هذه «حيلة» رفع الفائدة على القروض السكنية

رفع الفوائد يراوح بين 0.75% و1% (محمود الطويل)
رفع الفوائد يراوح بين 0.75% و1% (محمود الطويل)


آلية وفوائد جديدة للقروض السكنية

صدر عن مصرف لبنان المركزي، الجمعة في 2 شباط 2018، تعميم حمل الرقم 485 حدّد بموجبه آلية جديدة لمنح القروض الإسكانية والتجارية. كما أدخل تعديلات على الفوائد تمثلت بارتفاعها بنسبة تراوح بين 0.75% و1%.

يتضمن التعميم كثيراً من التفاصيل التي تسهم بطريقة أو بأخرى في "ضبط" آلية الإقراض السكني والتجاري عبر المصارف وتشديد الرقابة على المستفيدين من القروض وعلى المصارف على حد سواء. كما يحسم التعميم موضوع الدعم. إذ يحصره بدعم الفائدة فحسب، ويُسقط الدعم عن طريق الإعفاء الجزئي من الإحتياطي الإلزامي الذي كان يمنحه للمصارف.

وإلى جانب بعض التعديلات الجديدة التي أدخلها التعميم على شروط الاستحصال على القروض الإسكانية والإنتاجية، أعلن عن رزمة جديدة من الأموال المخصصة لتمويل تلك القروض بقيمة 750 مليار ليرة. ما يعني أن القروض الإسكانية مستمرة.

أما بالنسبة إلى الفوائد الجديدة المفروضة على القروض المدعومة، فقد عمد مصرف لبنان قبل نحو عام إلى خفّض أسعار الفوائد على القروض السكنية، ليعود ويرفعها اليوم، وإن بطريقة غير مباشرة. فالمصارف تحصل عادة على قروض من مصرف لبنان بفائدة 1% مقابل إقراضها في السوق سواء أكان عبر المؤسسة العامة للإسكان أم عبر بروتوكولات ثنائية أو مباشرة للجمهور. وكانت الفوائد تراوح بين 3% و3.75%. أما اليوم فيراوح الارتفاع على الفوائد بين 0.75% و1% لتصبح بين 3.75% و4.75%.

وأهم ما جاء في التعميم ليس رفع الفوائد فحسب، إنما جعل الفائدة على الإقراض السكني متحرّكة وليست ثابتة. وهذا ما يصفه المدير العام لبنك لبنان والمهجر والعضو السابق في لجنة الرقابة على المصارف أمين عواد، في حديث إلى "المدن"، بـ"الاجراء الخطير" لجهة صعوبة تعامل المصارف مع سعر متحرك للفائدة. وهنا، لا بد من التذكير بأن الفائدة على الإقراض تتحرك بحسب مؤشر معدل فوائد توظيفات المصارف التجارية لدى مصرف لبنان. ما يعني أن ليس بالضرورة أن يطرأ عليها أي ارتفاع سنوياً، إنما ربما تنخفض أو أن تستمر على حالها.

ويستند مصرف لبنان في رفع الفائدة إلى أن الفوائد تتغيّر بحسب المعطيات المحلية والدولية. ويبدو أن هيكلية الفوائد تتجه إلى الارتفاع، في حين أن البنك المركزي يستمر بتأمين تسليفات لآجال تصل إلى 20 عاماً بفوائد ثابتة. وهذا ما لم يعد ممكناً.


هذه "حيلة" رفع الفائدة على القروض السكنية

خضر حسان

الحصول على قرض سكني من المؤسسة العامة للإسكان، يُعتبر حلماً لكثير من الشبّان. ومع أن القرض يربط مصير صاحبه لـ30 عاماً، إلاّ أن لا بديل منه في ظل ارتفاع أسعار الشقق والعقارات ومعدلات فوائد القروض المصرفية الخاصة. ففوائد قروض الإسكان مدعومة من مصرف لبنان، بمعدلات ثابتة.

الفوائد المدعومة سترتفع قريباً، والفوائد الثابته ستصبح متحركة، أي متزايدة سنوياً. هذا ما يؤشر إليه فحوى "تعميم وسيط رقم 485"، الصادر عن مصرف لبنان، في 1 شباط الجاري، والموجه للمصارف والمؤسسات المالية. والارتفاع سيطاول أكثر من 30 نوع قرض بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي، ومن بينها القروض المخصصة للإسكان، على مختلف أنواعها (مؤسسة عامة، مصرف الإسكان، صندوق تعويضات القضاة، إسكان العسكريين...). فالتعميم يلحظ تغيّر الفوائد في القروض التي تمنحها المصارف والمؤسسات المالية، والمدعومة من مصرف لبنان. وبطبيعة الحال فإن الزيادة ستُرمى على كاهل المواطنين الذين سيتحولون إلى شركاء في تحمل زيادة معدلات الفوائد، والتي تفرضها "زيادة عجز موازنة الدولة، والتي تراوح سنوياً بين 4 و5 مليارات دولار، أي نحو 10% من الناتج المحلي. وهذا العجز يعني أن الدولة بحاجة متزايدة إلى الإقتراض"، وفق مدير وحدة الدراسات الاقتصادية في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، في حديث الى "المدن".

لكن، هل رفع معدل الفائدة على القروض السكنية، يعني ارتفاع قيمة الدفعة الشهرية التي يسددها المقترض؟

تنقسم طريقة سداد قرض المؤسسة العامة للإسكان إلى قسمين، في القسم الأول يسدد المقترض دفعة شهرية، لمدة 15 عاماً، تكون بمثابة سداد لأصل قيمة القرض الممنوح من المصرف التجاري، ويسدد دفعة شهرية لمدة 15 عاماً أخرى، هي بمثابة إعادة المقترض الفوائد التي دفعها عنه مصرف لبنان خلال الـ15 عاماً الأولى. والقصد من ذلك، أن يخفف مصرف لبنان الدفعات الشهرية عن المقترض، فيعيد المقترض لاحقاً دفع الفوائد، بمبالغ تقل بكثير عن قيمة الدفعات الشهرية في المرحلة الأولى.

وبما أن الفائدة تعود لمصرف لبنان، فإن المقترض لن يشعر بزيادة معدلات الفائدة المتحركة، إلا في مرحلة سداده الفوائد لمصلحة مصرف لبنان، أي بعد 15 عاماً من تاريخ الحصول على القرض. عليه، لن ترتفع الدفعات الشهرية في القسم الأول، والمخصصة لأصل قيمة القرض. و"قيمة الزيادة لن تكون مرتفعة جداً"، يضيف غبريل. فهي، وإن راوحت بين 0.75% و1%، "إلاّ أنها لن تشكل عبئاً كبيراً على المقترض".

إن كانت الزيادة ضئيلة بدايةً، إلاّ أن احتمالات ارتفاعها محتومة، لأن جعلها متحركة بدل ثابتة، يعني تغيّرها سنوياً. وبما أن المقترض سيسدد قيمة الفوائد على مدى 15 عاماً، فإن تحرّك معدل الفائدة سيصبح كارثياً خلال تلك الأعوام، لأن مسارها التصاعدي لا يمكن التنبؤ به، فهو مرتبط بما يسمى "مؤشر معدل فوائد التوظيفات لدى مصرف لبنان"، والمتأثر بدوره بما تخبّئه الحياة الاقتصادية اللبنانية على مدى السنوات.

الأخطر، هو أن رفع معدل الفوائد أمر مبارك من صندوق النقد الدولي الذي يوصي مصرف لبنان بأن يبقى "مستعداً لرفع الفوائد عند الضرورة". وهذه "الضرورة" هي مؤشّر مطّاط في ظل الواقع السياسي والاقتصادي اللبناني. وما أكثر الضرورات التي تدفع السلطة السياسية والمصارف إلى ابتداع قرارات تحمّل الشعب مسؤولية فشل إدارة الدولة الأموال العامة.

أما الحل العملي والناجح، فلا يكون برفع الفوائد، لأنه حل مرحلي سيخلق تراكمه أزمات إضافية، وإنما يكون، في نظر غبريل، عبر "تخفيض حاجة الدولة إلى الاستدانة. ويحصل ذلك من خلال الإصلاحات التي تخفّض العجز. وخفض العجز يعني خفض الفوائد، وخفض الفوائد يُعفي الدولة من دعم القروض"، وبالتالي من تغطية فوائد القروض للمصارف التجارية، وحينها، لا يشمل الفوائد أي تعديل، سواء أكان ارتفاعاً أم إنخفاضاً.

تحرّك معدل الفائدة سيصبح كارثياً (علي علوش)
تحرّك معدل الفائدة سيصبح كارثياً (علي علوش)



تعليقات: