ثــورة الخلــوي تطيــح بالتلفـزيـون العــام 2012؟

شاشة داخل الشاشة
شاشة داخل الشاشة


بعد أن تجرع رومانسيو جيلنا، بالكاد، إعلان بداية النهاية لعصر الورقيات، منخرطين في جدل لم يحسم حول النزاع بين الملموس والافتراضي، يبدو أن الدور قد حان الآن لا لتوديع دور النشر ورفوف الكتب فحسب، بل ما هو أبعد عن الحسبان «الرومانسي»: أجهزة التلفزيون والكمبيوتر.. أيضاً.

ليس في هذا النبأ مبالغة، إذا ما سلّمنا بخلاصة آخر دراسات مركز «ايه بي آي» الاميركي للأبحاث، التي نشرت أمس الاول، والتي تؤكد أن عدد مستخدمي التلفزيون الخلوي في أرجاء العالم سيرتفع إلى نحو نصف مليار مستخدم خلال أعوام معدودة!

ومن المتوقع، وفقاً لتقديرات المركز، الذي يختص بإعداد الابحاث والتحليلات حول التكنولوجيا اللاسلكية، أن يبلغ عدد المستخدمين لجهاز التلفزيون عبر الخلوي 462 مليون مستخدم على الأقل، بحلول العام .2012 وبما أن الحقل هذا لا يزال جديداً نسبياً على شركات استثمار التكنولوجيا، فهي تعمل على مدار الساعة لتسخير تقنياتها من أجل تطوير خاصية الفيديو في الأجهزة الخلوية، وتلبية انجذاب المستهلكين، تماشياً مع خدمة التلفزيون الخلوي، وتسعى إلى توفير الشاشات أمتن وأوضح وأكبر، وذات خيارات متعددة.

وترجّح الدراسة الحديثة أن تتركز طفرة التلفزيونات الخلوية هذه في الشرق الاقصى، انطلاقاً من الدولتين الرائدتين في صناعة التكنولوجيا: اليابان وكوريا الجنوبية. علماً ان الأخيرة كانت السباقة إلى إطلاق مشروع التلفزيون الخلوي.

وسيجد المنتَج الثوري الجديد مستهلكيه الأهم في أسواق الصين والهند المكتظتين، حيث يرجّح مركز «ايه بي آي» (الذي تستند إلى أبحاثه نحو 500 شركة لصناعة التكنولوجيا) ارتفاع نسبة مستخدمي أجهزة التلفزيون الخلوية من الآسيويين من 24 مليون إلى 260 مليوناً خلال خمسة أعوام فقط (2007 ـ 2012)، أي بنسبة تتجاوز عشرة أضعاف.

ولا تقلّ دول أوروبا اهتماماً بالجهاز الجديد، الذي قد يعني، في ما يعني، الايغال في «عصر الخلوة»، مع اشتمال جهاز الخلوي، حتى الآن، على كل مستلزمات الحياة العصرية الالكترونية من أدوات العمل: مسجل، حاسوب، كاميرا؛ والاتصال: هاتف، فاكس، إنترنت، راديو... وأخيراً التلفزيون.

وقد أعربت 32 محطة بث في فرنسا، حتى الآن، عن رغبتها بالانضمام إلى خدمة التلفزيون الخلوي، الذي انحصرت صلاحية توزيع خدمته الجديدة بشركة «أورانج» الأوروبية للاتصالات اللاسلكية. وتتذكر إدارة الشركة كيف «كان الجميع يضحك منا حين أطلقنا خدمة التلفزيون الخلوي الشخصي في العام ,2004 وكنا وحيدين في الصحراء». أما الآن، فمحطات البث تتنافس لحجز مكانها بين ثلاثين محطة متاحة حالياً في شبكة التلفزيون الخلوي، و«المنتجون باتوا يتعثرون ببعضهم (من فرط التهافت) لتقديم عروضهم»، وبينها ما هو أميركي.

ومن المتوقع أن تسمي «أورانج» المرشحين المقبولين في نيسان المقبل لبدء البث فوراً، فيما ستنتظر شركات الاعلان حتى العام ,2009 لحفر موطئ قدم لها في العالم الخلوي الجديد.

نصف مليار مستخدم سيتابعون التلفزيون من أجهزتهم الخلوية، خلال حفنة أعوام. ها هي التكنولوجيا، مرة أخرى، تجمح بالفرد إلى مزيد من الانفصال عن «جماعته»، ولو في قالب شكلي من التواصل الافتراضي المعقّد مع شبكة «المجتمع». وبمعزل عن أي أحكام مستعجلة، يتساءل الواحد منا عن شكل المستقبل الاقرب من تخيله، حيث يحمل المرء عمله ومراجعه ومعرفته وخبرته وأصدقاءه في هاتفه، ويقتعد منزله.. وحيداً ؟

تعليقات: