التاجر بزي يفتش في فواتيره
750 مؤسسة متضررة من العدوان والدولة «تتبرأ»
بنت جبيل :
لم يقتصر الخراب الذي نزل على بنت جبيل، خلال عدوان تموز ,2006 على البيوت والمساكن، بل كان للمؤسسات التجارية نصيبها الكبير من الدمار. لم يبق حجر على حجر في سوق البلدة الرئيسي الذي كان مفخرة أهلها. وإذا كان ملف الوحدات السكنية قد أخذ طريقه نحو التعويض عبر المساعدة القطرية، إلا أن موضوع تعويضات المؤسسات التجارية ما يزال معلقاً في الهواء. فبينما لم يتخذ القطريون أي قرار لتبني هذا الملف، قائلين إن الوقت ما يزال مبكراً وأن الأولوية هي لملف الوحدات السكنية، فقد فوجئ أصحاب 750 مؤسسة تجارية في بنت جبيل بأن الجهات الرسمية رفضت استلام ملفاتهم بحجة أن دولة قطر هي من تبنت بنت جبيل وبالتالي فإن التعويض فيها والوالأمر مر يقع على عاتقها!
كان جعفر بوصي أول من استحصل على تقرير خبير رسمي، عبر قاضي الأمور المستعجلة، حول الأضرار التي لحقت بمؤسسته: «فوجئنا عندما ردّ إلينا التقرير من مجلس الجنوب، وأبلغونا أن الموضوع لدى الجانب القطري، وأنهم لم يتبلغوا شيئاً من الجهات الرسمية يفيد عكس ذلك». ورغم معرفة التجار بأن التعويضات ليست قريبة وقد لا تأتي أبداً، بحسب بوصي، ولكنهم يدرجون مساعيهم في باب حفظ الحقوق، «عسى أن تنصفنا الدولة في يوم من الأيام» وفق بوصي. ويلفت بوصي إلى أن الخبير القانوني قدّر خسائر مؤسسته بمبلغ 832 ألف دولار، وكانت عبارة عن بضائع موزعة على أكثر من مخزن في البلدة: «وحوالى 250 ألف دولار من هذا المبلغ تشكّل ديوناً وشيكات يطالبني بها أصحابها، وأنا أسدد بقدر المستطاع من مؤسسة بديلة افتتحتها بعد الحرب برأسمال لا يتعدى العشرة في المئة من قيمة المؤسسة الأصلية». ويؤكد بوصي بأن لا تعويضات دفعت لهم حتى الآن، باستثناء «الهدية» التي قدمها «حزب الله» والتي تعادل عشرة في المئة من الخسائر».
يذكر أنه، وبحسب إحصاء أجرته نقابة التجار في بنت جبيل، فإن أضرار عدوان تموز أصابت حوالى 750 مؤسسة تجارية، وتراوحت ما بين الألف والمليون دولار، وبقيمة إجمالية بلغت حوالى 20 مليون دولار.
ولا تختلف قصة عبد السلام بزي (تاجر مواد غذائية) كثيراً عن قصة بوصي. خسر بزي مؤسسته وعدداً من المخازن، وأعاد افتتاح محل «على قده»، بانتظار التعويض، لكن ما زاد الطين بلة، بالنسبة إليه، هو أن إحدى الهيئات الرسمية طلبت منه، أثناء الحرب، تسليمها ما في مخازنه من مواد غذائية وجرى توزيعها على الأهالي في عدد من القرى. وهو، حتى اليوم، لم يتقاض من ثمن تلك البضائع التي يملك فواتير استلامها سوى 15 ألف دولار دفعت له مؤخراً. ويقدر بزي باقي المبلغ بستين ألف دولار. وإذ يؤكد أنه غير نادم على ما فعله، وأنه كان يسلمهم البضائع تحت القصف، لكن هذا المبلغ يمكن أن يساعده في الانطلاق مجدداً ريثما تتضح صورة التعويضات، خصوصاً أنه «سمع» أن المبالغ المستحقة لتجار أمثاله في باقي المناطق قد دفعت منذ مدة. يقول بزي إنه لن يتأخر لو طلب منه الأمر نفسه مجدداً، رغم اعتقاده بأن المحلات قد قصفت لكثرة سيارات «البيك آب» التي خرجت منها أثناء نقل المساعدات.
وعلى حافة الانتظار غير المحدد بوعود أو مواعيد، يجدد التجار تأكيدهم على أن التعويض على المؤسسات له الأولوية على تعويضات البيوت، لأن المؤسسة يمكن أن تبني بيتاً وتعيل أهله، لكن البيت وحده لا يغني من جوع.
تعليقات: