دونمات. لكن ما يعوض المربّين أنهم لا يحملون همّ البحث عن أسواق، في ظل التعهد الإيطالي بالإستيراد والأسعار العالية (نحو خمسة دولارات للكيلو فيما تباع 12 حبة منه في المطاعم بما يراوح بين 20 و30 دولاراً) بسبب جودته المرتكزة على غذاء عضوي ونظيف. كما لا يحمل المربّون هم البيطرة ورش المبيدات. إذ يحتوي البزّاق في تركيبته على مضاد حيوي عالي النسبة يحميه من الإصابة بالأمراض. وعلى نحو تدريجي، يكتشف المربّون أسراراً غذائية وعلاجية وجمالية تخفيها الحلزونة. يوضح ورد بأن لحم البزاق هو الأغلى في العالم بسبب احتوائه على نسبة عالية من البروتينات والمغنيزيوم والأوميغا، في مقابل دهون قليلة. أما لعابها، فيدخل في علاجات للبشرة والشيخوخة والقرحة. كما أن الأبحاث الطبية الحديثة أثبتت جدوى البزاق في محاربة السرطان.
تعليقات: