الشهيد أحمد علي العجوز في آخر صورة له
(عن جريدة الأخبار)
علي العجوز، أو «السيد» كما نناديه الذي فُجع باستشهاد ابنه أحمد، يعمل في مجال التكييف والتبريد. غالبية زبائنه هم من أبناء الخيام المقيمين في بيروت ومن أبناء الضاحية وأحياناً تأتيه بعض الطلبات من البلدة.
ضغط العمل لديه يزداد أو يتراجع وفقاً لحرارة الجو، وهذا أمر طبيعي لمن اختار هذه المهنة.
تعرفت على أولاده الشبّان حسين، أحمد وحسام أثناء عمله. وقد لفت نظري أن الثلاثة لم يكونوا كمن هم في سنّهم، الذين ينتظرون الصيف للسفر أو التمتع بالبحر أو بالأجواء في ربوع البلدة.
لا لم يكونوا كذلك لأن فرصة الصيف هي فرصة عمل والدهم، ويشعرون بأنه حان وقت مساعدته بعدما تقدّم في السن.
أثناء عملهم كنت أراهم يعملون فريق عمل منسجم، كل منهم يعرف واجباته: أحدهم يستعمل المقدح، الثاني يمدّد كوابل الكهرباء والثالث ينقل من السيارة أجهزة التكييف المُراد تركيبها... من ينتهِ من عمله يساعد الآخرين إلى أن تكون المهمة قد نُفّذت باتقان.
أمّا عن الوالد، ومهما ألحّ، فلم يكونوا يسمحون له بالقيام بأي مجهود. الأبناء يبحثون عن راحته بعد سنين العمل التي أمضاها في الخدمة، وهم متفقون على التخفيف عنه. يسمحون له بالمراقبة فقط وإعطاء التوجيهات. وعندما تحين ساعة الانتهاء يعطونه آلة التشغيل عن بُعد للتجربة ووضع المكيّف بالخدمة، فينظرون إليه لرؤية الابتسامة على وجهه بعدما يبدأ الهواء البارد بالانسياب.
مشهدهم كان رائعاً وهم يعملون كخلية نحل ويحفّز على إعادة طلبهم عند الحاجة، لكن لن نعود نرى هذا الفريق الرائع متكاملاً، كما تعوّدنا، لأن رصاصةً غادرة حرَمت «السيّد»، علي العجوز، ابنه أحمد...
وبلدته المفجوعة، الخيام، التي دفعت ضريبة الدم في أحداث نهر البارد وفي التفجيرات المتنقّلة، ها هي تدفعها مجدداً في مخطط الفتنة المبرمج مسبّقاً.
علي العجوز، رغم عمله في مجال التبريد لن يجد من يُبرّد قلبه، لقد توقف أحمد عن العمل.
تحقيق المنار المصور مع والديّ الشهيد.
.
تعليقات: