الشباب يقرأون لغة الحب والقصائد والفرح والاعتراض والحلم، لا يعرفون الموت، فمن أين ياتي الرصاص؟
عندما اخترق أحمد جمهور المحتجّين قرب الكنيسة، كان ساحراً في هدوءه ،فريداً في اطمئنانه، وكان فاتناً صغيراً وكثير الجمال.
كان أحمد بحجم وردة، في عينيه الاف النجوم، ومن يديه تفوح رائحة البيلسان والياسمين.
كانت تنهض عند أحمد في هذا الوقت أحلام لا يتسع لها فضاء ولا مكان... وكان يعاهد نفسه أنه لن يعود الى منزله إلا والشمس تحت أبطه، وقمحٌ وخبزٌ كثيرٌ بين يديه... إنه يعمل اخيراً، إنه يتحسس تعبه فرحاً وحرية ومستقبلاً رائعاً وحياةً أجمل.
رأى أحمد بندقية توجه اليه، ضحك وابتسم لها. هل يمكن أن يستهدف الرصاص كل هذا الحب الذي يحمله للوطن؟
الشباب يقرأون لغة الحب والقصائد والفرح والاعتراض والحلم، لا يعرفون لغة إسمها الموت، فمن أين ياتي الرصاص؟...
من اين جاءك الرصاص ،يا أحمد ،ايها المبتلي بالوطن...
قام احمد من موته ،قال من جهة امنة... وضع يده على جرحه، وانطفأ!
يا أمه لا تذرفي الدمع... احمد عائد وسيطرق بابك كل صباح، يلقي عليكِ التحية، يقبلكِ، ويغادر الى عمله. وسياتيكِ كل مساء، حاملاً بساتين ورد وعنب وحاملاً أنواراً تكافح العتمة، لا تنطفىء!
ويا والده ايها الصديق لقد أبكيتنا وأنت تفلفش اوراق ورود جسده، أبكيتنا وأنت تناديه، أبكيتنا وأنت تقف حائلا بينه وبين القبر لحظة وداعه.
يا والده انتظره غدا سيعود، ستراه بين كل رفاقه وأترابه، فنظرات الحبّ التي في عينيه لا تموت، والشباب الذي في يديه لا يذبل، ولن يدع مناداتك إياه بلا صدى.
اما أنتِ يا خيامه التي أحَبّ فاذهبي اليه بالورود، زنّري قبره بالرياحين، وخذي معك في طريقكِ إليه كل النجوم كي تشاركه وحدته.
أيتها النجوم، يا كل النجوم كوني وسادته وأرجوحته فقد يعود.
تحقيق المنار المصور مع والديّ الشهيد
.
.
تعليقات: