في الوقت الذي تحتدم المعارك السياسية في الداخل اللبناني على وقع انفجار العلاقة بين الرئاستين الاولى والثانية، تستكمل القوى الدولية انجاز طبخة تسوياتها للمنطقة، التي على وقعها تنجز عمليات تنظيف عسكرية لمناطق تعتبر ذات حساسية ومفاتيح للصفقات المرتقبة، ومن بينها ما يجري على الجبهة الجنوبية السورية وارتباطه بما حكي عن «وقوف على خاطر تل ابيب».
عملية الجولان، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى، اثارت مخاوف إسرائيل منذ بدء النزاع السوري، ومع ذلك يرى العقيد موردخاي كيدار، الباحث بمركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية، أن إسرائيل تستطيع تحمل وجود الأسد بمنطقة الجولان، طالما أن إيران و«حزب الله» بعيدان عنها، مشيرا الى ان الجيش الإسرائيلي لن يسمح لإيران بإقامة قاعدة عسكرية في محيط 40 كيلومتراً من حدودها، وأن إيران تتفهم ذلك جيداً، كاشفا ان القوات الرئيسية التي تقود العمليات العسكرية في المنطقة هي الكتيبتان الرابعة والسابعة من الجيش السوري من خلال دعم القوات المحلية، وربما يلعب حزب الله دوراً، الا ان المعلومات عن ذلك ضئيلة للغاية، فالقوات الأجنبية الرئيسية التي لعبت دوراً في الهجوم هي «لواء الإمام الحسين»، و«كتيبة الموت» العراقيتان، ضمن الكتيبة الرابعة للجيش السوري. ومع ذلك، فقد خضع الهجوم لقيادة كتائب الجيش السوري، ويعد امتداداً لحملة الحكومة لاستعادة المناطق الريفية غربي دمشق، معتقدا انه لا ينبغي ينبغي رؤية كل خطوة تتخذها الحكومة لاستعادة إحدى المناطق في الجنوب السوري على انها تصب في خانة الرغبة في التواجد على المدى الطويل جنوبي سوريا.
في تفاصيل العمليات العسكرية اورد موقع «ديبكا فايلز» أنّ الجيش الإسرائيلي تعرّض لـثلاث نكسات استراتيجية منذ بداية الاسبوع بعدما سيطر الجيش السوري وحلفاؤه على مغر المير التي قسمت بيت جن إلى قسميْن، فأوضح الموقع أنّ الجيش السوري وحزب الله تقدّما شرقاً وجنوباً، كاشفاً أنّ ضباطاً من الطرفيْن وجهوا تحذيراً لـهيئة تحرير الشام، فخيّروهم بين تسليم المقاتلين المرتبطين بإسرائيل والانسحاب بشكل آمن من البلدة أو مواجهة الدمار،اولا،اما ثانيا،فقال الموقع إنّ مجموعة من عناصر «حزب الله» عبرت من شبعا إلى سوريا يوم الأحد الفائت وانضمت إلى الجيش السوري والقوات المدعومة إيرانياً في بيت جن، وثالثا، لفت الموقع إلى أنّ دمشق أرسلت «فوج الجولان» لحسم معركة بيت جن واستعداداً لسقوطها الذي سيكون له «تأثير دومينو» في القنيطرة التي تدعم فيها إسرائيل مقاتلين للمعارضة.
بناء على ذلك، تحدّث الموقع عن «فوج الجولان»، قائلاً إنّه يضم مقاتلين داعمين للرئيس السوري، مستدركاً بأنّ عناصر إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أُدخلت إليه السنة الفائتة وأسست مقراً لها في بلدة خان أرنبة، التي تقع شمال القنيطرة وتبعد 5.5 كيلومترات عن الحدود الإسرائيلية، ما اثار المخاوف من أن تمنح العناصر الإيرانية طهران نفوذاً مباشراً في معركة بيت جن، محرضة مقاتلي المعارضة على مهاجمة بلدة حضر الدرزية، ما يخولّهم شق طريق للهرب باتجاه جنوبي غربي سوريا.
يشار الى ان بلدة بيت جن ترتبط جزئياً باتفاق «منطقة خفض التصعيد المؤقتة» كونها تبعد قرابة خمسة كيلومترات عن الحدود الإسرائيلية. وكانت رسالة إسرائيل واضحة بأنها لا تريد مليشيات بالقرب من حدودها. رغم انه لا يزال من غير الواضح حتى الساعة كيف سترد تل ابيب على عدم التزام طهران بالاتفاق الروسي - الاميركي، ما ينذر باحتمال تفجر الأوضاع في أي لحظة، في ظل رغبة ايران في تحويل مشاركتها في تلك المعركة إلى ورقة ضغط جديدة على الولايات المتحدة من خلال اللعب بخط واشنطن الأحمر «أمن إسرائيل».
غير ان عوامل اخرى تعزز من احتمالات اندلاع حرب إيرانية بالوكالة على إسرائيل، نتيجة التطورات الميدانية الحاصلة، ما سيشكل نكسة خطيرة لتل ابيب ، خصوصا مع تطويق بلدة مغر المير عند سفوح جبل الشيخ، مع تقدم قوات الجيش السوري صوب بيت جن شمالي هضبة الجولان، على بعد 4 كيلومترات من مواقع الجيش الإسرائيلي، بحسب الاعلام الاسرائيلي، الذي بدأ بالحديث عن مؤشرات تدل على أن إيران تقترب من تنفيذ وعيدها بالقضاء على إسرائيل.
اول تلك المؤشرات، انجاز ايران فتح الطريق البرية الرابطة بين طهران - بغداد - دمشق - بيروت وصولا الى مرتفعات الجولان والبحر المتوسط، وثانيها قيام الجمهورية الاسلامية ببناء مصانع في سوريا ولبنان لتصنيع الصواريخ الموجهة وغيرها من الذخائر الدقيقة لاستخدامها في اي صراع مستقبلي مع إسرائيل،بحسب الشكاوى الاسرائيلية الى مجلس الامن، اما المؤشر الرابع، فهو حادثة تثبت أن إيران تستخدم حلفاءها للتحضير لما تعتبره الحرب الأخيرة ضد الدولة اليهودية، حينما شوهد زعيم «عصائب أهل الحق» العراقية، إحدى فصائل الحشد الشعبي العراقي، قيس الخزعلي، أثناء جولة له على الحدود اللبنانية الجنوبية، بالزي العسكري عند بوابة فاطمة في بلدة كفركلا الجنوبية برفقة عناصر من حزب الله، قائلاً إنهم «على أتم الجهوزية للوقوف صفًا واحدا مع الشعب اللبناني والقضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي».
مصادر جنوبية اشارت الى إنه، بعد سيطرته على نقاط عدة محيطة بمقام الشيخ عبد الله في مزرعة بيت جن السورية في ريف دمشق الغربي، يعمل الجيش السوري على الاجهاز على الجماعات الارهابية في المنطقة التي تشرف على بلدة شبعا اللبنانية ومنطقتي حاصبيا والعرقوب، متخوفة من ان يؤدي حسم الوضع الميداني في البلدات السورية المشرفة على شبعا، الى دخول مجموعات من النازحين من بينها مسلحين الى الاراضي اللبنانية في تلال شبعا المتصلة بالاراضي السورية. علما ان جماعات المعارضة السورية لا تزال تسيطر على نحو 5 قرى هي: بيت جن ومزرعتها، جباتة الخشب، مغر المير، تل مروان، وتل المير، إضافة الى أجزاء من بلدات حظروان وحضر، حيث ينتشر في الاخيرة اللواء التسعون السوري، الذي يخطط لان تكون البلدة منطلقا لاستعادة البلدات المحيطة، ما يُقفل الممر الذي تسعى من خلاله الجماعات الارهابية للتسلل الى لبنان.
تعليقات: