«اعطيني قنينة مي، شوي وراجع». آخر ما قاله المهندس عاصم المهتار لوالدته قبل ان يستقل سيارته وينتقل لتلبية نداء شقيقه الذي اتصل به مطلعاً إياه أن ثمة امراً غير طبيعي في الأرض حيث يحفر. ما إن وصل واستقل الحفارة حتى هوت إلى عمق نحو 40 متراً، فسقط مضرجاً بدمائه، قبل أن ينقل الى مستشفى عين وزين ويفارق الحياة.

عودة قاتلة

31 عاماً هي عدد السنوات التي كتبت لعاصم في هذه الحياة، تمكن خلالها من دراسة هندسة الديكور، تزوج ورزق بثلاثة اولاد، صبي وفتاتين وبحسب ما شرحه قريبه وجاره سامر المهتار لـ "النهار". ويتابع "أبو وليم بنى نفسه بنفسه، فهو شاب عصامي، كرّس حياته في مرضاة والديه، سافر قبل نحو اربع سنوات الى اميركا، عمل هناك قبل ان يعود منذ 9 شهور، فتح دكانا لوالديه كي يمضيا وقتهما بلا ملل، كما اشترى حفارة JCB لشقيقه كي يعمل عليها، لكن شاء القدر ان تكون نهايته بسببها".

سقوط الحلم

عند الساعة الأولى والنصف من يوم السبت الماضي وقع ما لم يكن في الحسبان، ولفت سامر "بعدما تلقى عاصم اتصالاً من شقيقه، طلب عبوة ماء من والدته التي كانت في الدكان اطلعها انه سيعود عما قريب، لكن للاسف كان الموت بانتظاره، خطفه من محبيه وهو في عز شبابه". وأضاف "مرّ من امام منزل اقربائه، توقف دقائق ودّعهم وانطلق الى الورشة في كفرحول، عندما وصل كانت الحفارة عالقة في الارض، حاول السيطرة على الوضع، لكن بدلاً من ذلك سقطت الحفارة في المنحدر ومعها الشاب الطموح واحلامه. بلدته عرمون بكته دماً بدل الدموع، فهو المعروف بهدوئه وشغفه لعمله وتطوير ذاته، فإذ به يلقى نهايته في حادث مؤسف".

حاول الاطباء في مستشفى "عين وزين" انقاذ عاصم، لكن كما قال سامر: "كل محاولاتهم باءت بالفشل، الضربة كانت قاضية على رأسه، اطبق عينيه معلناً رحيله الى الابد"، مضيفاً "كالنسمة مرّ على هذه الارض، لكن رحيله شكّل اعصاراً لكل من عرفه، مهما تكلمت عن صفاته سأبقى مقصراً في حقه، لكن الاكيد ان كل محبيه لن يقصروا بالدعاء له، وسيبقى ذكرى عطرة في قلوبهم".

الضحية المهندس عاصم المهتار