قرار الحريري الاستغناء عن الخير سيغير قواعد اللعبة الانتخابية (علي فواز)
.. ميقاتي مستفيداً؟
غليان وغضب يسودا منطقة المنيّة شمالاً، منذ مساء السبت في 10 آذار 2018، على إثر تسمية تيّار المستقبل المرشح عثمان علم الدين بدلاً من النائب الحالي كاظم الخير. هذه الأجواء الحامية، تبشر بمزيد من التصعيد في دائرة الشمال الثانية، لاسيما أنّ خيار المستقبل "التخلي" عن نائبه المنّاوي الوحيد بدا صادماً وغير متوقع، ولاقى اعتراضاً استثنائيّاً في الشكل والمضمون.
ورغم المعركة الطاحنة التي تشهدها المنيّة أخيراً، والتي نتج عنها ترشيح 23 مرشحاً يتنافسون على مقعدٍ واحد وأغلبهم من المحسوبين على تيّار المستقبل، لم يتوقع أحد أنّ يقصى الخير عن اللائحة الزرقاء لمصلحة علم الدين، الذي لم يكن يوماً على ودٍّ مع المستقبل. ذلك أنّ المعادلة الطبيعية كانت تقتضي: ترشيح المستقبل الخير، يقابله احتمال ترشيح علم الدين على لائحة العزم التابعة لرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.
حسم المستقبل خياره في المنيّة، والذي جاء بعد خلافاتٍ عائليّة كبيرة وآراء مستقبليّة انقسمت بين مؤيدٍ للمضي في ترشيح الخير وبين رافضٍ له. وكان ذلك في ظلّ تلقي عدد كبير من المرشحين وعداً بضمهم إلى اللائحة الزرقاء، ومن بينهم المرشح أحمد هاشم الخير الذي يقود حملته تحت شعار "التغيير".
إعلان علم الدين ترشحه على لائحة المستقبل، بعد يومٍ واحد من زيارة الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري إلى المنية، جاء من بيت الوسط حيث كان في زيارةٍ للحريري، وأعلن عبر رسالةٍ قصيرة عن تبني التيار ترشحه على لائحته.
وعلى الفور، تهافتت حشود شعبية إلى منزل الخير لدعمه بعدما وصفت قرار الحريري بـ"خيانة الخير". وانتشر فيديو للقائه مع جمهوره تحدث فيه عن "الوفاء"، وأشار إلى أنه كان مخلصاً ووفيّاً للحريري، مؤكداً استمراره بالترشح. "شعرنا منذ أشهر أن هناك مؤامرة ضدنا، ويبدو أنّ الرئيس الحريري أخذ خيار التخلي عنا، ونحن مستمرون بمعركتنا". ونتيجة هذا القرار، شهد تيار المستقبل في المنية استقالة 5 أعضاء من مكتبه، و18 عضواً من مجلس المنسقية، احتجاجاً على تبني المستقبل ترشيح علم الدين.
وتفيد معلومات "المدن" أنّه قبل 4 ساعات من إعلان علم الدين ترشيحه مع المستقبل، كانت أسهم المرشح معتز زريقة مرتفعة على لائحة المستقبل، قبل أن يجري استبداله في اللحظات الأخيرة بعلم الدين الذي التقط صورةً تذكارية مع الحريري، واتصل بجماعته للإعداد لمهرجان يعلن فيه برنامجه الانتخابي. واعتبر علم الدين أنّ تسميته مرشحاً على لائحة المستقبل لا تعني بالضرورة فوزه في الانتخابات، إنما ستكون خطوته الأولى في بدء حملته الانتخابية.
عمليّاً، قرار الحريري الاستغناء عن الخير سيغير قواعد اللعبة الانتخابية، وقد يزعزع فكرة "ضمان المستقبل المنية في جيبه"، في ظل فورة الانقسامات الحادة. والخير الذي كان يعدُّ من النواب "الثابتين" لدى المستقبل، والذي خلف والده النائب السابق صالح الخير منذ انتخابه للمرة الأولى في العام 2009، استطاع أن يستفيد من التمديد لتعزيز حضوره في المنطقة سياسياً وشعبياً وخدماتياً وعلى مستوى التواصل مع الناس.
في المقابل، تشير المعلومات إلى أنّ كوادر العزم في المنيّة تلقفت ما جرى مع الخير، وبدأت مساعي "اقتناص الفرصة" لخوض معركتها في المنيّة ضدّ المستقبل بمرشحٍ قوي ووسطي وله حضور بارز. إذ كان لافتاً وصول عدد من مناصري ميقاتي إلى دارة الخير فور تلقيه الخبر.
والخير الذي يصر على استمراره بالتحدّي، يحتاج عملياً إلى الانضمام إلى إحدى اللوائح المتنافسة، كي يتسنى له ردّ اعتباره بوجه المستقبل. فهل سنجد الخير على لائحة ميقاتي الذي لم يعلن بعد اسم مرشحه عن المقعد السني في المنية؟ ليس مستبعداً، لاسيما أنّ ميقاتي كان ينتظر ما سيؤول إليه صراع المستقبل لتحديد خياره في المنية.
تعليقات: