نواب الجنوب لإطلاق التحرك الشعبي من المصيلح غداً:
التعويضات حبيسة القرار السياسي لإعاقة إعادة الإعمار.
البيان شديد اللهجة الذي أطلقه النواب الجنوبيون، أمس، والذي اعلنوا خلاله عن إطلاق تحركهم الشعبي المطلبي في مواجهة «الحكومة»، ليس سوى البداية تمهيداً لسلسلة من النشاطات الاحتجاجية سيطلقونها غداً في اتجاه «الحكومة والدول المانحة» لرفع الغبن الحاصل عن الجنوب في مسألة التعويضات «المُجمدة» منذ العدوان.
إعلان النواب هذا لم يأخذ وقتاً طويلاً من النقاشات في اجتماع الظهيرة الذي كاد يبلغ الساعتين، في ظل إجماع تام بين النواب على المحتوى الذي حمله البيان والذي شكل رسالة جليّة الى الحكومة بأن اللقاء في الشارع بات قريباً.
على أن المشاركين أجمعوا على إبعاد السياسة عن الموضوع المطلبي الذي توافق الحضور على ضروريته في هذه المرحلة بعد مرور نحو عام على انتهاء العدوان. وكان اللقاء جامعاً لمختلف التلاوين السياسية والطائفية والمذهبية، وإن كان حافظ على محتواه «المُعارض» الذي أكده الغياب الوحيد للنائبة بهية الحريري بداعي السفر...
ترأس الاجتماع في مكتبة المجلس عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب أيوب حميد الى جانب رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب الحاج محمد رعد، وبُحث مضمون التحرك وآلياته، وتم الاتفاق بين المجتمعين على إطلاق تحرك «هادئ» وسلمي من قبل فاعليات الجنوب كافة من رؤساء بلديات ومخاتير وهيئات اقتصادية واجتماعية وحزبية ودينية ونقابية في جميع المدن والقرى، بعد نقاش بسيط حول ماهية القرى المشاركة وما اذا كان التحرك المنتظر سيشمل القرى المتضررة فقط أو ما إذا كان سيتم توسيعه باتجاه الجنوب بأكمله، فكان أن استقر الرأي على الخيار الثاني بناء على إلحاح نواب كتلة الوفاء.
كما تمّ تثبيت يوم غد كموعد لإطلاق التحرك «الشعبي والإعلامي» وتحديد آلياته بالتفصيل في الرابعة من بعد الظهر في «مجمع الرئيس بري الثقافي»، واتفق المجتمعون في ختام اللقاء على ألا يتعدى هذا الاجتماع الساعة ونصف الساعة كونه سيشكل إطاراً تنفيذياً لما تم التوافق عليه ولم يبق سوى التفاصيل عبر تشكيل لجان المتابعة وإقرار المذكرة المطلبية، التي سيتولاها ممثلون عن الكتلتين تمّ التوافق عليهما.
باختصار، شكل اللقاء مناسبة ايجابية إجماعية، على حد تعبير مشاركين، تؤكد جدية المعارضة الجنوبية ووحدة موقفها في مسعاها للإفراج عن الاموال التي تلقاها لبنان من الدول العربية والإسلامية الصديقة والمخصصة لإعادة الإعمار والتعويض «والتي لا تزال سجينة لدى السلطة الكيدية ولم تقدم الى مستحقيها» على حد تعبير نواب.
لذا، فإن أهمية المسعى القائم تتجاوز الدعوة لرفع الغبن وإعادة الإعمار، حسب مشاركين، إلى التحذير من أن السكوت عن الظلم القائم سيؤدي إلى مشاكل عديدة بين النازحين والدولة أن لم توفر الأخيرة الملاذ لهم، ما سيفرض عليهم التحرك لتأمين ذلك ولو على حساب الآخرين. من هنا جاء البيان الذي تلاه حميد لإطلاق صرخة تحذيرية موجهة في شكل أساسي في اتجاه الرئيس فؤاد السنيورة «الذي باتت الكرة في ملعبه بعد أن استوعب النواب تحرك الشارع.. الى حين، والا فإننا امام ازمة شبيهة بملف المهجرين، هذه المرة في كل لبنان».
البيان
وتلا حميد البيان الختامي وجاء فيه: لقد مضت تسعة اشهر على انتهاء العدوان الاسرائيلي واجهزة الدولة غائبة عن الجنوب والتعويضات للقرى والبلدات التي تكلفتها الدول الشقيقة والصديقة حبيسة القرار السياسي، رغم إنجاز كل الكشوفات وتجاوز محاولات العرقلة من خلال التدقيق مرة تلو مرة واعتماد البيروقراطية في الادارة، فضلاً عن اعاقة اعادة الاعمار وغياب خطط الطوارئ واستنفار أجهزة الدولة المعنية، وهذا كله يزيد من معاناة الجنوبيين وشعورهم بالاستهداف من ضمن السياسة الكيدية التي تعتمدها سلطة الامر الواقع القائمة، بل إن الامر لم يقتصر عند هذا الحد، إذ كان الجنوبيون ومعهم كل المتضررين من العدوان ينتظرون سماع قرار بالإفراج عن أموالهم فإذا بهم يصابون بالصدمة والذهول امام تلك الهجمة من رأس الفريق الوزاري التي استهدفت تشويه سمعتهم والنيل من انتمائهم الى الدولة والقانون.
إن المفارقة العجيبة في تبريرات السلطة لتقصيرها المتعمد هي في كيفية تمكن دول عربية أو جهات دولية لا تمتلك معلومات السلطة ووسائلها أن تنجز وبسرعة تدقيق كشوفات القرى من بيوت متضررة او مهدمة ومن مدارس ومستشفيات ودور عبادة وطرقات وجسور، وتقوم بدفع التعويضات والإعمار، بينما يدّعي مَن في السلطة أن تقصيره وتأخيره ناجم عن تلك المعوقات فحيث توجد هذه السلطة هناك تباطؤ متعمّد وحيث تقدم الدول مساعدتها مباشرة تنجز المشاريع.
إننا أمام هذا الإصرار على ممارسة الكيدية السياسية في ملف التعويضات وإعادة الإعمار ومحاولة تضييع جهود المانحين من الأشقاء والأصدقاء نتوجّه إلى الدول العربية الشقيقة والاسلامية الصديقة ودول العالم التي مدّت لنا يد المساعدة، ووضعت أموالها في تصرف فريق من السلطة بنداء عاجل وملحّ لايصال المساعدات إلى مستحقيها من المتضررين وفك أسرها من جهات تصادرها بما يعطل الهدف المنشود من تقديم هذه المساعدات، وسيكون للجنوب بنوابه وبلدياته وفاعلياته تواصل مع الدول التي تبنت قراه لتكون على بينة من حقيقة التصرف بأموال المساعدات.
إن وقفة سريعة مع الوقائع والأرقام تبين مدى إصرار السلطة على سياسة الحرمان والابتزاز، وهذا ما سنظهره بالوقائع والارقام وفق الآتي:
رفع الأنقاض والطرقات: باشر مجلس الجنوب وقبل توفير اي اعتمادات مالية برفع الانقاض من القرى والبلدات المتضررة بعد توقف العدوان، لكن حتى الآن لم يتم دفع سوى ما نسبته 19 من قيمة الاشغال، في وقت لم تصل اي من جرافات وزارة الأشغال لفتح الطرقات او العمل على إصلاح أولي للأضرار، وهو ما دفع بالبلديات ومؤسسة جهاد البناء الى القيام بحملة واسعة لفتح الطرقات امام المواطنين.
ونتيجة لحجم الضرر الذي لحق بشبكة المواصلات من طرقات وجسور تقدمت الجمهورية الاسلامية الايرانية مشكورة بهبة للدولة اللبنانية لإعادة إعمار الجسور والطرقات وظلت هذه الهبة محل مماطلة وتسويف الى ان عقد اتفاق مع وزارة الأشغال العامة تكفلت بموجبه ايران بطرقات وجسور الجنوب وهي باشرت العمل وتمكنت بسرعة من إصلاح الأضرار التي تعيق انتقال المواطنين مع الالتفات هنا الى غياب الخرائط والدراسات من وزارة الاشغال واضطرار المهندسين الى وضع الدراسات الإنشائية من جديد.
فضلاً عن المساعدة الايرانية المشكورة فإنه تمت على نفقة متبرعين من الجنوب إعادة بناء لجسور صيدا، الزهراني، صور الخردلي، الزرارية، حبوش، حاصبيا، ونتوجه بهذه المناسبة بالشكر لهذه المساهمات كما نتوجه بالشكر للدول والشخصيات والهيئات العربية والدولية غير الحكومية التي تبنت التعويض المباشر أو تغطية احتياجات محددة.
إعادة إعمار المدارس والمستشفيات: بعد تأخير متعمّد من قبل أجهزة الحكومة تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة مشكورة وبعد تمويل وإشراف وتنفيذ مباشر من ترميم المدارس وتستكمل إعادة إعمار المهدم منها فضلاً عن ترميم المستشفيات، لو كان الأمر بيد هذه السلطة لما امكن البدء بالعام الدراسي حتى الآن.
إعادة إعمار دور العبادة: تقوم دولة قطر مشكورة وبشكل مباشر بتمويل إعادة إعمار وترميم دور العبادة من مساجد وكنائس في الجنوب بعيداً عن ادارة السلطة وقد شارفت أعمال الترميم على الانتهاء وتم تلزيم إعادة إعمار العديد من الأماكن وتجري مناقصات لتلزيم الباقي خلال الفترة القريبة.
التعويض على القرى الأربع: تقوم دولة قطر مشكورة بالتعويض مباشرة على بلدات بنت جبيل، الخيام، عيناتا، عيتا الشعب، ورغم اتساع حجم الأضرار والدمار، وعدم وجود فرز وسندات رسمية فإن المشروع ينفذ وقطع أشواطاً مهمة.
ترميم المنازل المتضررة: أنجز حزب الله وحركة امل كشوفات المنازل المتضررة في قرى الجنوب وتم دفع مساعدات لأصحاب المنازل والمحال التجارية بما يساعد على الترميم والسكن بعدما تم سابقاً دفع بدلات الإيواء للمتضررين، كذلك قدمت مساعدات اولية لأصحاب المؤسسات الاقتصادية والزراعية ولخسائر المواشي.
في موازاة هذه الجهود الأهلية والعربية والدولية اين هي تقديمات الجهات المصادرة للمال؟
في ملف الشهداء: هناك كشوفات مدققة من الهيئة العليا للإغاثة تشمل:
عدد عوائل الشهداء ,846 عدد العوائل المدفوع ,688 الباقي .158
في ملف الجرحى: الكشوفات المدققة من الهيئة على الشكل الآتي:
عدد الجرحى ,1212 عدد الجرحى المدفوع لهم ,494 الباقي .718
وفي موضوع الجرحى نحن أمام مأساة إنسانية لمئات الحالات التي أُصيبت وبعضها تعرض للإعاقة ولا تؤمن المصاريف لتكملة العلاج.
ملف البيوت المدمرة او المتضررة: هنا يكمن التقصير المتعمد الفاضح فبعد الكشوفات الرسمية والتدقيق من الاستشاري المكلف من الهيئة العليا للإغاثة، بلغت قيمة المعاملات 759 مليار ليرة لبنانية، بينما لا تزال جداول غير مدققة نهائياً تشمل منازل ومحال تجارية بقيمة تصل إلى حوالى 250 مليار ليكون المبلغ الإجمالي نحو الف مليار ليرة.
وفق الكشوفات والمبالغ المدفوعة بواسطة مجلس الجنوب الذي يتولى فقط تسليم الشيكات لأن كل الكشوفات للمنازل تدقق من استشاري الهيئة وتوضع الشيكات من الهيئة ـ فإن المبالغ المدفوعة بلغت قيمتها 253 مليار و212 مليون ليرة اي ما نسبته 25 فقط من القيمة المطلوبة. بينما لا تزال آلاف الوحدات السكنية تنتظر قرار الإفراج عن مستحقاتها بعد انتهاء الكشف عليها، وهي كالآتي:
بيوت مهدمة كلياً لم يدفع لها شيء ,5868 بيوت متضررة لم يدفع لها شيء .29000
نتحدث هنا عن الأضرار التي تم الانتهاء من تدقيقها بينما هناك جداول المحال التجارية والبيوت الاخرى لدى الهيئة والمجلس ولم ينتهِ العمل فيها بعد، وكل ذلك يتعلق بالدفعة الاولى التي تمكن اصحاب البيوت المهدمة من البدء بإعمار بيوتهم قبل فصل الشتاء، وخوفهم من تكرار تجربة غياب الدولة عن استكمال عملية دفع تعويضات البيوت التي هدمت سنة 93 ـ ,96 كذلك التعويضات العائدة للعام .2000
أما في ما يتعلق بالبيوت الجاهزة فإن ما وعد به أصحاب البيوت المهدّمة هو سبعة آلاف وحدة جاهزة، وقد وصل إلى الجنوب 70 وحدة فقط.
أما التعويضات الزراعية في منطقة تعتمد بشكل أساسي على الزراعة وكذلك التعويضات عن الأضرار الصناعية والسيارات والأماكن السياحية، فلم يؤتَ على ذكرها بعد».
تعليقات: