ام رفيق عواضة
لسنوات طويلة، وعلى مدار السنة من دون انقطاع، أهتم على غرار مزارعي التبغ، بموسمي الزراعي لبيعه بأسعار جيدة. عناية تجبرني على النهوض باكراً، في شكل شبه يومي، من أول أيار إلى أواخر آب من كل سنة. وما بين موسم زراعة التبغ وقطف المحصول وتجفيفه وبيعه، رحلة شاقة وطويلة يشترك فيها جميع أفراد العائلة.
انا من قرية عيترون الجنوبية، ولي عقود طويلة في زراعة التبغ. تجاعيد وجهي أبلغ تعبير عن ليالي السهر التي قضيتها في الاهتمام بهذه الزراعة. منذ الساعة الثالثة فجراً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، انهمك مع أفراد عائلتي في قطف المحصول "وشكّه" في خيطان لتكوين سلسلة من أوراق التبغ التي تجفف لاحقاً و"تُدكّ" لبيعها من مصلحة التبغ والتنباك في نهاية الموسم. يبدأ بعدها موسم جديد من حراثة الأرض بعمق لتهوئة التربة. ومع نهاية فصل الشتاء، تُحرث الأرض بعمقٍ أقلّ من أجل تفكيك التربة ونزع الأعشاب.
رغم تقدمي في السن وبلوغي الستين، إلا أنني ما زالت أعمل بنشاط كبير خلال الموسم. فالمحصول مدخول أساسي للعائلة، إضافة الى عمل أولادي الشباب في البناء والتعليم. الأرض تعطي من يعطيها، وكلما اهتم الشخص بها بطريقة أفضل، كان مردودها أقوى. وبعكس مئات السيدات اللواتي قررن التوقف عن زراعة التبغ لما تحمله من مشقات، أرفض ترك أرضي وإهمالها، أو استبدالها بزراعة أخرى.
تعليقات: