عبّارة كفركلا مرة أخرى تفتح أزمة حدودية

جرافة وعناصر من الجيش والطوارئ على الحدود في كفركلا (ادوار عشي)
جرافة وعناصر من الجيش والطوارئ على الحدود في كفركلا (ادوار عشي)


إسرائيل تضخ مياه الأمطار إلى الأراضي اللبنانية

كفركلا:

تصدى أهالي كفركلا عصر أمس، للانتهاك الإسرائيلي الجديد للسيادة اللبنانية، الذي تمثل بخرق الأراضي اللبنانية بين بلدتي العديسة وكفركلا، محبطين محاولة إسرائيلية بإعادة ضخ كميات كبيرة من مياه الأمطار المتجمعة قرب بساتين مستوطنة المطلة، بواسطة مضخات كبيرة تم تركيبها في اتجاه الجانب اللبناني، بسبب إقفال الجيش اللبناني قبل عامين، عبارة المياه التي أقامتها إسرائيل تحت السياج الشائك في تلك المنطقة، منعاً لضخ المياه من الجانب الإسرائيلي باتجاه الأراضي اللبنانية، مع ما يتسبب ذلك من إتلاف للمزروعات وإغراق الأراضي في كفركلا، وطريق عام كفركلا العديسة بالمياه، وعمل الأهالي والبلدية على ردم مسرب المياه الإسرائيلية بالرمال.

وعلى الفور حضرت قوة من الجيش اللبناني، تلتها قوة مؤللة من الوحدة الإسبانية العاملة في إطار قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب «اليونيفيل» المعززة، قوامها ثلاث عربات مدرعة، وجرت اتصالات مع قيادة «اليونيفيل» في الناقورة، فحضر فريق من المراقبين الدوليين UNTSO برئاسة الميجور الأسترالي براندن كالاوي، وأجرى كشفا ميدانياً على المكان ودون ملاحظات، في وقت سير الجيش الإسرائيليون دوريات مؤللة من سيارتي جيب «هامر»، تغلغلتا في داخل البساتين القريبة، حيث انتشر عناصرهما هناك، وخلف إحدى الدشم الصخرية المستحدثة قبالة العبارة، والمموهة بشباك مرقطة، راقبت من خلالها العناصر العسكرية الإسرائيلية التحركات في الجانب اللبناني بواسطة المناظير.

وكانت عناصر مدنية إسرائيلية، تؤازرها قوة عسكرية من سيارتي هامر مصفحتين، عمدت منذ الحادية عشرة قبل الظهر، الى توجيه خراطيم مضخات المياه باتجاه الأراضي اللبنانية، لتسريب المياه المتراكمة، الأمر الذي أثار احتجاج الأهالي في بلدة كفركلا الحدودية، وتجمعوا قبالة «العبارة الشهيرة»، التي دخلت الصراع الإسرائيلي من بابها الواسع، بعدما نزلت إسرائيل قليلاً، كما يبدو، من مزارع شبعا، لتشعل «فتيل توتر» جديد عند تخوم كفركلا، بعد وضع اليد على قرية الغجر السورية المحتلة، فتضحي العبارة «أسطورة» تستحق أن تذكر في سياق «النزاع الحدودي» الطويل الأمد، بين الكيان العبري والدولة اللبنانية.

وتحولت المنطقة الى أشبه بثكنة عسكرية، بعدما حضرت عناصر إضافية من الجيش اللبناني و»اليونيفيل»، تمركزت على طول الطريق بمحاذاة الحدود، وسيروا دوريات مصفحة على طول الخط الأزرق، وفي المقابل استنفر الجيش الإسرائيلي خلف الحدود، وجابت دوريات الـ»هامر» الإسرائيلية المصفحة الخط الحدودي مستطلعة المنطقة، وانتشر عناصرها في بساتين مستوطنة المطلة، المحاذية لطريق عام العديسة ـ كفركلا، متخذين أوضاعا قتالية عند تخوم الشريط الشائك. في وقت سيرت الكتيبة الإسبانية العاملة في القوة الدولية دوريات روتينية في المنطقة وعلى طول الطرقات في العباسية والوزاني وسهل الخيام والعديسة وحولا وميس الجبل.

وبعد أخذٍ ورد، طلب أحد الضباط الإسبان بعد اتصال «دولي» تلقاه من قيادته، أن يبتعد المدنيون من تلك المنطقة وأن يخلوا المكان لأن وجودهم يزيد من خطورة الوضع، لكن الأهالي المحتجين رفضوا المغادرة وأصروا على البقاء. وأكد نائب رئيس بلدية كفركلا لـ»السفير» محمد الطويل، «أننا لن نسكت عن هذا الخرق المتمادي، والذي يتكرر كل مرة ويلحق بنا أضراراً فادحة، وسنضع حداً له». ولدى سؤالنا كيف سيكون ذلك، أجاب «لا تستغرب، إن قمنا بتركيب مضخة، لإعادة المياه إلى حيث أتت». أضاف، «لسنا من يفتعل المشكلة، هم يتسببون كل مرة بإيذائنا، ولن نقبل أن يتكرر هذا الأمر». ورداً على سؤال، أين أصبح الاقتراح الذي تم وضعه سابقاً، بحضور وموافقة ضباط الارتباط في «اليونيفيل»، بإنشاء كل من إسرائيل ولبنان، أقنية منفصلة لتصريف مياه الأمطار على جانبي الحدود، «لم نلقَ رداً حتى الساعة، ربما لأن كلفة المشروع باهظة، وربما تفوق الـ200 ألف دولار، لكنها في النهاية تضع حلاً دائماً للمشكلة، وكما يبدو فإن الجانب الإسرائيلي يعسر هذا الحل».

ورداً على إقدام إسرائيل مجدداً على ضخ المياه باتجاه لبنان، استقدم أهالي كفركلا، في الخامسة والنصف عصراً، جرافة تابعة للبلدية، تبعتها ثلاث شاحنات متوسطة الحجم، أفرغت محتوياتها من الرمل، في الجانب المحاذي لطريق عام العديسة ـ كفركلا ، إلى الشمال من موقع العبارة، وتولت الجرافة طمر المسارب، في محاولة لوقف تدفق المياه الإسرائيلية باتجاه الأراضي اللبنانية.

وعند محاولة وضع الرمال في المكان المحدد، طلب الضابط «الدولي» المولج متابعة الموضوع، وقف الأشغال ريثما تصل التعليمات من قيادة اليونيفيل، للتأكد بأن المكان من الناحية اللبنانية، هو خارج الخط الأزرق كي لا يتسبب بإشكال جديد. لكن إصرار الأهالي استدعى تدخل الجيش اللبناني، وبعد سلسلة مشاورات، أغلق موقع تسرب المياه بالرمل.

بعد ذلك، انفض المحتجون من المكان، حيث حصلت زحمة سير، حين فوجئ ركاب السيارات اللبنانية العابرة بما يحصل. وعمد الجيش وقوات «اليونيفيل» إلى تسيير دوريات لمنع تكرار المواجهة وتطورها.

يذكر إلى أن مشكلة «عبارة كفركلا»، تعود للظهور كل عام مع مطلع فصل الشتاء. ففي العام الماضي أغلق الجيش اللبناني العبارة بساتر ترابي، ومنذ أسابيع حصل لقاء في بلدية، وآخر في ثكنة مرجعيون، بين لجنة الارتباط الدولية والجيش والبلدية لمعالجة المشكلة التي لم تحل بعد، بحيث تتجمع المياه في الناحية الاسرائيلية، وبسبب انحدار الارض تتدفق باتجاه الاراضي اللبنانية.

تعليقات: