27 عاماً لـUNDP في لبنان: مليارات مهدورة بلا فائدة


أكثر من 27 عاماً مضت على انطلاق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، بهدف تطوير الإدارة العامة في لبنان وبناء قدرات موظفيها، وسط مماطلات من هنا وتجاوزات من هناك. فمن هم كوادر UNDP؟ وما هو الدور الحقيقي الذي يقوم به البرنامج؟ والأهم من كل تلك التساؤلات، هل حقق البرنامج أهدافه أو بعضاً منها على مدى السنوات الـ27 الماضية؟

يعود وجود UNDP في لبنان إلى العام 1960، وإن كانت مهامه الفعلية توسعت في العام 1990، وتنوعت شعاراته لتشمل المشاركة في ملف إعادة الإعمار وإنعاش سبل العيش وتعزيز القدرة الوطنية على صنع القرار في ما يخصّ التنمية البشرية، وضمان الشفافية والعدل في المبادرات المدعومة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان تبعاً لمعايير امتياز دولية في خدمات الاستشارة وتصميم البرامج وتنفيذها، بما فيها التوظيف والمشتريات. وكل ذلك بالإشتراك مع الحكومة اللبنانية وشركائها في التنمية.

لكن، الحاجات التي جاءت ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى لبنان ما تزال قائمة. ولم يقتصر الأمر على عدم تمكن البرنامج من تحقيق أهدافه، إنما على تكريس "إخفاق" الإدارة العامة واستحداث إدارة رديفة، تتقاطع مهمات كوادرها مع الموظفين المعنيين في الإدارة العامة.

UNDP لم تحقق "قطعاً" أهدافها التنموية في لبنان. هكذا، يحسم وزير العمل السابق شربل نحاس، في حديث إلى "المدن"، مسيرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويؤكد أن البرنامج أساء إلى الإدارة العامة ولم يدرّب موظفيها. فـ"كيف يمكن تفسير وجود كوادر من UNDP في الوزارات والإدارات الرسمية كافة، ليس بصفة مدربين، إنما بصفة موظفين مستقلين أو مستشارين أو حتى ممثلين للوزارة في المؤتمرات والمحافل؟".

فـUNDP، وفق نحاس، أسّست إدارة رديفة في لبنان بدلاً من تمكينها الإدارة العامة، واستمرت بالتوظيف في البرنامج على مدى سنوات ليصبح تعداد كوادرها نحو 100 شخص يتوزعون في الإدارات، ويتقاضى الموظف منهم راتباً يتجاوز 3 أضعاف راتب الموظف في القطاع العام. "حتى أن إحدى الوزارات تفرّغ طابقاً كاملاً من مبناها لموظفي UNDP، الذين يشكّلون فرقة مستقلة داخل الوزارة".

ولا يعود تضييع بوصلة مهام كوادر UNDP إلى إدارة البرنامج فحسب، إنما إلى وزراء ومدراء جعلوا من بعض موظفيها حكاماً وأصحاب قرار في الإدارات العامة. وخير مثال على ذلك، استماع مجلس الوزراء السابق إلى شروحات وتوضيحات في ملف النفايات من أحد كوادر UNDP، أحضره وزير البيئة آنذاك محمد رحال، وغيرها من الحالات التي مثّل فيها موظف من UNDP وزيراً في مؤتمر أو ندوة.

عدم تحقيق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي غايته في بناء ادارة حديثة ومنتجة في لبنان لا يحتاج إلى كثير من التحليل والبراهين. إذ إن وضع الإدارة العامة المهترئ يؤكد عدم جدوى البرنامج ويثبت نظرية الإدارة الرديفة، التي تكلّف الدولة سنوياً نحو 17 مليار ليرة لا يمكن وصفها سوى بهدر للمال العام، وفق ما وصفها وزير الدولة السابق لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش.

واقع الإدارة العامة في لبنان وتمدُّد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مفاصلها جعل منه مرفقاً لتوظيف الأقارب والمحسوبيات ومخرجاً لتعزيز أوضاع المستشارين. والأهم من ذلك، شكّلت UNDP طريقاً لعبور العديد من كوادرها إلى الدولة، كوزراء أو مدراء. ومنهم على سبيل المثال الوزيرين السابقين جهاد أزعور وريا الحسن.

* المصدر: المدن

تعليقات: