بدعوة من جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون لبنان أُقيم ندوة فكرية في مجمع البيال بيروت حول كتاب الشاعر مارون الماحولي بعنوان "درفتين ومدا" شارك فيها عميد كلية الآداب السابق في الجامعة اللبنانية البروفسور الدكتور محمد توفيق ابو علي والشاعر الإعلامي حبيب يونس قدم للندوة الإعلامية رولا زيدان وبحضور رئيس الجمعية شوقي دلال وشخصيات ثقافية وفكرية وإجتماعية.
بداية مع النشيد الوطني اللبناني وإلى كلمة البروفسور الدكتور محمد توفيق أبو علي ومما قال "ديوان درفتين ومدا يقودنا الى طرح إشكالية العلاقة بين الشعر الفصيح والشعر العامي:
كثيرون توهّموا أنهما في موقعين متضادّين: إنهما متكاملان متعاضدان في بناء بنية الجمال التعبيري شريطة أن نعي مهمة كلّ منهما.
فالشعر الفصيح مؤهّل لحمل المعضلات الكبرى الوجدانية والفلسفية أكثر بكثير من الشعر العامي: في حين أن الشعر العامي يتكفل بوميض العواطف والمشاعر في عفويتها ونماء انسيابها التلقائي.
ولي ملاحظة تبدو شكلية،. ولكنها تكاد تكون جوهرية، ما المانع في كتابة مدى بالألف المقصورة، كما هي في اللغة العربية الفصحى، ولا سيّما أن قراءتها في الصيغتين الألف الطويلة أو القصيرة لا تتغيّر، بيد أنها في الالف المقصورة تكون جسر عبور عفوي للتواصل الحضاري بين العامية والفصحى، وهذه الملاحظة قد تصح في كتابة كلمات كثيرة في الديوان.
الإنزياح في هذا الديوان سمة لافتة وهو يسير وظيفيّاَ في خدمة الصورة الفنية، وأختار نموذجاً: قبل الحكي... وحتى بعد آخر صدا... مأصّل بفكري ما كِنت مرّة حدا
هذا اللمح الفتّان الذي يعبّر عن تفرّد الشاعر مارون الماحولي يأتي بمنزلة الإستنتاج في المُسّتهل بدلاً من أن يكون في الخاتمة ثم يرد ما بعده مفصّلاً إياه،. فالشاعر يحكّ القصيدة لتلمع ثم يرصّعها بصدق التجربة مولًداً من الألم نشوة الفرح.
واللافت في هذا النسق الشعري جعل المجرد محسوساً معيشاً،. فالقوافي طعمها كرز، وهي مبتكرة كالغد، وهي مؤثّرة كفكرة نيّرة... وقس على ذلك"....
وإلى كلمة الشاعر حبيب يونس الذي قال:
" يسعد مدى شبابيككن المفتوحا ع الحبر والورق
قصة مارون ماحولي مع الشعر، مش من زمان حكيت عنّا، أنا وعم قدِّم طوني خزامي بأمسية تجاوز.
وبعد بحكي عنّا إزا ابراهيم شحرور، لما بيطوي صفحة الحزن ع بيّو، الشاعر خليل شحرور اللي خسرو لبنان والمنبر من كم يوم، إزا شرفني ودعاني إحكي بمناسبي بتخصّ شعرو.
كلّ القصّا إنو هـ الشِّعرا التّلاتي اللي بحبُّن، جِهلو ع كبر. وجَهلة الأربعين بالعادي بتكون ع شي خصر... الشَّباب جهلو ع الشِّعر.
وشو حلوي هـ الجهلي.
الشِّعر لبس أساور من تعب عند ابراهيم،
وفتح درفتين ع المدى عند مارون،
وما بعرف إزا بكرا بيلبس كعب عالي عند الخزامي.
ورح إحصر الكلام عن هـ الظّاهرا، بمارون، موضوع ندوتنا، وهو طبعن بينطبق ع ابراهيم وطوني، وغيرن كتار.
بيقول سعيد عقل إنو الشِّعر إبن اللاوعي. كتار يمكن فهموه غلط. لأن مش معقول إنسان لا واعي يقدر يبدع، إلا بشي لمعا أو لقيّي. أمّا إنّو يرصف جمالات وإدهاشات، فالموضوع بدّو وعي تام، لأن قدّ ما الصّورا الشِّعريّي أساسيّي، وقدّ ما الأسلوب متل بصمة العين، وقدّ ما الخَيال خِيّال ع الورق وبالبال، بيبقى بناء القصيدي بحدّ زاتو بيتطلَّب وعي كامل.
هون بينفهم قول سعيد عقل: اللاوعي بيخزِّن بعقلك الصُّور والفْكار، وبس يناديك القلم، بتصير متل الفلّاح اللي إجا دورو بالمي، بيفتح سِكر المي، بجنينتو بالضَّيعا، ت يسقي الزَّرع.
هيك بفهم ليش مارون تأخَّر ت كْتشف الشِّعر. موهبتو كامني، بس سقافتو وحسّو الجمالي، وقدرتو ع الإختصار والتِّكسيف والتِّلميح، خلّوه، بلحظة وعي تام، ولو متأخّرا، يفجِّر اللي خزَّنو سنين، ويفيض عندو نهر الشِّعر، من اللي بينقَلّو شعر.
بنفتح أوَّل درفي:
شعر مارون ماحولي، بـ "درفتين... ومدا"، شعر... إزا رضينا بتعريف الشِّعر إنّو دهشي وخيال وعاطفي.
الدَّهشي بالصّورا الجديدي غير المسبوقا، ولو ببعض الأحيان، بتحسّا مشغولي.
الإدهاش كمان إبن العفويّي، اللي بتميِّز مارون بكتير من القصايد. بس لمّا بتروح ع الصِّنعا المشغولي، بتبهر أول ما بتسمعا، وبتبطِّل تبهر لمّا بتقراها بعين واعيي.
والخَيال عند مارون واسع، وسع مدى. قلتلّكن هو إبن سقافي واسعا، بيقرا وبيطِّلع وبيشتغل ع حالو كل يوم، بيسمع وبيناقش وبيسأل وبيتعلم وبيحبّ يعرف أكتر وأكتر، وكلّما بشوفو بحسّ معرفتو نصحاني عن المرّا السّابقا. هو إبن سقافة القانون، وسقافة هـ العصر، التكنولوجيا، وهو أكتر وأكتر إبن ضيعا ومديني، وصديق شعرا وكتب، وهو حالو... بيعرف كيف يصهر كلّ هـ المعارف، ت يكون خَيالو بيشبهو إلو، وما بيشبه خَيال حدا.
بتبقى العاطفي... العاطفي طاغيي كتير بمواضيع الإمّ والبيّ والولد والبنت والحبيبي والضَّيعا، وبموضوع الغياب. بتحسّ قلبو عم يمشي ع الورق، وكلّ قافيي من قوافيه، بهـ القصايد، خطوي ع روس صابيع، رايقا، متأنّيي، خوفا تجرح غفوي، أو توعّي حلم، أو تكسر لعبي.
بس هـ العاطفي بتغيب ببعض الأحيان، لمصلحة الصّورا الشِّعريي، اللي بتخلِّيا كترة الإنزياح تفقد حقيقتا، أو نبضا الأصلي.
بفتح الدَّرفي التّانيي:
يا مارون... إجمالَن كل كتاب أوَّل، بيكون كلّ شي... دفق الأفكار وتنوع المواضيع والشَّغف بكل حرف نْكتب، بيخلّو الشاعر، إزا مَنّو مقرَّر يفرز ويختار ويحدِّد ويبوِّب، يوقع بغلطة الخلط أو الدَّمج.
فرحة الشّاعر بتكون، لمّا يحسّ صار جاهز ينشر، إنو ينشر كلّ شي كتبو ببالو. قصايدو عيلتو، اللي بدّو يقدِّما للنّاس، مش ناقصا ولا ولد، مش ناقصا ولا حرف، مش ناقصا ولا شطر.
من هون "درفتين ومدى" تنوَّعت مواضيعو، ولو مبوَّبي ضمن عناوين فرعيّي، ويا ريت هـ العناوين تألَّفو بصيغا شعريّي، وما كانو مجرّد عناوين تعريفيّي تقليديّي.
ومن هون مارون الحاضر بكلّ منتديات الشِّعر، وصديق كل الشِّعرا، واللي سبقتو شهرتو كشاعر، قبل ما يطبع، حسّ إنّو لازم يكرِّس لقب الشّاعر بديوان. وسْتَحَقّ اللَّقب قول وفعل. بسّ أنا أكيد، لمِّن يصير لـ "درفتين ومدى" إخوي وشبابيك وبواب، ويقعد مارون يفلفش دواوينو، رح يقول: يا ريت نطرت شوي، ويا ريت بوَّبت وحصرت كل موضوع بديوان، كان أفضل.
وبوصل بالآخر ع شخصيِّة الشّاعر. شفت بـ "درفتين ومدى" كتير من مارون اللي بعرفو، وشويّ من شعرا كتار.
مش عيب. الكتاب الأوَّل إلّا ما يحمل تأسيرات بالغير. يعني مارون بهـ الدّيوان هو مدى، ناقص درفتين، ت يكون مدى كامل.
من هون هنَّيتو لما وقَّع كتابو بهـ القصيدي:
رِدّا بَعِدْ نِتْفي
جايي الْمَدى
يِرْتي الْمَسافي بِالصَّدى...
قْبالا بَعِدْ دَرْفي
رِدّا... كَمان،
الدَّرْفتَيْن بْوَقْفِتُنْ وِجُّنْ لَبَعْضُنْ،
مِتْل إِبْري،
عَبِّرا بْخَيْط الْحِبِرْ...
عَ السَّكْت... ما تْخَبِّرْ حَدا،
وْخَلّي الْقَصيدي تْكَمِّل التِّحْفي.
ملامح الشَّخصّيي الشِّعريّي عند مارون واضحا. بيبقى تكون صافيي، مارون وبس، مارون وحدو. وأنا أكيد رح إقراه بكرا: مارون حاف.
وشكل القصيدي، بالإجمال، بعدو حيران بين الرباعيّي والخماسيّي والكم كلمي، وإزا طالت القصيدي شويّ، بتكون مجموعة رباعيات أو خماسيّات. هـ الأشكال الشعريّي، كلّ واحد منن بدو حِرَفيّي ومعلميّي. مارون بيملكن، بيبقى شو رح يضيف، لما يصير مارون حاف، ع المشهد الشِّعري، شي ما سبقو عليه حدا.
مارون ماحولي، جهلة أربعينك كانت بمحلّا. بيبقى تَعرف إنّو هـ الحبيبي اللي جْهِلْت بحُبّا ع كَبر، وقتك إلا كلّو... ولو تكبَّرو عليك عينيا الحلوين. ولو خْلَقْت حوّا قبل آدم، كرمالا. لأنَّك بكرا بس توعى ت تفتح الدَّرفتين، رح بتشوف الدَّرفتين هني كلّ المدى، وكلّ هـ المدى ديوان بين درفتين إيديك..
مارون ماحولي... ساعتا بتكون كمَّلت التِّحفي.
وفي الختام ألقى الشاعر مارون الماحولي مجموعة من قصائده ووقع ديوانه للحضور
تعليقات: