تسعة أشهر مرت على وفاة سيدريك عبدالله، من جراء نزيف حاد اصابها بعد الولادة. 9 أشهر مرت وما زالت عائلتها تنتظر تحقيق العدالة لابنتها. ففي لحظة تحوّلت حياة عائلة الشابة من احتفال باستقبال المولود الجديد الى جحيم، وتحولت الجنازة الى جنازتين، فالمأساة لم تنته عند وفاة العروس، اذ ان قلب جدتها لم يتحمل هول الفاجعة فلحقت بها اثناء انتظارها جثمان حفيدتها في ساحة البلدة.
عائلة سيدريك لم تتحمل الفاجعة، وبعد اسئلة كثيرة وجّهتها الى المستشفى والطبيب الخاص، قررت بعدها رفع دعوى قضائية متهمةً الطبيب بالتقصير وعدم الاكتراث بالحالة الصحية للشابة قبل وفاتها بأيام.
وبحسب السيدة ريمونة والدة سيدريك، فإن ابنتها لاحظت قبل أيام من الولادة وجود بعض الأورام في الجسم، ونتيجة الفحوص تبين لديها أن البروتين مرتفع في الدم فسألت طبيبها الذي طمأنها الى أن كل شيء على ما يرام، مؤكدةً أن ابنتها توقف قلبها بعد الولادة للحظات قبل وضعها في العناية المركزة. وعند سؤال العائلة عن سبب تدهور حالتها الصحية قيل لهم بأنه أصيبت بـ"كريزة أعصاب" وهي بحاجة للمراقبة. وبحسب والدتها، عانت سيدريك من آلم في الكتف وعند طلب المساعدة من الممرضين رفضوا ذلك وتهرّبوا من المساعدة، قبل أن يطلب الأطباء وحدات دم لإنقاذ حياتها نتيجة تلف في الدماغ. وبعد محاولات عديدة نقلت الشابة بوضع صحي خطر الى مستشفى جبل لبنان عبر طوافة عسكرية، ورغم حملات التبرع الواسعة بالدم إلاّ ان جسدها الضعيف استسلم للموت، لتلحق بها جدتها في اليوم نفسه اذ لم تتحمل الأخيرة هول الكارثة، فسقطت في ساحة البلدة رافعةُ صورة حفيدتها خلال انتظار وصول جثمانها، لتقرر البقاء الى جانبها في الدنيا وفي الآخرة، ولتفي بوعدها لحفيدتها بأنها ستموت من بعدها... ووفت بوعدها.
والدة سيدريك المفجوعة برحيل ابنتها ووالدتها في اليوم نفسه، اتهمت عائلة زوج سيدريك بقبض الثمن للسكوت عن جريمة "القتل" بحق ابنتها، مطالبةً إلزام الجهة المتقاعسة عن القيام بواجبها، لتكون عبرة في المستقبل ولعدم الوقوع بأخطاء طبية تودي بحياة أرواح بريئة. واستنكرت الوالدة صمت زوج الضحية وعائلته، متهمة اياهم بالتأمر على روح ابنتها وقبض ثمن السكوت عن حقهم.
محامي العائلة زياد بيطار أكد أن التقصير يعود الى الطبيب المعاين، فالضحية قد لاحظت العديد من الاعراض قبل الولادة، ونتيجة بحث على موقع غوغل اكتشفت أنها اصيبت بمرض "Pre-eclampsia"، وقد أرسلت الى طبيبها ما توصلت أليه، إلا انه لم يكترث ووصف لها بعض الأدوية. وبعد الولادة شعرت بتدهور حالتها الصحية، حيث قالت للطبيب "دخيلك يا دكتور عم موت، عم تطلع روحي"، لتدخل بعدها في العناية المشددة وتفارق الحياة بعد قدومها الى بيروت". وأكد بيطار أن العائلة رفعت دعوى على الطبيب فقط، ولا علاقة للمستشفى بالأمر.
إدارة المستشفى رفضت إتهامات العائلة، وأكد مصدر اداري أن "العناية المناسبة قدمت لها، وقد اجرت المستشفى إتصالات مع مستشفى جبل لبنان لنقلها عبر طوافة عسكرية، ولكنها فارقت الحياة ولو كان هناك أي تقصير لكانت عائلة الضحية قدمت دعوى قضائية بحقنا".
ورفض د. كريم هـ. أيضاً اتهامات العائلة والمحامي، مؤكداً أن الفتاة قد خرجت من العملية بوضع سليم ولكن وضعها الصحي تدهور، والأعراض التي اصابتها قبل الولادة تصيب العديد من النساء، "وقد وصفت لها العديد من الأدوية ووضعتها تحت المراقبة، وقد قمت بواجبي على أكمل وجه، فأنا طبيب العائلة منذ أكثر من 30 سنة، وأنا من قمت بعملية الولادة واعتنيت بسيديريك منذ طفولتها. فقد كبرت امامي حتى تزوجت وانجبت طفلتها، وبالطبع لن أهملها فهي ابنة صديقي منذ الطفولة، وتربطنا علاقة صداقة منذ عقود، ولكن المرض الذي اصابها يعتبر نادراً وقد نقلت الفتاة الى العناية الفائقة، وتوفيت بعد ذلك، مشدداً على أنه زار العائلة بعد الوفاة ولم يقدم له أي فرد من افرادها اتهامات بالتقصير، مؤكداً أن القضية أصبحت لدى نقابة الأطباء والتحقيق قد فتح بالملف".
وفي اتصال مع الطبيب ادغار بيطار، أكد ان مرض "Pre-eclampsia" يصيب الحوامل خصوصاً عند الولادة الأولى، فينتج منه ارتفاع الضغط (وهي الحالة المعروفة باسم ارتفاع ضغط الدم الحملي)، ويصاحب هذه الحالة ظهور كميات ملحوظة من البروتين في البول، وينتج منها تورم في جسمها، وفي حال اصاب الحامل هذا المرض فهي بحاجة لمستشفى بشكل عاجل، مؤكداً أنه ليس من الضروري ان تولد السيدة ولادة قيصرية والأمر يعود الى الطبيب المعاين حيث يحتسب حجم الرحم، وعادةً المرض لا يتسبب بالموت إذا ما تم الاعتناء بالمريضة بطريقة جيدة.
القضية في عهدت نقابة الأطباء والتحيق قد فتح لمعرفة اسباب الوفاة، بينما تصر العائلة على اتهام الطبيب بالتقصير مستندةً الى محادثات بين الضحية وطبيبها تعلمه فيها بتدهور وضعها الصحي، بينما ينفي الطبيب الاتهامات جملةً وتفصيلاً.
تعليقات: