هذه القصة الواقعية تروي حياة امرأة خيامية. إنها السيدة أم أحمد زوجة الشهيد خليل حسان، وتدعى رفعة إبراهيم عبد الله، هي الآن في العقد السادس من العمر. كان لأم أحمد ولدان معوقان منذ الولادة، أحمد وحسين، رضيت بحكم الله وعاشت حياتها مع زوجها تخدمهما.
توفي حسين في أواخر الثمانينيات، وعاش الزوجان حياتهما يخدمان أحمد. في السنوات الأخيرة، نال المرض من الزوج وضاق نَفَسَهُ لدرجةٍ أنه أصبح من اللازمً مدّه بالأوكسجين بصورة دائمة، وهنا برزت مشكلة أُخرى فقد توقف زوجها عن العمل! بالرغم من ذلك لم تستسلم أم أحمد ولم تيأس، صارت تعمل على بيع ما تجنيه من الزعتر البرّي، ومن أعمال إعداد المؤونة.. ومن المساعدات التي تأتيها أحياناً من الأقارب والخيّرين..
استمرت حياتها القاسية والصعبة على هذا الشكل إلى أن جاء اعتداء تموز، فزادت حياتها قساوة. بقيت أم أحمد تعيش على هذه الحال تحت القصف والعذاب لمدة أحد عشر يوماً، إلى أن أصيب منزل مجاور في 24 تموز (لعائلة شيري). فوقع أحد أعمدته على زوجها. حاولت أم أحمد جاهدةً المساعدة لكن ذلك كان أكبر بكثير من طاقتها، أربع ساعات والزوج بكامل وعيه، يئن من الألم، إلى أن فارق الحياة.
بقيت الجثة خمسة أيام نصب عينيها، تحللت وتداخلت رائحتها بروائح الغبار والبارود الى ان جاءت فرق الإسعاف في 29 تموز وانتشلت جثمان الزوج ودفنته. بعدما توقف العدوان عادت أم أحمد مع ولدها المعوق إلى الخيام وإلى بيتها، أحسّت براحة لا توصف بالرغم من أنها وجدته أطلالا.
إننا وإن كان قدرنا أن نحيا على حدود فلسطين المحتلة، نواجه الاعتداءات المدمّرة والمتكررة من وقت لآخر ونتحمل كل هذه العذابات، فإن عزاءنا الوحيد أن هناك من يؤازرنا، ويشعر معنا ويساهم بإعادة بناء بيوتنا. بمناسبة عيدي الأمهات والمرأة العالمي، نضع قصة هذه السيدة أمام أنظار المدافعين عن حقوق الإنسان لإظهار جزءٍ من معاناتنا الأخيرة القاسية طيلة ثلاثة وثلاثين يوماً من العدوان. علّ الضمير العالمي يتحرك.
تعليقات: